الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

حكمة الاختلاف

لنا فى قصة موسى عليه السلام مع الخضردروسا عظيمة مستفادة فنلاحظ أن موسى عليه السلام كان يعتقد اعتقادًا راسخا أن الخضر مخطئ حين قتل الغلام وخرق السفينة وأقام الجدار للغلامين اليتيمين وبناءً عليه كان سيدنا موسى عليه السلام يرى نفسه على حق وغيره (الخضر) على باطل ولذلك فقد قال له حين رآه يخرق السفينة "أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرًا"(الكهف 71) أى شيئا عظيمًا أى أنه أنكر عليه فعله وبالتأكيد كان موسى عليه السلام يقولها بغضب وانفعال رغم أننا لا نشك أنه عليه السلام فعل ذلك من باب الشهامة والمروءة والحرص على الفقراء فهو يريد لهم الخير ولا يريد لهم الغرق لكن أسلوبه فى الاعتراض خاصة وأنه لا يعرف الحكمة من وراء ذلك دفعه إلى إنكار ما رآه مما دفع الخضر إلى معاتبة موسى وقال له:ألم أقل لك أنك لن تستطيع معى صبرا"(الكهف 72) فخجل موسى من نفسه لأنه تسرع ولم يصبر كما وعد واعتذر وقال:"لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا"
    وبعد ذلك بقليل وجد موسى الخضر يقتل ولدا صغيرا بدون ذنب فقال له بنفس نبرة الانفعال والغيظ والضيق:" أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً" (الكهف:74) "لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْرا".ً  هذه العبارة أشد من العبارة الأولى. في الأولى قال:{ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمرا }، ولكن هنا قال: { نُكْراً } أي منكراً عظيماً، والفرق بين هذا وهذا، أن خرق السفينة قد يكون به الغرق وقد لا يكون وهذا هو الذي حدث، لم تغرق السفينة، أما قتل النفس فهو منكر حادث ما فيه احتمال.
"قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً" (الكهف:75)
قوله تعالى: { أَلَمْ أَقُلْ لَكَ } هنا فيها لوم أشد على موسى، في الأولى قال: { أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ } وفي الثانية قال: { أَلَمْ أَقُلْ لَكَ } يعني كأنك لم تفهم ولن تفهم، ولذلك كان الناس يفرقون بين الجملتين، فلو أنك كلمت شخصاً بشيء وخالفك فتقول في الأول: "ألم أقل إنك"، وفي الثاني تقول: "ألم أقل لك" يعني أن الخطاب ورد عليك وروداً لا خفاء فيه، ومع ذلك خالفت، فكان قول الخضر لموسى في الثانية أشد: { أَلَمْ أَقُلْ لَكَ }، فقال له موسى لما رأى أنه لا عذر له:
  
    قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (الكهف:76)
قوله تعالى: { إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي } أي امنعني من صحبتك، وفي قول موسى:
(فَلا تُصَاحِبْنِي) إشارة إلى أنه - عليه الصلاة والسلام - يرى أنه أعلى منه منْزِلة وإلاَّ لقال: "إن سألتك عن شيء بعدها فلا أصاحبك".(بعد أن كان يظن سابقا أنه أعلم أهل الأرض بصفته نبى فقد تعلم الدرس أى أنه لا يستخف ولا يستهين بأحد حتى لو كان أقل منه)
" قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً " يعني أنك وصلت إلى حال تُعذَر فيها، لأنه أنكر عليه مرتين مع أن موسى عليه السلام التزم إلاَّ يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً.
"فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً")  الكهف:77) هنا تعجب موسى عليه السلام أن الخضر رغم أن القوم رفضوا ان يضيفوهما وبخلوا بخلا شديدا إلا أنه ساعدهم وبنى لهم الجدار الذى كان آيلا للسقوط دون أن يأخذ أجرا لقاء ذلك.
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف:78)
قوله تعالى: (قَالَ) أي قال الخضر لموسى: { هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } أي انتهى ما بيني وبينك فلا صحبة. { سَأُنَبِّئُكَ } أي سأخبرك عن قُربٍ قبل المفارقة { بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً }، وإنما قلنا: "سأخبرك عن قرب" لأن السين تدل على القرب بخلاف سوف، وهي أيضاً تفيد مع القرب التحقيق.
(بِتَأْوِيل ) أي بتفسيره وبيان وجهه.
إذن نستطيع أن نستخلص من هذه القصة أن موسى عليه السلام فقد فرصة عظيمة منحها الله له وهى فرصة أن يتعلم من هذا الرجل الصالح عن طريق مصاحبته وذلك لأنه اتهمه بأنه مخطئ ونستطيع أن نستنتج من كلام سيدنا موسى أنه ندم لأنه ضيع من يده تلك الفرصة بتسرعه فى الحكم على الآخرين بأن رأيهم أو تصرفهم خاطئ.  قبل أن يعرف الحكمة من وراء ذلك..وهذا ما نفعله نحن الآن حيث يتهم بعضنا بعضا بالجهل وعدم الفهم قبل أن نستمع للرأى الاخر فربما يكون صحيحا ونضيع على أنفسنا فرصة الاستفادة من آراء الآخرين.
وقد سمح النبى صلى الله عله وسلم نفسه بالاختلاف حين كانوا فى إحدى الغزوات مع يهود بنى قريظة فقال لهم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة" ففهم بعض المسلمين قول النبى عليه السلام أنه يقصد فعلا المعنى الحرفى للكلمة بأنه يجب أن يصلى العصر فى بنى قريظة فأرجأ الصلاة حتى ذهب إلى هناك ثم صلى ، أما البعض الآخر ففهم كلام النبى صلى الله عليه وسلم أنه مجازى لا يقصد المعنى الحرفى له ولكنه يقصد السرعة فى الذهاب فصلوا قبل أن يرحلوا ثم أسرعوا بعد الصلاة إلى هناك.. وعندما قابلوا الرسول عليه السلام حكوا له ما حدث فأقر المجموعتين ولم يعترض على أحد ولم يقل لأحد أنت مخطئ أنت لم تفهم كلامى أو كيف لم تنفذ أوامرى ؟ وهذا يدل على جواز تعدد الفهم والاختلاف طالما فى الخير.. فلا يصح لمن يقول أن النقاب أو اللحية فرض أن يفرض رأيه وفهمه على الآخر والعكس لأن مشيئة الله الاختلاف ألس الله بقادر على يجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول إن النقاب أو اللحية فرض بصريح العبارة ؟ وإلا فلماذا ظهرت المذاهب المتعددة من شافعى وحنبلى وحنفى ومالكى وظاهرى وغيرها كثير ؟ لو كان الحق له وجه واحد لكان هناك مذهب واحد فقط ..ولننظر مثلا لاختلاف الليل والنهار واختلاف الفصول الاربعة بل إن أصابعنا نفسها مختلفة وألواننا وجنسياتنا وألسنتنا"إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ".."واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"، "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" والحكمة تقول:"لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع" يعنى الاختلاف هو إرادة الله ومشيئته أليس الله قادرا على أن يجعل الناس كلهم يفكرون بنفس الطريقة ويفهمون نفس الفهم؟ لكنه لايريد ذلك هو لا يريد ماءً راكدا بل يريد ماءً متجددا ، فالاختلاف فيه إثراء للحياة وتنوع جميل.


