السبت، 19 فبراير 2011

شهوة الحكم

  
    نعم إن للحكم بريقا وإغراءً لا يستطيع أن يقاومه إلا من رحم ربى ، هكذا يثبت التاريخ وهكذا يقول علماء النفس .. فكم من جرائم ارتكبت للحفاظ على العرش والملك !! فالامبراطورة إيرين مثلا فقأت عيني ابنها ولي العهد لتنفرد بالحكم ! عاصرت هارون الرشيد
وكانت الوصية علي عرش روما الي أن يبلغ ابنها قسطنطين السادس السن القانونية لتولي العرش ولكن 'ايرين' ذات الشخصية الطموحة لا تريد أن تتنازل عن السلطة بهذه البساطة ، فقد حاكت مؤامرة أطاحت بابنها قسطنطين ، ولم تتركه لحال سبيله ، ولم تراعِ أنه ولدها، فقد أعماها حب السلطة عن كونها أمًا، وقررت أن تسمل عيني ابنها!وحكمت البلاد تحت اسم الامبراطورة أوجستا!والغريب أنها لم تستمر طويلا في السلطة فقد قاد أحد النبلاء واسمه 'نقفور' ثورة ضدها واستولي علي الحكم ، ونحاها عن السلطة.

     أما  السلطان محمد الثالث  (1567 – 1603) الذي تولى العرش بعد موت أبيه مراد الثالث سنة  1595 أمر بقتل إخوته التسعة عشر عند تسلمه السلطة حتى لا ينافسوه على الحكم
ولكن ذلك لم يفِده طويلاً فحكم ثماني سنوات ولاقى بعد ذلك نفس المصير الذي ألحقه بإخوته.. وكانت هذه عادة فى الدولة العثمانية أن يقتلوا أولادهم الذكور خوفاً من إثارة الفتن وفساد الملك واختلاف الكلمة وشق العصا بين المسلمين. وأفتى فقهاؤهم بجواز القتل إذا صار الغلام مراهقا مع القرائن الدالة على الفتنة ، فالسلطان سليمان القانوني قتل أفضل ولديه مصطفى (1553م) وبيزيد (1561م( ليفسح المجال لذلك أمام ابنه الآخر سليم من زوجته السلافية روكسلانة .. وكذلك قتل بيبرس قطز ليستولى على الحكم.
   وقد وضع ميكافيلى- صاحب مبدأ الغاية تبرر الوسيلة - كتابا أسماه الأمير عام 1513م لينصح الحكام بالتنازل عن أخلاقهم فى سبيل الاحتفاظ بالحكم فقال:
   علي الحاكم أن يتخلص من الأخلاق والقيم ، فإن من الأفضل (للحاكم) أن يخافوك (الناس) على أن يحبوك.
وقد عُني « ميكافيلي » بأن يكشف من التاريخ القديم ، ومن الأحداث المعاصرة له: كيف تُنال الإمارات ، وكيف يُحتفظ بها، وكيف تُفقد؟ .
وانتهى إلى رأي في السياسة يتلخص كما سبق بالعبارة التالية
الغاية تبرر الوسيلة " مهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق .

رأى أن أكثر الحكام لم يكونوا شرعيين ، ولم يكونوا ملتزمين المبادئ الأخلاقية الفاضلة ، وبذلك استطاعوا أن يصلوا إلى الحكم، وأن يضمنوا استقرار الحكم في أيديهم إلى حين.
بخلاف الحكام الشرعيين، والذين كانوا يلتزمون المبادئ الأخلاقية الفاضلة المستندة إلى الحق والعدل والخير، فإنهم لم يحققوا لأنفسهم النجاح المطلوب ، ولا المحافظة على الحكم ، كمحافظة الساسة الخائنين الغدارين المرائين المنافقين الكذابين. وهذا المبدأ هو ما يعمل به الآن أغلب الحكام.

    ويقول علم النفس أن الحاكم - و نحن هنا لا نقصد فردأ فقط وإنما فئة حاكمة أيضاً - قد يدمن على مظاهر الخضوع والتبجيل التي يتلقاها من الشعب بعد حوالي ثلاثين أو أربعين سنة فالحاكم في هذه الحالة يصبح كالمدمن على المخدرات أوالمصاب بالذهان حيث يفقد القدرة على إدراك أنه مريض مرضاُ خطيراً لا بد من معالجته. ومن هنا عدم اعتراف الحاكم وحاشيته بالأوضاع المتردية التي أوصلوا إليها البلاد والعباد نتيجة التدمير الشامل لأنشطة المجتمع المدني وتفاقم أحادية التفكير وشيوع الفساد إلى أبعد الحدود. بل إن النخبة المتسلطة حين تتحدث عن إصلاح ما فإنها تقدم حلولاً تجميلية أو مسكنات مؤقتة قد تنجح في بعض الأحيان في تأخير الإنفجار الكبير الذي لا مفر منه والذي له ميعاد محتوم وفق سنن وقوانين الاجتماع والتاريخ.
   أما حالة الشعب الذي تعرض لحالة استبدادية عنيفة وطويلة زمنياً فهي أشبه بعقدة ستوكهولم أو متلازمة ستوكهولم و"هو مصطلح يستعمله علماء النفس لتوصيف الحالة النفسية التي تعبر عن تعاطف وتعاون ضحايا الاختطاف والعنف مع مختطفيهم وجلاديهم السابقين وبصفة عامة تعكس عقدة ستوكهولم ميل الضحية إلى الدفاع عن المتسبب بالضرر أو العنف بشكل يتناقض مع سلوك الإنسان السوي.
  

