الثلاثاء، 31 مايو 2011

الشعب يحتاج لعلاج نفسى


   تلقينا الخبرالذى أذاعه برنامج بلدنا بالمصرى عن ضرب المدرس مجدى عطية محمد الشاعر مدير حضانة مركز شباب زفتى فى الغربية لتلاميذ ما قبل المدرسة  بمزيد من الأسى والحزن على انعدام الرحمة فى قلوب الناس وعلى تزايد العنف بين الناس ولكن الأعجب من ذلك هو خروج مظاهرة حاشدة بين التلاميذ وأولياء الأمور تستنكر عقاب ذلك المدرس وتصويره على أنه ضحية وأنه لا يستحق العقاب ، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن الشعب المصرى بعد طول فترة عذاب على يد مبارك ونظامه سنوات طويلة يستحق إعادة تأهيل نفسى لكى يتأهب للمرحلة المقبلة والفارقة فى تاريخه. إنها الصورة الأخرى من ظاهرة حب الضحية لجلاديه التى رأيناها من قبل فى المطالبة بالعفو عن مبارك.

   لا أحد ينكر أن الضرب وسيلة مهمة من وسائل التربية لكن بضوابط وشروط  أولها أن يتجنب منطقة الوجه تماما لأنها محل تكريم الإنسان فلا يجب إهانتها ، ويجب تجنب الرأس والمناطق الحساسة بالجسد. وثانيها: ألا يكون الضرب بقسوة وغلظة وإلا يؤدى لعاهة مستديمة ، وثالثها: ألا تتكرر أكثر من ثلاث ضربات فقد قاس العلماء ذلك بما حدث لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أتاه الوحى وضمه ثلاث ضمات آمرًا إياه بأن يقرأ ثم أطلقه. ولذا فقد استنتج العلماء أن الضرب لا يزيد على ثلاث. ورابعها: ألا نضربه بنعل أو ماشابه مما يفقده كرامته.. وقد أرشدنا النبى الكريم أن الضرب على الصلاة وغيرها يبدأ من العاشرة وليس قبل ذلك السن .. وخامسًا يجب أن يكون الضرب هو آخر وسيلة يلجأ إليها المربى بعد فشل كل الوسائل..وكفانا إحداث عاهات بأطفالنا فهذا طفل قد أفقده معلمه بصره وهذا طفل قد تسبب له معلمه فى الصمم وهذا طفل قد مات من شدة الضرب.

   أذكر أننى حين كنت طفلة بالمدرسة كان لنا مدرس يصر على ضرب طالبة زميلة لنا ضربًا مبرحا رغم أنها كانت مريضة بالقلب والأطباء منعوا ضربها حتى جاءت لها نوبة قلبية من شدة الضرب.. وكان يصفع البنات على وجوههن ويركلهن بقدمه ولأن الله يمهل ولا يهمل فقد أصيب هذا المدرس بالكبد ومات فى سن الشباب.

  فمن لا يرحم لا يرحم ، اتقوا الله أيها المعلمون فى أبنائنا نريد أطفالا متعلمين ولا نريد أطفالا مشوهين ، وإلا فقد الضرب وظيفته وأصبح مجرد وسيلة للتعذيب.
 نرمين كحيلة  

الثلاثاء، 24 مايو 2011

الكورية لازم ترحل

    لى صديقة كورية طلبت منى التعرف على الإسلام فاصطحبتها إلى ندوة يلقيها أحد القساوسة المعتنقين للإسلام يحكى تجربته وقصة إسلامه ولكننا فوجئنا بعد دخولنا أن القاعة كلها رجال ولا يوجد نساء فأصابنا الذهول لكننا اتخذنا مقعدًا فى آخر الصفوف الخلفية. كانت الندوة بعنوان "لماذا أنا مسلم" وفرحت جدا لأن هذا الموضوع هو محور سؤال واهتمام صديقتى أو على الأقل سيزيل سوء الفهم فى ذهنها عن الإسلام حيث قالت لى أن المرأة مضطهدة فى المجتمع الإسلامى وقالت أن معظم الشعب الكورى لديه هذا الفهم الخاطئ عن الإسلام وشبهات أخرى كثيرة..وطلبت منها أن تكتب أسئلتها فى ورقة ثم تعرضها بعد نهاية الندوة.
   