نرمين كحيلة

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

الحاكم أولا

    عجبت لمن ينادى بالدستور أولا أو انتخابات مجلسى الشعب والشورى أولا قبل انتخابات الرئاسة فمن أولى المشاكل التى تواجهنا الآن هى اختيار رئيس على وجه السرعة ينقذ البلاد والعباد من حالة الفوضى والبلطجة التى نعيشها الآن ولا اعرف لماذا يتأخر المجلس العسكرى فى إجراء انتخابات رئاسية سريعة ؟ فقد اجتمع المسلمون بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فى سقيفة بنى ساعدة ليختاروا لهم خليفة قبل أن يدفنوا النبى صلى الله عليه وسلم وذلك لعلمهم بأهمية تنصيب إمام للمسلمين تفوق أهمية دفن النبى عليه السلام لما يمكن أن يحدث من فتنة وفساد فى الأرض إذا بقيت الأمة بدون حاكم لأنه بدون حاكم أو رئيس تحدث فوضى عارمة كما هو الحال الآن..ولنتأمل موقف الصحابة رضوان الله عليهم جيدا فهم اختاروا أبا بكر باقصى سرعة ومنها استنتج العلماء أن سرعة تنصيب حاكم للمسلمين أمر فى منتهى الأهمية وهو ما جعل أبو بكر رضى الله عنه يختار عمر بن الخطاب ويوصى له بالخلافة من بعده قبل وفاته خشية تكرار حدوث خلاف بين المسلمين كما حدث بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ، ودعا الله وأشهده أنه ما فعل ذلك إلا لمصلحة المسلمين وتجنيبهم شر الفتنة والخلاف ، وكذلك فعل عمر بن الخطاب حين قام بترشيح ستة من الصحابة ليختاروا من بينهم واحدا يكون هو الخليفة فاختاروا عثمان ، أما على بن أبى طالب كرم الله وجهه فقد تولى فى اليوم التالى لمقتل عثمان..بل إن قطز- قاهر التتار- حين قتله بيبرس كان أهم ما يشغل باله وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة هو مصير المسلمين من بعده ومصير مصر والمصريين فأوصى لبيبرس بولاية مصر من بعده وأمر الناس بالسمع له والطاعة حتى لا تقع فريسة بين فكى أعدائها فهناك شئ اسمه فقه الأولويات.. وقياسًا على ذلك كان يجب اختيار رئيسا لمصر فى نفس الأسبوع الذى تم فيه خلع الرئيس السابق وعدم الانتظار إلى شهر سبتمبر أو شهورا أخرى.
نرمين كحيلة





السبت، 3 سبتمبر 2011

هز الهلال يا سيد

   من مهازل هذا القرن هو عدم توحيد المطالع فكل دولة تختلف فى رؤية هلال رمضان ؛
يقول أبو عبد الله الدرعمى:"ففي كل عام ما إن تقترب ليلة رؤية هلال رمضان إلا وترى الأمة منقسمة إلى فريقين.. فريق يرى وحدة المطالع وفريق يرى اختلاف المطالع..وكل فريق عن رأيه يدافع..
أسأل الله أن يوحد الأمة على كلمة واحدة اللهم آمين آمين آمين
أقول بالله مستعينا: أرى أن وحدة المطالع للدول التي تشترك في جزء يسير من الليل هو الرأي الصحيح بإذن الله تعالى وذلك من وجوه:

 -
 فما الداعي إلى تفريق الأمة في شهر وتجميعها في شهر آخر، أعني تفترق الأمة في شهر رمضان ثم تجتمع جبرا على ذي الحجة لإقامة شعيرة الحج والوقوف بعرفة.. فإن قال قائل بجواز التفريق في الهلال في رمضان ، أقول: قياسا عليه يجوز التفريق في الوقوف بعرفة وعندئذ وجب على أهل السعودية أن يخصصوا يوما لأهل مصر لأنهم اختلفوا معنا في الرؤية وهذا يوم المغرب وهكذا وبذلك تختلف الأمة ، فإن كان توحيدها حتما في عرفة فلماذا لا توحد من باب أولى في جميع العام..

 -
إن قال قائل باختلاف المطالع ، سألته: ما الفرق بين تبوك بالسعودية والعقبة بالأردن ونوبيع بمصر(مع العلم أن المسافة بينهم لا تتعدى الوقت اليسير)؟؟... أليست كلها بلاد إسلامية.. أم إن الخلاف أن هذه تتبع دولة والأخرى تتبع دولة أخرى.. أليست هذه التقسيمات بين بلاد المسلمين - أعني بذلك الحدود - هي من وضع الغرب؟؟ هل لأن هذه التقسيمات وقعت من الغرب جاز لنا أن نقسم التشريع بين بلاد المسلمين؟؟
فإن قال نعم يجوز أن نقسم لأن هذه تتبع دولة أخرى. أقول: لقد قلت حينئذ مقالة عظيمة تقر فيها هذه القسمة التي وضعها الغرب لبلاد المسلمين..