    وقد أطلق على هذه الحالة اسم "متلازمة ستوكهولم" نسبة إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين Kreditbanken هناك في عام 1973، و اتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، و قاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم.
    يفسر علماء النفس هذه الوضعية بقيام الضحية ، التي تكون تحت وقع ضغوط كبيرة ،لاشعوريا بخلق آلية نفسية خادعة للتمسك بالحياة وخلق وسيلة للدفاع عن النفس ،
وذلك بخلق نوع من الألفة مع الجلاد أو المُختَطِف ويقوم بتأويل مبالغ فيه لكل إشارة إيجابية قد تصدر عن الجاني كمده ببعض الماء أو الطعام أو اتصال هاتفي مع أحد الأقارب أو مده بسيجارة ، بل قد يتحول إلى المشاركة مع الجناة في مقاومة تحريره خوفا من الفشل والتسبب في معاناة إضافية حيث تبدي الضحية تعلقا كبيرا بالجاني."
وهو ما يفسر لنا دفاع البعض عن النظام السابق رغم كل مساوئه.

نرمين كحيلة

وأشرقت مصر بنور الحرية

     لم أرَ مصر فى حياتى مثلما رأيتها ليلة أمس ؛ كانت تزدان شوارعها والأعلام ترفرف فى كل مكان كأنه عرس حقيقى وكانت مصر هى العروس التى ارتدت أبهى حلتها ، حتى الوجوه توجتها البسمة والفرحة والأمل والتفاؤل .. تلك الوجوه التى كنت أراها فيما سبق باهتة تعلوها الحسرة والقهر والإحساس بالظلم والاستعباد ، كنت أرى الناس ناكسى رؤوسهم ، أما اليوم فقد رأيتهم رفعوا رؤوسهم وعلت وجوههم نضرة النصر ونشوته .. وجدت الناس فى الشارع يوزعون الحلوى والشربات ويرقصون ويغنون رافعين علم مصر والزغاريد فى كل مكان .. وتذكرت الآية الكريمة التى تقول:"إذا جاء نصر الله والفتح ...... فسبح  بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا". أى أن الإنسان ينبغى له إذا أحرز نصرًا أن ينسبه لله عزو وجل وأن يسبحه ويستغفره من الزهو الذى قد يساور القلب أو يتسلل إلى النفس من سكرة النصر بعد طول الكفاح وفرحة الظفر بعد طول العناء وهو إحساس يصعب مقاومته فى القلب البشرى فمن هذا يكون الاستغفار.

    فقد انحنى النبى صلى الله عليه وسلم على ظهر دابته شاكرًا لله حين دخل مكة وسبح وحمد واستغفر كما لقنه ربه.. وكان هذا هو أدب يوسف عليه السلام فى لحظة النصر:"رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى فى الدنيا والآخرة توفنى مسلمًا وألحقنى بالصالحين". وكان هذا هو أدب سليمان عليه السلام حين رأى عرش ملكة سبأ حاضرا بين يديه قبل أن يرتد إليه طرفه:"فلما رآه مستقرًا عنده قال:"هذا من فضل ربى ليبلونى أأشكر أم أكفر".

   فالحمد لله على نصره ونسغفره ونتوب إليه ونسأله أن يحفظ مصر من كل سوء.
                                                                          نرمين كحيلة 




الاثنين، 14 فبراير 2011

معاهدة الاستسلام

أما آن للمعاهدة المشؤومة التى وقعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بين مصر وإسرائل أن تنتهى؟
أولا: لا يوجد معاهدة فى العالم مستمرة إلى يوم القيامة وإلا كان العمل بمعاهدة السلام التى وقعها الملك رمسيس الثانى مع ملك الحيثييثن ما زال مستمرًا إلى اليوم.

ثانيًا: هذه المعاهدة تخص السادات وحده ولا تخص الشعب المصرى فى شئ فقد وقعها السادات دون مشاورة من أحد ودون استفتاء من الشعب ومعرفة رأيه فيها وبالتالى فهى باطلة ومفتقدة للشرعية.

ثالثا: اليهود منذ عهد الفراعنة مرورًا بعهد النبى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لا يلتزمون يأية معاهدات ولا يعرفون السلام حتى وإن تظاهروا بذلك ، فقد عثر على بردية تثبت خيانة اليهود للشعب المصرى وتواطؤهم مع الهكسوس حيث عثر المصريون على جاسوس يهودى وهو يحمل رسالة لهم وقد تم القبض عليه رغم أن اليهود كانوا مواطنين على أرض مصر يأكلون من خيرها ويشربون من نيلها ومع ذلك لم يكونوا أبدًا مخلصين لها بل امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية تجاه شعبها القديم وهذا هو ما سطره كتابهم المقدس (التلمود) فقد قالوا: "اقتل الصالح من غير الاسرائيليين، ومحرم على اليهودي ان ينجي احدا من باقي الامم من هلاك او يخرجه من حفرة يقع فيها، لأنه بذلك يكون حفظ حياة احد الوثنيين"(5). او ". . . جميع المسيحيين، حتى افضلهم يجب قتلهم. ، أو ". . . يجب إزالتهم من سجل الأحياء، لأنه قيل عنهم من يأثم ضدي، سأزيله من سجل الحياة" وفى سفر التثنية بالتوراة: حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك ، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك. وإن لم تسالمك ، بل عملت معك حربًا، فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة ، كل غنيمتها ، فتغنمها لنفسك ، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هذه. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبعد منها نسمة ما. (التثنية، 20: 10-16). فلا يعقل أن من غدر بالنبى صلى الله عليه وسلم يفى لنا.

