كنت بصحبة صديقة ألمانية جاءت لزيارة مصر وكنا فى وسيلة مواصلات فقالت لى إحدى الراكبات:خذى هذه الورقة وألقِها من النافذة التى بجوارك فأخذتها وأغلقت عليها قبضة يدى ولم ألقِها فتعجبت السيدة وسألتنى:لماذا لم تلقِها؟ فقلت:لأنى لا أريد أن يظهر الشعب المصرى بأسوب غير حضارى أمام الأجانب. فأخذت منى الورقة وألقتها هى فقالت لى صديقتى:لو حدث عندنا فى ألمانيا أن ألقى شخص بورقة على الأرض لدفع غرامة ، فأريتها حقيبتى التى اكتظت بالمخلفات حرصا منى على نظافة الشارع وقلت لها:أنا أحتفظ بها حتى أعود للبيت فأرميها.
وذات يوم سمعت رجلا يقول لابنه الصغير الذى
ذهب ليغلق غطاء صندوق القمامة: لا تفعل فليس لك شأن دعها مفتوحة. فتعجبت لسلوك
الأب الذى يعلم ابنه السلبية فقلت له:يا رجل إن ابنك إيجابى فلماذا تعلمه السلبية؟
فقال:اذهب يا بنى وأغلق الصندوق حتى لا تغضب هذه المرأة. وتذكرت سلوكيات كثيرة
نفعلها مثل إلقاء أكياس القمامة فى الشارع على بعد خطوات من صندوق القمامة وقارنت
بين هذه السلوكيات المرفوضة شرعا وبين ما حكاه رجل سافر إلى أوروبا فأكل شيئا ثم
ألقى غلافه فى الشارع فإذا برجل يتلقفها ويعيدها إليه ويقول:عندما تعود إلى بلدك
ألقها هناك.
وإن أشد ما يسوؤنى هو منظر القمامة فى كل مكان
والتى بدأت كمياتها تتزايد يوما بعد يوم على الرغم مما جاء به الإسلام من الوعيد
الشديد على من ينتهك حقوق الطريق ويجعلها موطناً للقاذورات والفضلات ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –
صلى الله عليه وسلم – قال : "اتقوا
اللاعنين ، قالوا : وما اللاعنان يا رسول الله ؟ ، قال : الذي يتخلّى في طريق الناس أو ظلهم" والمقصود أنه
مستحقّ لغضب الله تعالى وذمّ
الناس لإفساده الطريق وحرمانه لهم من التمتّع في أماكن مواطن الراحة كظلّ الأشجار ونحوها
.
وفي رواية أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق (وسط الطريق) ، فقال : والله لأنحّين هذا عن
المسلمين لا يؤذيهم ، فأدخل الجنة"
رواه مسلم .
في هذا الحديث يحكي لنا النبي – صلى الله عليه وسلم – قصّة أحد الناس الذين تملّكهم الحرص على الآخرين ، فبينما هو يمشي في بعض حاجته ، أبصر في وسط الطريق غصن شجر مليء بالأشواك ، فاستوقفه ذلك ، ثم فكّر في الأذى الذي قد يسبّبه وجود مثل هذا الغصن على الناس ودوابّهم ، فقال في نفسه : " والله لأنحّين هذا عن المسلمين كى لا يؤذيهم " ، وبكل رجاء أردف قائلا : " لعل الله عز وجل يغفر لي به "
عملٌ قليلٌ في نظر الناس ، قد لا يُكلّف من الجُهد أو الوقت شيئاً ، لكنّ الله تعالى بواسع رحمته وعظيم كرمه جعل ما فعله سبباً في مغفرة ذنوبه ودخول الجنة ، استحقه بنيّته الحسنة ، ولولا فضل الله ما أُثيب .
في هذا الحديث يحكي لنا النبي – صلى الله عليه وسلم – قصّة أحد الناس الذين تملّكهم الحرص على الآخرين ، فبينما هو يمشي في بعض حاجته ، أبصر في وسط الطريق غصن شجر مليء بالأشواك ، فاستوقفه ذلك ، ثم فكّر في الأذى الذي قد يسبّبه وجود مثل هذا الغصن على الناس ودوابّهم ، فقال في نفسه : " والله لأنحّين هذا عن المسلمين كى لا يؤذيهم " ، وبكل رجاء أردف قائلا : " لعل الله عز وجل يغفر لي به "
عملٌ قليلٌ في نظر الناس ، قد لا يُكلّف من الجُهد أو الوقت شيئاً ، لكنّ الله تعالى بواسع رحمته وعظيم كرمه جعل ما فعله سبباً في مغفرة ذنوبه ودخول الجنة ، استحقه بنيّته الحسنة ، ولولا فضل الله ما أُثيب .