 -
أقول: من قال باختلاف المطالع لا يجوز له أن يوحد الصيام في الدولة الواحدة أعني أنه لا يجوز أن يصوم أهل مكة برؤية أبها مثلا..أو أهل المدينة برؤية حفر الباطن وكذلك الحال عندنا في مصر لا يصوم أهل الأسكندرية برؤية الصعيد وهكذا..فإن قالوا نعم يجوز لأنهم بلغوا بالهاتف أقول وما الفارق بين تبوك والعقبة ونوبيع؟؟؟

-
 إن قال قائل بعدم جواز تبليغ الرؤية بالسبل المتطورة - بين الدول- كالجوال مثلا والهاتف أقول ما قلت قبلا بعدم جواز صيام أهل مكة برؤية أبها...وإنما يكون الحال ما إن يرى أهل مكة الرؤية حتى يجهزوا فرسا قوية وعليها راكب يسير من بعد المغرب إلى قبل الفجر وهذا المطلع ينتهي بما وصل إليه الراكب بدخول آذان الفجر فلنقل دائرة قطرها مثلا 40 أو 50 كم..

-
 قول النبي -صلى الله عليه وسلم"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"

 -
قبول النبي- صلى الله عليه وسلم- بشهادة الرجل الواحد في رؤية هلال رمضان.
وحتى لا نقع في مثل ما وقعنا فيه من قبل..إن قال قائل إننا رأينا عطارد أو المريخ أو زحل أقول...هذا كذب من وجوه..

-  معروف عند أهل الفلك أن الكوكب لا يمكن رؤيته بالعين المجردة إلا على شكل نقطة أو نجم ولكن أكثر سطوعا مما يتعارض مع شكل الهلال المعروف بين أوساط الناس جميعا..
-
 فرضا أننا استطعنا رؤيته وإن كان هذا مستحيلا كان سيكون على شكل دائرة وليس على شكل الهلال المعروف.
 
 - نفترض أن هذا ممكن الوقوع وممكن حدوث اللبس بين عطارد أو أي كوكب آخر.. كان الرسول- صلى الله عليه وسلم حينئذ يبين للناس كيفية التحقق من الهلال لأن هذا من الدين ودين الإسلام كامل من عهد النبي صلى الله عليه وسلم " اليوم أكملت لكم دينكم"
أما عن الحساب الفلكي: فهو باطل من وجوه عديدة منها:
- قصور الحساب الفلكي حتى وقتنا الحاضر: لا يستطيع علماء الفلك تحديد مواعيد الصلاة مستخدمين الحساب الفلكي وهذا بشهادة علماء الفلك باختلاف مواعيد الصلاة عن تلك الموجودة في التقويم..

 - قول النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما روي عن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «نحن أمة لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وأشار بيده إلى تسع وعشرين وثلاثين»..
*
لا نحسب أي إننا لا نبني أحكام شريعتنا على الكتاب والحساب ولهذا جميع العبادات الموقتة بوقت وقتت بأمور محسوسة يستطيع أن يتعرفها المتعلم والعامي المقيم والمسافر الراعي والفلاح"
ومن الطريف أن رؤية هلال رمضان مرت بمراحل على مر التاريخ
فكان الخليفة يخرج في مهرجان إعلان حلول شهر رمضان من باب الذهب "أحد أبواب القصر الفاطمي"، متحليًا بملابسه الفخمة وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم بسروجها المذهبة ، وفي أيديهم الرماح والأسلحة المطعمة بالذهب والفضة والأعلام الحريرية الملونة ، وأمامهم الجند تتقدمهم الموسيقى ، ويسير في هذا الاحتفال التجار صانعو المعادن والصاغة ، وغيرهم الذين كانوا يتبارون في إقامة مختلف أنواع الزينة على حوانيتهم فتبدو الشوارع والطرقات في أبهى زينة..