رابعًا:"قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ".. وقال أيضا: فى سورة الممتحنة آية رقم 9. "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من
دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون"..هذه الآية تنص على تحريم موالاة ومصادقة ومودة من يعادون الله ورسوله.

خامسًا: إسرائيل لم تحترم يومًا معاهدة السلام التى وقعتها مع مصر بل بالعكس هى كانت دائمًا تنظر لمصر على انها العدو الإستراتيجى الأول لها والدليل على ذلك كم المؤامرات والتجسسات على مصر التى استمرت على مدى ثلاثين عاما منذ توقيع الاتفاقية وحتى اليوم.. فضلا عن الصفقات التى عقدتها مع مصر فى مجالات الزراعة وغيرها وكلها تهدف إلى تدمير الشعب المصرى والقضاء عليه والإضرار بصحته.

سادسًا: مصر بطبعها لا تحارب أى دولة إلا إذا هاجمتها فكل حروبها دفاعية ، وهناك العديد من الدول التى ليس بينها وبين مصر معاهدات سلام ومع ذلك لا تحاربها وبالتالى فهذه المعاهدة ليس لها معنى بل بالعكس هى أغلال وقيود تقيد عنق مصر وتدمى معصمها.
سابعًا: ليس معنى أن يكون بيننا وبين أى دولة معاهدة سلام أن تنقلب هذه الدولة بقدرة قادر إلى صديق حميم كان بالأمس من ألد الخصام.. المفروض أن معنى المعاهدة هو وعد بعدم محاربة تلك الدولة وليس الاعتراف بها وصداقتها والتطبيع معها.

ثامنا: نقض هذه المعاهدة سيرهب إسرائيل ويثير مخاوفها ويقضى على اطمئنانها ويقض مضجعها وبذلك تعمل لمصر وللعرب ألف حساب أنها من الممكن وفى أية لحظة لو غدرت سنحاربها.. وقد قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" أى من باب هوب بعصاك ولا تضرب.. لا بد أن ترى إسرائيل عصانا مرفوعة فى وجهها دون أن نضربها بها حتى تلزم حدودها.
    ويقول الخبراء أن اتفاقية كامب ديفيد خطر يهدد الأمن القومي المصري فقد فجر الدكتور رضا مسلم - الباحث القانوني - مفاجأة من العيار الثقيل حين كشف عن أن اتفاقية كامب ديفيد أو ما يسمي بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26 مارس من عام 1979 تمثل مخالفة للدستور المصري وانتهاكا لقرارات الأمم المتحدة ومن ثم لايحق للمسئولين المصريين التمسك والالتزام بها .

   وكشف النقاب عن  أن الاتفاقية تخالف اتفاقية " فيينا " المتعلقة بالمعاهدات الدولية في مادتها رقم 35 التي تؤكد:  "كل معاهدة تعد باطلة اذا خالفت قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي".. وقد خالفت كامب ديفيد في جميع نصوص وثائقها قواعد القانون الدولي الآمرة ). وأضاف في كلمته امام الندوة التي عقدتها لجنة الشئون العربية بنقابة الصحفيين المصرية بالتعاون مع اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية تحت عنوان: "31 عاما علي اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني" بأن هذا أثار حفيظة الجمعية العامة للأمم المتحدة فأصدرت العديد من القرارات منها القرار 34/65  بتاريخ 29/11/1979تؤكد فيه بطلان المعاهدة لأنها خالفت كل قواعد القانون الدولي وأحكامه.
    ولفت إلي أن الاتفاقية شابها أيضا العوار القانوني والدستوري وأهم هذه المخالفات الدستورية  أن الرئيس أنور السادات قام بالتوقيع عليها دون العودة إلي مجلس الشعب أولا كما أنها خالفت الدستور في أنها أخرجت مصر من محيطها العربي والدستور ينص علي أن مصر جزء من الأمة العربية ؛ فعلى إثرها قاطعت الدول العربية مصر ونقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس .


    وبموجب هذه الاتفاقية - يضيف - فرطت مصر في السيادة الوطنية علي جزء من أرضها حين جعلت سيادتها علي سيناء منقوصة بموجب الاتفاقية المشئومة التي  فرضت عليها تحويل مطاراتها العسكرية في سيناء إلي  مطارات مدنية محظور عليها استخدامها في الأغراض العسكرية.
كما     فرضت عليها ترك مناطق شاسعة من سيناء خالية من السلاح ومناطق أخري لايسمح فيها بأي تواجد عسكري مصري مما جعل ثلثي سيناء منزوع السلاح وبالتالي يصعب الدفاع عنها إذا أرادت إسرائيل إعادة احتلالها كما هددت بذلك أكثر من مرة .

    وكشف محمد عصمت سيف الدولة - الناشط السياسي - النقاب عن أن أخطر ما في اتفاقية كامب ديفيد هو أن  مصدر السيادة المصرية الحالية على سيناء لم يعد  هو حقنا التاريخي فيها بصفتها جزء من أرض الوطن إنما مصدر السيادة الحالية وسندها هو اتفاقية السلام .
    ولفت الانتباه إلي أن هذه السيادة أصبحت  مشروطة بالتزامنا بأحكام الاتفاقية فإن رغبنا في إنهاء الاتفاقية والخروج منها ، يصبح من حق إسرائيل إعادة احتلال سيناء  بحجة أن انسحابها كان مشروطا بالاعتراف بها والسلام والتطبيع معها .

