السبت، 29 نوفمبر 2014

فرعون موسى وفراعنة هذا العصر






    كنت كلما قرأت الآيات التى تحكى قصة فرعون مع موسى أظن أن هذه القصة هى فريدة من نوعها ولن تتكرر ، لكنى اليوم فقط أدركت أن الله تعالى ذكر لنا هذه القصة ليعطينا درسًا فى أى فرعون يأتى بعده سواء فى مصر أو فى أية دولة أخرى.
    فبالمقارنة السريعة بين فراعنة اليوم والأمس نجد أن فرعون الأمس كان يقتل بنى إسرائيل وليس بنى وطنه من المصريين..فرعون الأمس كان ديمقراطيا يستمع للرأى الآخر المعارض له بدليل أنه عقد مناظرة علنية تم الاتفاق على موعد محدد ليشهدها المؤيدين والمعارضين فكان يوم الزينة وسمح لموسى عليه السلام بأن يعبر عن رأيه ويعرض ما عنده أمام الرأى العام ثم الناس تحكم بعدها ، أما فرعون اليوم فقد كمم الأفواه واحتكر الإعلام  ومنع أصوات المعارضين وسمح فقط لأصوات المسبحين بحمده ليل نهار أن يظهروا على الشاشة وتم تخوين أى معارض..فرعون الأمس كان يقتل الصبيان ويترك البنات أما فرعون اليوم فلا يرحم لا بنت ولاولد ولا شاب ولا عجوز..أسمع قائلا يقول:نعم لكن فرعون الأمس كان كافرا لكن فرعون اليوم مسلمًا ..الإجابة بمنتهى البساطة أن القضية الأساسية فى القصة ليست قضية الكفر والإيمان بل قضية الظلم الذى وقع بفئة من الناس ، فعندما ذهب موسى عليه السلام  لمقابلة فرعون لم يطلب منه أن يؤمن بل طلب منه أن يرسل معه بنى إسرائيل ليخرجوا من مصر.. نعم ذكر الله تعالى مسألة كفر فرعون لكنها كانت قضية فرعية فى معرض الكلام..أى أن فرعون لو كان قد وافق على طلب موسى فى أن يسمح له هو وبنى إسرائيل  بالخروج من مصر لم يكن الله ليغرق فرعون ولكان استمر فى الحكم ، ولو فرضنا أن فرعون كان مؤمنا ومنع موسى وبنى إسرائيل من الخروج من مصر كان سيغرقه الله أيضا..أى أن فرعون غرق بظلمه ولم يغرق بكفره ..إذن هى رسالة يريد الله توصيلها للعالم وهى أن دولة الظلم لا بد أن يزيلها الله حتى لو مؤمنة ودولة العدل يبقيها الله حتى لو كافرة.

     فرعون موسى كان صريحا فقد أعلن كفره أما فرعون اليوم فقد أخفى كفره وتظاهر بالإيمان ليخدع شعبه ، لذلك فقد توعد الله المنافقين بالدرك الأسفل من النار يعنى المنافق أشد شرا وسوءًا من الكافر المجاهر بكفره.

       فرعون موسى كان يحب وطنه ويحارب من أجله أما فرعون اليوم فهو يعمل لصالح أعداء وطنه.

    فرعون الأمس استخف قومه فأطاعوه وفرعون اليوم استخف قومه فأطاعوه أيضا ولكن الفرق أن عبيد فرعون هذا العصر تجدهم يقرأون القرآن فيتعجبون من ظلم فرعون ومن تصديق الناس له ثم فى نفس الوقت تجدهم يهتفون باسم فرعونهم وكأنهم لم يتعلموا شيئا من القصة أو كأنهم يقرأونها للتسلية فقط وليس لاستخلاص الدروس والعِبَر.

     هذه هى أهم الدروس المستخلصة من قصة الفراعنة فى كل زمان ومكان وقد وعدنا الله تعالى بسقوط الفراعين ولو بعد حين.

نرمين كحيلة