وكان موكب الخليفة يبدأ من بين القصرين "شارع المعز بالصاغة الآن"، ويسير في منطقة الجمالية حتى يخرج من باب الفتوح "أحد أبواب سور القاهرة الشمالية"،ثم يدخل من باب النصر عائدًا إلى باب الذهب بالقصر، وفي أثناء الطريق توزع الصدقات على الفقراء والمساكين ، وحينما يعود الخليفة إلى القصر يستقبله المقرئون بتلاوة القرآن الكريم في مدخل القصر ودهاليزه ، حتى يصل إلى خزانة الكسوة الخاصة ، فيغيِّر ملابسه ويرسل إلى كل أمير في دولته بطبق من الفضة مملوء بالحلوى ، تتوسطه صرة من الدنانير الذهبية وتوزع الكسوة والصدقات والبخور وأعواد المسك على الموظفين والفقراء، ثم يتوجه لزيارة قبور آبائه حسب عاداته ، فإذا ما انتهى من ذلك أمر بأن يكتب إلى الولاة والنواب بحلول شهر رمضان.

     وفي عام 155هـ خرج أول قاضي لرؤية هلال رمضان وهو القاضي أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة الذي ولي قضاء مصر، وخرج لنظر الهلال ، وتبعه بعد ذلك القضاة لرؤيته ؛ حيث كانت تُعَدُّ لهم دكّة على سفح جبل المقطم عرفت بـ " دكة القضاة"، يخرج إليها لنظر الأهلة ، فلما كان العصرالفاطمي بنى قائدهم بدر الجمالي مسجداً له على سفح المقطم اتخذت مئذنته مرصدًا لرؤية هلال رمضان.
    وهذا لقاء أجري العام الماضي لشخص استطاع معرفة ليلة القدر وبحث عن تحديد ليلة القدر من خلال تقديم بحوث في هذا المجال مما جعل الجميع يندهش من نتائج هذه البحوث هو الشيخ ممدوح الجبرين رحمه الله واسكنه فسيح جناته
وقد حاوره ماجد المسمار  بدر المشعان
حيث يذكر انه يستحيل دخول شهر رمضان يومي الأحد والجمعة ؟
 والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في الْوِتْرِ من الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ من رَمَضَانَ ) رواه البخاري .
فإذا دخل يوم الأحد أو يوم الجمعة أصبحت ليله القدر في الأعداد الزوجية التي هي ليله الثلاثاء .
وقد حدد الشيخ ممدوح الجبرين ليلة الثلاثاء الفردية في العشر الأواخر من رمضان بأنها ليله القدر .
تم تحديد ذلك بعد متابعه وملاحظه عدد من السنوات لشعاع الشمس صبيحة يوم ثلاثاء الفردي في العشر الأواخر من رمضان بأن تطلع الشمس بيضاء لا شعاع لها من عام

وقال أن ليله القدر ليست في علم الغيب وهناك أدله كثيرة على ذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ما أَقُولُ فيها قال (قُولِي اللهم إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ) رواه الترمذي وغيره. فتذكر عائشة رضي الله عنها أنها إذا علمتها . فلو كانت غيبية لقال لها صلى الله عليه وسلم أنها في علم الغيب .ولا يستطيع احد أن يعرفها .
روى مسلم رحمه الله في صحيحه أن صاحب رسول الله أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال :
والله الذي لا اله إلا هو إنها لفي رمضان ، و والله إني لأعلم أي ليلة هي ، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين . فهل يحلف صحابي على علم الغيب .
وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

((خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحم فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة))
فهل يأمرنا رسول الله بالتماسها وهي من علم الغيب.
وبمعرفة وقت ليلة القدر نستطيع أن نحدد دخول الشهور المتبقية ويوم عرفة وعيد الأضحى وكذلك معرفه بداية السنة الهجرية .
وستطيع معرفه شهر رمضان من خلال عدد أيامه 30 يوم أو 29 يوم؟
بمعرفة ليلة القدر فإذا كانت ليله القدر تصادف ليله 27 فأن الشهر يكون كاملا .
وعلى هذا فان شهر ذي الحجة يكون مشابها لرمضان في عدد أيامه.
بذلك نكون قد ضبطنا دخول السنة الهجرية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لا ينقصان.
وهو يرى أنه على الدول الاسلامية أن تتفق أذا تم مشاهدة الهلال من مسلم في أي مكان على سطح الأرض أن يكون صيامهم في يوم واحد . وإفطارهم في يوم واحد فنحن أمة إسلاميه واحدة . فليلة القدر ليلة واحدة وهي ما يثبت دخول رمضان في ليلة واحدة على الكرة الأرضية .
وإن أول نزول القرآن كان في ليلة الثلاثاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن هذا اليوم قال : ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل *عليّ فيه وهاجرت فيه.
فتكون ليله القدر هي ليله الثلاثاء في الأيام الفردية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك .
وقد شاهدت برنامج آخر لباحث مصرى حاول رصد شكل الشمس فى سنوات مختلفة لتحديد ليلة القدر حسب وصفها فى الحديث الشريف أنها تطلع فى ليلة لا شعاع فيها مثل القمر وأثبت هذا الباحث أن ليلة القدر كانت تطلع لمدة سنوات عديدة فى ليالى زوجية وليست وترية بسبب خطأ فى رؤية هلال رمضان.. يعنى المشكلة قائمة منذ زمن وليس الآن وتذكرت حديث الشيخ كشك رحمه الله وهو يقول أن فى سنة من السنين كانت مصر على خلاف مع السعودية فقررت أن تخالفها فى رؤية هلال شهر رمضان بلكى تعاندها وجعلوا شيخا كبيرا فى الأزهر يطوف بمصر كلها يقول أن رمضان ليس غدا..يعنى هناك تلاعب بالدين لخدمة السياسة..
    والكاتب الكبير أحمد بهجت له مقالة ساخرة فى هذا الموضوع فى عموده نصف كلمة يقول فيها: كل سنة وانتم طيبين لو العيد النهاردة وكل سنة وانتم طيبين لو العيد بكرة وكل سنة وانتم طيبين لو العيد بعد بكرة.. والمضحك فى الأمر أن كل دولة تختار لنفسها يوما مختلفا عن الدولة الأخرى لتحتفل بالعيد فهناك دول تؤكد أن رمضان هذا العام 30 يوما وهناك دولا أخرى تؤكد ان رمضان هذا العام 29 يوما بل ووصل الأمر إلى أن العراق فى سنة من السنين احتفل فيه السنة بالعيد فى يوم والشيعة فى يوم آخر كما لو كان القمر الذى يطلع على دولة ليس هو القمر الذى يطلع على باقى الدول بينما الصحيح أن الهلال إذا رؤي فى دولة ما فجميع الدول تصوم تبعا لذلك وهذا ما أوصى به المؤتمر الإسلامى إلا أن خلافات المسلمين حالت دون تطبيق ذلك..لأن ذلك سيجعل ليلة القدر ليلتان وليست ليلة واحدة وهذا لا يجوز.. ووصلت المهزلة إلى حد أن مصر تحدد يومًا مختلفا عن السعودية للفطر بينما تتفق معها فى يوم عرفة وعيد الأضحى حتى أننا حذفنا يوما لنتماشى مع التاريخ الذى حددته السعودية للحج يعنى كان عندنا فى مصر مثلا اليوم الثامن من ذى الحجة فقالوا لنا اجعلوه التاسع من ذى الحجة.. أليس هذا سفها وحمقا وغباءً؟؟ فما الذى جعلنا منذ البداية نخالف السعودية ونضطر فى النهاية للوقوع فى هذا المأزق؟؟ والكارثة أن المسلمين ليسوا فقط غير قادرين على تحديد رؤية الهلال بل إنهم أيضا غير قادرين على تحديد وقت صلاة الفجر إذ أن هناك باحثا مصريا هو الدكتور محمد سعيد متولى إبراهيم بجامعة الأزهر أثبت أن وقت صلاة الفجر بالحساب الفكى المعمول به فى مصر متقدم بنحو عشرين دقيقة عن دخول الوقت الشرعى بطلوع الفجر الصادق حسب علاماته الشرعية ، وأن وقت المغرب ودخول وقت العشاء بذات الحساب غير صحيح أيضا إذ لا يطابق كل هذا ما جاء فى السنة.
نرمين كحيلة