ووصف هذا البند من الاتفاقية بأنه أخطر آثار كامب ديفيد اذ تنص المادة الأولى من الاتفاقية فى فقرتها الثالثة على : "عند إتمام الانسحاب المرحلي المنصوص عليه فى الملحق الأول ، يقيم الطرفان علاقات طبيعية وودية " .

وشدد علي أن هذه المادة تعد مخالفة صريحة للمادة الثالثة من الدستور التي تقر حق السيادة للشعب بدون قيد أو شرط فتنص على : "السيادة للشعب وحده ، وهو مصدر السلطات ، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها .. ".

وأوضح أن كامب ديفيد هي بمثابة سلاح إسرائيلي مشهر في وجه الحكومات المصرية تضغط به لمنع مصر من امتلاك أسباب القوة حتي لاتتكرر تجربة حرب أكتوبر    1973فالاتفاقية تعطي إسرائيل  الفرصة للتدخل في شئون مصر الداخلية وتحديد كيف يتعامل النظام مع القوي السياسية فتضغط عليه لكي يستبعد القوي والتيارات المناهضة لإسرائيل وأن يصفها بالمحظورة لانها في زعم إسرائيل تقوم بالتحريض ضدها في ادبياتها السياسية وهو ما يخالف بندًا من بنود الاتفاقية المشؤومة . وأضاف بأن هذا ما أكد عليه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بقوله في إحدي محاضراته: "سنعود إلي سيناء إذا حدث في مصر ما لايرضينا" مشيرا إلي أنه كان من نتائج  تلك الضغوط الإسرائيلية استبعاد التيارات السياسية ذات التوجه العربي والإسلامي  من المسرح السياسي .
    كما تكونت طبقة من رجال الأعمال تري مصالحها  مع إسرائيل وأمريكا وليس مع محيطها العربي والاسلامي وأصبحت هذه الطبقة تمثل زواج السلطة بالثروة ومهمتها حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية داخل مصر . وأشار سيف الدولة إلي أن المنطقة تشهد حاليا صراعا بين مشروعين: المشروع الصهيوني الذي يسعي لإجبار كل القوي علي الاعتراف بمشروعية وجوده وبالتالي ضياع ارض فلسطين وحق العودة لملايين الفلسطينيين في الشتات وضياع القدس.

 والمشروع الثاني: هو قوي المقاومة التي تمثله حماس وفصائل المقاومة الأخري إلي جانب المقاومة اللبنانية وتسعي إسرائيل للإجهاز عليها لأنها تقف حجر عثرة أمام إعطاءها المشروعية التي تريدها .

    وانتقدت الناشطة السياسية كريمة الحفناوي تصدير الغاز لإسرائيل بسعر يقل عشرة دولارات في الوحدة الواحدة عن سعره العالمي رغم احتياج السوق المحلي لهذا الغاز وهذا السعر يعني حرمان الشعب من مبلغ اثني عشر مليون دولار مع صباح كل يوم .

وتساءلت بأي حق يتصرف النظام في ثروة أجيالنا من الغاز بدون العودة للشعب وكيف نعطي الغاز لإسرائيل بأقل من تكلفة استخراجه (دولار ونصف للوحدة ) ثم نعود لاستيراده بالأسعار العالمية من الجزائر والسعودية للوفاء بالاحتياجات المحلية ؟؟ مع علم النظام  بأن هذا الغاز سيشغل آلة إسرائيل العسكرية لتحتل المزيد من الأراضي الفلسطينية وتقتل المزيد من العرب وجنودنا علي الحدود !!.

ومن جانبه حذر الصحفي عبد العال الباقوري الذي أدار الندوة من خطر المطبعين مع إسرائيل لافتا إلي أنهم موجودين في كل القطاعات وعلي القوي الوطنية فضحهم وكشفهم للرأي العام .واصفا التطبيع مع إسرائيل التي تعربد في المنطقة وتمارس المذابح والحصار ضد الفلسطينيين يعد من اكبر الجرائم .
                                                             نرمين كحيلة




الثلاثاء، 8 فبراير 2011

فرعون وجنوده

    أثبتت الأحداث الماضية أن ما فعلته الشرطة والداخلية بالشعب هو جريمة بكل المقاييس فقد فر أفراد الشرطة كالجرذان المذعورة تاركين الشوارع بلا حراسة ولا أمن وكأنهم قد فروا من الزحف عند لقاء العدو وهذه كبيرة من الكبائر.. كان يجب أن يدافعوا عن أماكنهم بكل ما أوتوا من قوة حتى لو تعرضوا للقتل وقد أثبتوا أنهم أجبن من الشعب الذى واجه الموت بصدوره فى شجاعة متناهية. وكذلك فعلت الداخلية حين أطلقت صراح المسجونين وأطلقتهم على الشعب الأعزل بالسنج والمطاوى وقنابل المولتوف والسيوف.. وطبعا سيقولون أنهم لديهم أوامر بذلك وأنهم عبد المأمور يقول الله تبارك وتعالى عن فرعون ووزرائه وجنوده :"إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين") القصص 8(  وقال تبارك وتعالى:  "ونُري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" (القصص6) ، وقال تعالى": فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم" (الذاريات 40) ، وقال تعالى: وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ، وقال تعالى:"النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" . فقد سوى الله تعالى بينهم في الإثم والحكم) كانوا خاطئين) ، وفي العقوبة الدنيوية)   فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم  وفي عذاب القبرالنار يعرضون عليها غدوا وعشيا (، وفي العقوبة الأخروية يوم القيامة والنشور (ويوم القيامة لا ينصرون (، ووصفـهم الله جميـعًا ـ التابعـين والمتبوعين ـ بأنهم أئمة يدعون إلى النار .