    إلا أننى فوجئت برجل يهمس فى أذنى ويقول لى والعرق يبلله وهو فى غاية الأسف والأسى:"أنا آسف جدًا يا أختى ، الحقيقة أنتما وجودكما غير مرغوب فيه من الإخوة المسؤولين عن المكان وهم مصممين أن تكون الندوة للرجال فقط ولا بد أن تنصرفا الآن فورًا ، ولقد حاولت جاهدًا أن أقنعهم بأن يسمحوا لكما بسماع الندوة لكن دون جدوى وهناك مشكلة كبيرة بسبب هذا الموضوع ، ولقد أعددنا لكما غرفة لانتظار المحاضِر بعد انتهاء المحاضرة إذا كنتما ترغبان فى مقابلته". ولكنى شرحت لصديقتى الموقف وأخذتها وانصرفت دون أن تعرف ما هو الإسلام وما موقفه من المرأة ولكنها تيقنت بالدليل العملى أن المسلمين لا يحترمون المرأة ويعتبرونها حيوان ، هكذا قالت لى بالحرف الواحد..وأحسست أننا لو لم نخرج سيرجموننا بالحجارة كما كانوا يرجمون صباح فى الفيلم ويقولون الغازية لازم ترحل ولكنهم هذه المرة سيقولون الكورية لازم ترحل.. وكأن المكان قد تنجس بوجودنا أو أننا سنردهم إلى عبادة الأصنام أو نفتنهم فى دينهم متناسين أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى عهده النساء يصلين خلف الرجال فى نفس المسجد ولم يطردهن أحد بحجة أن هذا المكان مخصص للرجال..كما أن الرجال فى الحج يطوفون بالبيت الحرام جنبا إلى جنب مع النساء ويقفون معهن على جبل عرفات دون فصل الرجال عن النساء وأن ما أتوا يعتبر بدعة ليست موجودة فى الإسلام وهى منع الإختلاط طالما له ضوابطه وشروطه.
.. وسيقابل هؤلاء القوم الله يوم القيامة بذنب منع شخص من التعرف على الإسلام.


    وتذكرت على الفور موقفا مشابهًا كان قد حكاه أحد مشايخنا العقلاء حيث قال:"إن بعض المسلمين وصل بهم الغباء إلى حد تنفير الناس من دينهم مثلما فعلت الدبة بصاحبها حين قتلته بدافع الحب ، فقد قال أحد أمراء إحدى ولايات بريطانيا لشيخ مسلم أنه معجب بالإسلام وأنه ينوى أن يعتنقه هو وجميع أفراد اسرته لكن بشرط أن يستمر فى شرب الخمر لأنه لا يستطيع الاستغناء عنه فأجابه الشيخ قائلا: لا يا سيدى لا يمكن أن تكون مسلمًا وأنت تشرب الخمر فعدل الأمير عن اعتناق الإسلام. ويعقب الشيخ على تلك الواقعة بقوله: انظر ماذا كان سيحدث لو أن هذا الأمير هو وكل أفراد عائلته اعتنقوا الإسلام؟ كان هذا سغير أشياء كثيرة وسيحسن من حال المسلمين فى بريطانيا وربما تبعه أهل ولايته ومن المؤكد أنه لو كان أسلم وتغلغل الإسلام فى قلبه كان سيقلع بالتدريج عن شرب الخمر وحتى لو لم يقلع فسيكون مسلما عاصيًا وهذا أفضل كثيرا من أن يكون كافرًا ". فقد تم تحريم الخمر بالتدريج فى القرآن ولم يأتِ فجأة.