  
فلم يفرق سبحانه وتعالى بين تابع ومتبوع ، ولم يصف الأتباع إلا بأنهم جنـود المتبوع ، وإنما استحقوا حكم المتبوع لمشاركتهم له في إجرامه وإفساده ، إذ لم يكن المتبوع ليتمكن من الإجرام إلا بجنوده الذين يطيعونه وينفذون إرادته. وإن أمرهم أطاعوه وإن كان أمره فيه كفر ومعصية لله تعالى ، وإن نهاهم انتهوا وإن كان في نهيه نهي عن طاعة وعبادة لله تعالى , وإن أمرهم بقتل وسجن العباد امتثلوا لأمره لأنه صاحب الأمر والنهي الذي يجب أن يُطاع لذاته ، بغض النظر هل هؤلاء الناس يستحقون القتل والسجن أم لا , فـهذه الجيوش كالوحوش الضارية على من يقترب بسوء من سياج الطاغوت الحاكم ومن حكمه ونظامه. فقد وصفهم الله بأنهم جميعاً قد استكبروا في الأرض ولم يستثن منهم أحداً ولذا حق عليهم جميعاً عقاب الله فقال " فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " وهنا أيضاً وصف الله الجميع بأنهم ظالمين حتى الجنود يدخلون تحت وصف الظالمين ربما كان جنود فرعون هذا الذي ذكر في القرآن عذرهم أكبر منكم فقد كان فرعون يقول أنا ربكم الأعلى وكان يقول ماعلمت لكم من اله غيري ومع هذا لم يعفهم الله من المسئولية عما حدث منهم نتيجة لتنفيذ قرارات وأوامر رئيسهم فلتنظروا إلى أنفسكم وإلى ما تفعلونه جيداً قبل أن يأتي أجل الله الذي لا مفر منه .
فتأتي الآيات لترسم صورة كل مستكبر ومن اتبعه في النار {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ}؛ فهل بخدمتنا لكم في الدنيا واستسلامنا لكم تدفعون عنا ولو جزءًا صغيرًا من العذاب والنار.
-إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ [البقرة 166]
(إذ) بدل من إذ قبله (تبرأ الذين اتُّبِعوا) أي الرؤساء (من الذين اتَّبَعوا) أي أنكروا إضلالهم وقد (و) قد (رأَوا العذاب وتقطعت) عطف على تبرأ (بهم) عنهم (الأسباب) الوصل التي كانت بينهم في الدنيا من الأرحام والمودة 2-وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة 167]
(وقال الذين اتَّبعوا لو أن لنا كرة) رجعة إلى الدنيا (فنتبرأ منهم) أي المتبوعين (كما تبرؤوا منا) اليوم ولو للتمني ونتبرأ جوابه (كذلك) أي كما أراهم شدة عذابه وتبرأ بعضهم من بعض (يريهم الله أعمالهم) السيئة (حسرات) حال ندامات (عليهم وما هم بخارجين من النار) بعد دخولها
وتعجبت جدا من موقف الجيش الذى وقف متفرجًا على المذبحة التى حدثت ضد المتظاهرين العزل من السلاح بحجة أنه لا يريد محاربة بنى وطنه رغم أن الآية الكريمة صريحة تقول:"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ إلى أمر الله"(الحجرات 9)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " (الحجرات 10) والحديث الشريف يقول أن من يرى مسلما يقتل ولا ينقذه فهو شريك فى الجريمة .. فقد تواطأ الجيش بسماحه للبلطجية بدخول الميدان وإزالة الحواجز لتسهيل المهمة ويبدو أنه أخذ أوامره هو الآخر من جهة أعلى.
                                                                                           نرمين كحيلة

الاثنين، 7 فبراير 2011

نعم للثورة .. لا لتغيير الهوية


    بينما كانت الثورة المصرية المجيدة تطلق أولى شراراتها ارتفعت حناجر ممن تصطاد فى الماء العكر للمطالبة بتعديل المادة الثانية فى الدستور حتى لا يصبح الإسلام هو مصدر التشريع.. وأقول لهؤلاء إن هذه الثورة قامت للوقوف ضد الظلم والفساد ولتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للمصريين ولم تقم لتغيير هوية مصر الإسلامية أو العربية.. ومصر ستظل إن شاء الله إسلامية ولن تخلع رداءها الإسلامى إلى يوم القيامة لأنها تستمد قوتها واستمرارها من الإسلام ولن تكون مصر أبدًا تركيا أخرى ولن يقوم فيها أتاتورك آخر، ولا يمكن ان تصبح مصر دولة علمانية. بل على العكس نحن ما تأخرنا إلا بسبب ابتعادنا عن الإسلام ولن ننتكس للوراء .. إن الدين هو جزء هام فى التركيبة الأساسية فى شخصية المصرى منذ عهد الفراعنة وحتى اليوم ولا يمكن تجاهله أو تهميشه.

      فقد جعل الإسلام من البدو الحفاة الفقراء قادة عسكريين وحكامًا يديرون سياسة الأمم وعلماء يبتكرون وينشئون ويشيدون.. أى حولهم من رعاة الغنم إلى رعاة الأمم كل ذلك فى فترة قصيرة من عمر الزمان. كذلك سوف يفعل الإسلام اليوم فى مصر فقد أصبح تطبيق الحدود والعقوبات الإسلامية ضرورة حتمية لما فيها من حزم وردع بعد أن رأينا الرشوة والتسيب ونهب أموال الشعب والفساد والخمور والمخدرات تنتشر حتى بين الشباب والأطفال  بحيث لم تعد هناك وسيلة للقضاء على كل هذه الانحرافات إلا بحدود الله وليس بقانون العقوبات المدنى الذى أثبت عدم جدواه  فالذى يسرق فيدخل السجن يخرج ليسرق مرة أخرى .. ولكن الحكم بالاسلام سوف يقضى على كل مظاهر الفساد والانحراف والجهل والفقر والمرض. فإذا طبقنا مثلا عقوبة قطع يد السارق هل يستطيع أحد أن يسرق بعدها ؟ من المؤكد لا ويكفى دليلا على ذلك أن هذه العقوبة لم تنفذ فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم سوى مرة واحدة وعهد الخلفاء الراشدين جميعهم لم يشهد سوى بضع مرات تعد على الأصابع مما يدل على أن العقوبة إذا طبقت فى مناخ إسلامى فلن تكون هناك حاجة إلى استعمالها لأنها رادعة ويحضرنى هنا كمثل بسيط عندما أصدر الاتحاد السوفيتى قرارًا بعقوبة الإعدام للمرتشى .. وعندما تقابل الزعيم الأمريكى بالزعيم السوفيتى قال له:"إن هذه العقوبة القاسية تدل على أن الحياة الإنسانية عندكم لا قيمة لها فقال له الزعيم الروسى:"حقيقة إنها عقوبة قاسية ولكن منذ أن أصدرناها لم تحدث حادثة رشوة واحدة ولم نحتاج إلى تطبيقها. وإذا طبقنا مثلا حد الحرابة على البلطجية الذين يروعون الآمنين ويقطعون طريقهم وعلى الذين قاموا بتفجير كنيسة الإسكندرية فهل سيجرؤ أحد على تكرار ذلك؟


    فقد قال الله تعالى:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"(المائدة 44) ،"وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك"(المائدة 49) .. ومعنى ذلك أن الله تعالى لن يرضى عن أى أمة مسلمة لا تطبق تعاليمه فى حياتها وفى دستورها وحكمها ولن يتحقق لهذه الأمة العزة والمجد الذين وعد الله بهما المؤمنين فى قوله تعالى:"وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين". ثم إن الإسلام به دستور كامل للحياة ورحم الله عمر بن الخطاب حين قال:"نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله". ولو كان الدين للآخرة فقط لما وجدنا تشريعات الميراث والزواج والطلاق....إلخ. أين تذهب هذه التشريعات إذا لم يكن الإسلام هو مصدر التشريع؟
   
    ويقول الدكتور أحمد شوقى الفنجرى فى كتابه:"كيف نحكم بالإسلام فى دولة عصرية؟" إن خير ما نفعله هذه الأيام هو وضع مبادئ الحكم التى جاء بها القرآن والسنة فى شكل دستور مكتوب محدد ومفصل وواضح المعالم.. ويجب تشكيل لجنة من كبار علماء القانون والدستور وكبار المفكرين وعلماء الفلسفة والتربية والاجتماع وحتى علماء الطب والنفس والهندسة.. إلى جانب علماء الشريعة الإسلامية من حملة الدكتوراة والتخصص فى الفقه الإسلامى.. ويكون هدف اللجنة وضع دستور إسلامى حديث بحيث يستمد كله من القرآن والسنة وبأسلوب وتبويب الدساتير العصرية مع مراعاة أحدث ما جاءت به نظم العلم الحديث فى الحكم والإدارة والتشريع وكفالة الحريات".

    فمن المعروف أن الحكم فى الإسلام يعتمد على الشورى وإلا فقد شرعيته فقد قال الإمام ابن عطية:"الشورى من قواعد الشريعة ومن تركها فعزله واجب" ولقد دخل العالم الإمام أبو مسلم الخراسانى على معاوية بن أبى سفيان فقال:"السلام عليك أيها الأجير" فاستنكر جلساء الخليفة وقالوا له:"قل السلام عليك يا أيها الأمير" فأعاد فى إصرار:"بل السلام عليك أيها الأجير" وهنا فطن معاوية إلى قصده وقال:"دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول. فقال:"إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الأمة لرعايتها فإن أنت داويت مرضاها وشفيت جرحاها وفَّاك سيدها أجرك وإن أنت لم تفعل عاقبك سيدك". ولم تكن هذه النظرة إلى الحاكم المسلم قاصرة على عهد الخلفاء الراشدين وحدهم حتى فى عهود الاستبداد والحكم الموروث وانحطاط الدولة الإسلامية كان الحاكم يعتبر نفسه أجيرًا لدى الشعب. وقد قال الحديث الشريف:"وأنا أشهد الله تعالى على من وليته شيئا قليللا أو كثيرًا من أمور المسلمين فلم يعدل فيهم أن  طاعة له .. وهو خليع مما وليته وقد برئت ذمم الذين معه من المسلمين وإيمانهم وعهدهم فيستخيروا الله عند ذلك ثم يستعملوا عليهم أفضلهم فى أنفسهم" .. وهذه هى ضمانات الإسلام لعدم استبداد الحكام.

   وقد ظل جميع المستشرقين فى الغرب حتى يومنا هذا يتعجبون من روعة هذا التشريع الإسلامى الذى كان فى القرن السادس الميلادى يعتبر الحاكم مجرد أجير يمكن عزله أو قبض الراتب عنه أو سحب التوكيل منه فى حين كان الحكام فى أوروبا إذ ذاك يعاملون كأنصاف آلهة.
   