   وقلت لنفسى سرًا لو استمرت بعض العقول المتحجرة على التفكير بذلك المنطق المتخلف فلن نتقدم كمسلمين خطوة واحدة ولن ينصلح حالنا ويسود ديننا..
نرمين كحيلة

  

الثلاثاء، 3 مايو 2011

لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه

    من أروع المشاهد التى تأثرت بها وأنا أقرأها مشهد وفاة "جلنار" زوجة "قطز" فى موقعة عين جالوت من قصة واإسلاماه للكاتب على أحمد باكثير فقد ذهبت "جلنار" إلى ساحة المعركة راكبة جوادها وهى بملابس الفرسان وقد أسدلت على وجهها قناعًا من الحرير الأسود وأخذت تقاتل ببسالة وشجاعة متناهية ، ولما طُعِنت صاحت قائلة للسلطان "قطز":"صٌن نفسك يا أمير فقد سبقتك إلى الجنة".

    ولأنها كانت متنكرة فلم يعرفها زوجها ولكنه تذكر صوت الفارس الملثم فارتاب فى أمره فقصد إليه وكشف عن وجهه فإذا هى زوجته "جلنار" فأضجعها على فراشه وأخذ يقبل جبينها والدموع تنهمر من عينيه وهو يقول لها:"وازوجتاه ! واحبيبتاه! فقالت له بصوت ضعيف متقطع وهى تحتضر:"لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه" ثم ما لبثت أن لفظت أنفاسها الأخيرة ، فطبع قطز على جبينها القبلة الأخيرة ومسح دموعه ونهض تاركا زوجته الشهيدة للطبيب والجوارى يتولون تجهيزها ، وخرج من المخيم فامتطى جوادًا طار به إلى ساحة القتال. ثم تقدم إلى الأمام وكشف عن خوذته وألقى بها فى الأرض وصرخ بأعلى صوته:"واإسلاماه".فسمعه الجند ورددوا معه نفس النداء.

     إن المتأمل لهذا المشهد البديع يستطيع أن يلاحظ أن السلطان "قطز" كبت حزنه على زوجته الشهيدة الحبيبة وحبس دمعه حتى قاتل التتار وانتصر عليهم لئلا يشغله الحزن عن نصرة دين الله.. فكأنما كانت كلماتها التى ماتزال ترن فى أذنه:"لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه" هى مفتاح النصر والدافع الذى من أجله رخص كل شئ ، حتى إذا ما انتهت الحرب رجع إلى نفسه وفكر فى مصابه وانفجر ما كان حبيسًا فى نفسه من الحزن فسالت دموعه حتى تقرحت جفونه..فقد كانت تجمعهما قصة حب عظيمة إلا أنها لم تشغلهما عن نصرة دين الله وظلت آخر كلمة تمسكت بها قبل أن تموت وأوصت بها زوجها من بعدها فكأنها أرادت أن تقول له: أرجوك لا تنشغل بوفاتى ولكن اشغل نفسك بالإسلام. وهذا ما نجده فى وصية الأنبياء لأولادهم قبل وفاتهم ففي قوله تعالى "ووصّى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بَنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" ، (132 البقرة .. ( نجد في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ذكر ما وصّى به ابراهيم ويعقوب أبنائهم وأنه قد اختار لهم الدين وهو الإسلام فأوصوهم بالبقاء حتى نهاية العمر على ملة الاسلام وعند الموت ، والوصية تكون ساعة اقتراب الأجل وفي نهاية العمر ويؤكد هذا المعنى الآية التالية لها قوله تعالى " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك ابراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون".(133البقرة (

     وما أحوجنا اليوم لتلك الكلمة عزيزى القارئ فأرجوك لا تقل واثروتاه بل قل واإسلاماه! لا تقل وامنصباه بل قل واإسلاماه! لا تقل وادنياه بل قل واإسلاماه! لا تقل واأسرتاه بل قل واإسلاماه!

  يجب أن يكون الإسلام أحب إلينا من أنفسنا وأولادنا وأزواجنا وأهلنا وأموالنا ودنيانا ، لا يجب أن يشغلنا عنه شئ حتى فى لحظات الموت.

نرمين كحيلة