    ومن مصلحة الجميع أن تحافظ مصر على هويتها الإسلامية  فالأقباط واليهود لم ينالوا حريتهم إلا تحت عباءة الإسلام  فهم متساوون أمام القانون فى الحقوق والواجبات فالشرع يسميهم أهل الذمة أى أنهم فى ذمة الحكومة الإسلامية لا تتعرض لهم ولا تجبرهم على شئ يخالف دينهم.
   
    فهل هناك دستور آخر غير الإسلام يضمن للإنسان حياة مثالية ديمقراطية كالدستور الإسلامى؟ أفلا تعقلون؟
                             نرمين كحيلة

الجمعة، 4 فبراير 2011

كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟

في طرف القرية الصغيرة من الناحية القبلية وفي حضن الجبل كان يعيش فلاح فقير
في كوخ صغير وكلما ذهب الفلاح إلي أرضه وجد بجوار الكوخ القريب من الأرض دينارا ذهبيا! فيأخذه ويحمد الله علي رزقه .ولكن التفكير يشغل باله ، من أين يأتي الدينار الذهبي؟ ومن الذي يضعه؟ و صمم علي أن يعرف من هو صاحب الدنانير الذهبية التي تأتيه صباح كل يوم ويضعها بجوار الكوخ.ولم ينم ليلته ، وظل يراقب جانب الكوخ متخفيا، حتى رأي مالم يتوقعه أبدا! فلقد رأي الحية التي تسكن الجحر الموجود بطرف الجبل ، والمجاور لقطعة أرضه وكان يخشاها هو وأفراد أسرته ، ولكنها لم تقبل في يوم من الأيام علي إيذائهم .رأي الحية تمسك بالدينار الذهبي ، وتضعه بجوار الكوخ .. يا الهي ما هذا ؟ هل الحية تعرف ضيق عيشي ؟ هل تعرف فقري؟ أم أرسلها الله تعالي لمساعدتي؟.من المؤكد إن لديها من الدنانير الذهبية الكثير والكثير ماذا لو قتلتها واستوليت أنا علي تلك الدنانير، وأصبح غنيا وأشتري كل الأراضي التي تقع حول أرضي ، وأبني قصرا أسكنه مع أسرتي ، وصمم علي قتلها  فترصدها ، وصباح يوم أخذ فأسه رافعا إياه في وضع الاستعداد لقتلها ،عندما تمر لوضع آخر دينار(علي حد تفكيره) وإذا بها تمر دون أن تشعر به لتضع الدينار في مكانه شأن كل يوم.. فأنزل الفأس عليها بقوة ، فإذا به يقطع ذيلها ولم تمت .. وهنا أصابه الهلع واستولي عليه الخوف ، وأخذ يجري ولا تقوي ساقيه علي الجري ولكنه هرب وعادت الحية إلي جحرها حزينة !!وعاد الفلاح يترقب خوفا من الحية.. فإذا به يلقاها علي رأس أرضه ولم يكن يتوقع ذلك.فقال لها وهو يرتجف من شدة الخوف هلا تغفري لي ذلتي وذنبي الذي اقترفته في حقك ، ولن أعود إلي ذلك أبدا؟؟ ونعود كما كنا من قبل فقالت له: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك !!أي كيف أعود كما كنا وهذه أثر خيانتك.

   تذكرت تلك القصة وأنا أتابع حديث الرئيس مبارك عن أمله فى أن يمنحه الشعب المصرى فرصة لتحقيق مطالبه فكيف نعاوده وأثر دماء شهدائنا لم يجف بعد؟ وكيف نعاوده وآثار الفقر والفساد والمحسوبية والرشاوى والعنوسة والبطالة مازالت موجودة ؟ إن الرئيس مبارك لا ينبغى له أن يستمر فى الحكم لأسباب منها:
-         فقدان هيبته واحترامه كرئيس فى نظر شعبه.
-         انعدام ثقة شعبه فيه إذ لم يعد الشعب يصدق أيًا من وعوده.

وقد قال مبارك فى أول خطبة له بعد توليه الحكم أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى وكذب.

- منطقيا لا يمكن تصديق أن ما لم يتحقق على مدى ثلاثين عامًا يمكن أن يتحقق فى بضعة شهور وهذا هو مبرر كل كافر ومجرم فى كل زمان ومكان ؛ فيوم القيامة سيقول الكفار لله عزو وجل:   وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ. (السجدة 12)  أى سيطلبون من الله أن يعيدهم إلى الدنيا ليعملوا صالحا.

ويقول الله عز وجل:"ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.أى لو أعطاهم الله الفرصة مرة أخرى لعادوا لكفرهم وإجرامهم وعنادهم. وإن كل كافر ومجرم له نفس المبرر فى كل زمان ومكان "وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون.البقرة 118
حتى فرعون عندما أدركه الغرق قال:"آمنت بالذى آمنت به بنو إسرائيل" فقال له الله:"آلآن وقد عصيت من قبل؟"

         - حديث النبى صلى الله عليه وسلم:"‏ ‏ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم‏:‏ رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دباراً، ورجل اعتبد محررا‏"‏. أى أن الله لا يقبل صلاة إمام يكرهه المأمومون ولا يوافقون عليه. فما بالك برئيس يكرهه شعبه ولا يوافقون عليه؟


    ذكرتنى أيضا فترة الثلاثين عامًا التى قضاها مبارك فى حكمه بالعيد الثلاثينى للفرعون المعروفة أيضًا بطقوس “الحب سد”،  حيث كان هذا العيد يحتفل به منذ القدم أى قبل الأسرة الفرعونية الأولى 3100 ق.م إلى 2890 ق.م كما أنه ما زال عادة تمارسها بعض القبائل الأفريقية حتى الآن وقد استمر الإحتفال بهذا العيد فى شتى العصور حيث سجل قدماء المصريين بعض مناظر طقوسه على جدران المعابد فى  جميع العصور تقريباً حتى ما شيد منها فى مصر فى عصر الإحتلال الرومانى ، فكانوا يعتقدون أن قوة الزعيم تضعف بعد هذه المدة من الحكم ويبدأ فى الخنوع لمحكومية فينحاز ويتدهور حكمه كما يتحكم فيه الموظفين الذين فى يدهم السلطة أو لوهن الزعيم وكبر سنة وإصابته بأمراض الشيخوخة كالنسيان وغيره .. ألخ فإذا امتدت مدة حكم الزعيم لمدة 30 سنة أقاموا حفلاً دينياً وقضوا عليه فى السنة الثلاثين من حكمه ، وقد تطور التفكير فى مدة الثلاثين سنة بأن يثبت الحاكم أو الزعيم قوته بأن يصطاد أسداً أو يقتل عدوا أو يجرى لمسافات طويلة أمام شعبه ليريهم قوته وصحته فيشترى بهذا العمل البطولى سنين من حياته وحكمه ، وتطور التفكير فى هذا العيد الثلاثينى بأن يشترى الحاكم أو الملك أو الزعيم سنين أخرى بإسترضاء الآلهة بتشييد معبد جديد أو إضافة أروقة فى معابد مقامة .. إلخ أو تقديم قرابين خاصة فى حفل خاص يثبت فيها من فى يده الحكم بأنه يستمتع بالصحة والقوة البدنية التى تمكنه من استمراره فى الحكم. ويظهر وقد رفع يده اليسرى لأعلى ، بينما يمناه ممدودة في وضع رشيق ، وقد ثني في ذات الوقت ساقه اليمنى في الوضع واقفاً لتمر متعامدة أمام ركبته اليسرى.
    وتعجبت حقا لمن ينادون بخروج آمن للرئيس يحفظ له كرامته باعتباره رمزا لمصر لا يجب أن يهان ولا ينبغى محاسبته عما اقترفت يداه!! وهذا أيضا نابع من فكرة تأليه الحاكم ، فنحن شعب تعود أن يعبد حكامه حيث كان الفرعون سليل الألهة أو على الأقل المفوض من قبل الآلهة على الأرض وبالتالى لا يمكن محاسبته أو محاكمته أو حتى إقالته مهما بلغت به الشيخوخة أو المرض وهذا يتبين من التماثيل والنقوش التى كانت تصور فرعون مصر حتى وهو فى الثمانين من عمره بصورة شاب فى ريعان شبابه وقوته إذ لم يكن من المقبول أبدًا أن يتصور الفرعون وعلامات الشيخوخة تظهر عليه حتى لا يفقد هيبته أمام شعبه فالإله لا يشيخ ولا يمرض.. وهذا ما يفعله مبارك الآن فهو يصبغ شعره ويحاول أن يظهر بمظهر شاب قوى أمام شعبه ليثبت لهم أنه مازال قادرا على حكم مصر. وهذا ما رأيته بنفسى حيث شاهدت لافتات يحملها أنصار الرئيس كتبوا عليها:"الرئيس الذى عينه الله لا يمكن لأحد أن يقيله".

    أما أنا فأقول: ليس هناك أحد كبير على المساءلة والمحاسبة.. حتى الأنبياء أنفسهم حينما كانوا يخطؤون كان يلومهم الله فقد نزلت سورة كاملة تسمى سورة عبس تلوم النبى صلى الله عليه وسلم على عبوسه فى وجه الأعمى.. هل هناك مخلوق على وجه الأرض أفضل من النبى صلى الله عليه وسلم؟ إنه وهو أفضل خلق الله قال لرجل جاء يشفع فى حد السرقة لامرأة من أشراف قريش:"أتشفع فى حد من حدود الله؟ والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ولم يقل لايصح أن تقطع يد ابنتى ولا بد لها من مخرج يليق بكرامتها كابنة لنبى.. وهو القائل" إن من أهلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف عاقبوه" وقد قال الله تعالى:"ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين" (الحاقة 46) والوتين هذا هو عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات  منه الإنسان، فلو قدر أن الرسول -حاشا وكلا- تقول على الله لعاجله بالعقوبة وقطع شرايين قلبه ، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، لأنه حكيم ، على كل شيء قدير، فحكمته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه .. حتى سيدنا يونس عليه السلام حين أخطأ ونفذ صبره وترك قومه عاقبه الله بأن أدخله فى بطن الحوت ولولا أنه أفر واعترف بذنبه للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون. بل إن عمر بن الخطاب نفسه – رضى الله عنه – طبق حد شرب الخمر على ولده فلذة كبده وهو من أشراف قريش.. وعندما زنى أحد الصحابة رضوان الله عليهم جميعا تم تطبيق عقوبة الزنا عليه.. .. وإن حسان بن ثابت الصحابى الجليل وشاعر النبى صلى الله عليه وسلم تم تطبيق حد القذف عليه حين خاض فى عرض السيدة عائشة رضى الله عنها وتم جلده ثمانين جلدة..وعمرو بن العاص حين أخطأ ولده بحق القبطى شدد على معاقبته بل طلب أن تضرب صلعة عمرو نفسه لأنه لم يحسن تربية ابنه.. بل إن خالد بن الوليد بجلال قدره وهو الصحابى العظيم الذى خاض حروبًا لنصرة الإسلام أقاله عمر بن الخطاب من منصبه واقتسم ثروته حتى أنه أخذ فردة حذائه وترك له الفردة الأخرى.
                    نرمين كحيلة