ومن القضايا التي
جاء بها الحديث إعطاء الطريق نوعاً من الحقوق والدعوة إلى العمل بها ، فإن طرق الناس ملك للجميع ومسؤوليّتها مشتركة بين
جميع أفراد المجتمع ، وهذه
سابقةٌ حضاريّة تعكس اهتمام الإسلام بحماية الممتلكات العامّة ونظافتها ورعايتها ، على أساسٍ من الوازع الديني .
ومن مظاهر اهتمام
الإسلام بهذا الجانب الهام ، بيان فضائل هذا السلوك الراقي من خلال عدد من الأحاديث ، فقد جاءت البشارة بالمغفرة
والجنّة في سياق القصّة ،
إضافةً إلى أحاديث أخرى تجعل هذا الفعل من جملة الأعمال الصالحة التي تدلّ على إيمان صاحبها ، فعن أبي هريرة رضي الله
عنه أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم – قال :"الإيمان بضع وسبعون شعبة ، فأفضلها قول لا إله إلا الله ،
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (رواه مسلم) ، وكذلك جعل الإسلام ذلك الفعل باباً عظيماً من أبواب الصدقة ، فقد جاء
عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : "كل سلامى – أي مفصل - من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع
فيه الشمس : - ثم ذكر جملةً من
الأعمال
وفيها : - ويميط الأذى عن الطريق صدقة" (رواه البخاري).
وهى بذلك عبادة أفضل من صلاة وصوم التطوع وهى
صدقة يغفلها كثيرون رغم سهولتها.
والغريب
أن هناك من يحمل الرئيس مرسى المسؤولية كاملة عن تفشى ظاهرة القمامة فى الشوارع
فهل الرئيس مرسى هو من يلقى القمامة فى طريق الناس؟ لا بد أن نتعاون جميعا حاكم
ومحكوم فى القضاء على هذه الظاهرة ولا نلقى بالتبعة كلها على شخص واحد؟ فعندما طلب
الناس من ذى القرنين أن يبنى بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًا قال لهم:" ... ما مكني فيه ربي خير
فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما )"( الكهف:95)
يقول تعالى: قال ذو القرنين : الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السد بينكم وبين هؤلاء القوم ربي ، فقواني عليه ، خير من جعلكم ، والأجرة التي تعرضونها علي لبناء ذلك ، وأكثر وأطيب ، ولكن أعينوني منكم بقوة ، أعينوني بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل . يعنى لم يعتمد الناس على ذى القرنين وحده بل ساعدوه بكل ما أوتوا من قوة.
يقول تعالى: قال ذو القرنين : الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السد بينكم وبين هؤلاء القوم ربي ، فقواني عليه ، خير من جعلكم ، والأجرة التي تعرضونها علي لبناء ذلك ، وأكثر وأطيب ، ولكن أعينوني منكم بقوة ، أعينوني بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل . يعنى لم يعتمد الناس على ذى القرنين وحده بل ساعدوه بكل ما أوتوا من قوة.
لكن تلك الصدقات البسيطة لم تجد
بيننا إلا تطبيقا بسيطا لها، بل إننا نجد من سلوكيات البعض من ساكني المدن الحديثة خاصة إعراضا عن القيام بصدقة واحدة منها كـ (إماطة الأذى عن الطريق)، فتحول الأذى في
طرقاتنا إلى كارثة، لا.. ليس طرقاتنا فقط
، بل وحتى سلالم عماراتنا التي أصبحت مرتعا للأذى تعبث به الكلاب والقطط الضالة.
وتلوث تلك الفضلات كل شئ والطرقات
والحدائق والمتنزهات ومجاري المياه.
وتتسبب تلك الفضلات في العديد من المشكلات المتعلقة بالأمان والصحة العامة حيث تمثل مرتعا خصبا للحشرات والقوارض الضارة إضافة إلى تسببها في التلوث البصري ونتن الرائحة وتلوث التربة ومصادر مياه الشرب وسد المجاري المائية ؛ مما يتسبب في أذى الإنسان والحيوان والنبات.
وتتسبب تلك الفضلات في العديد من المشكلات المتعلقة بالأمان والصحة العامة حيث تمثل مرتعا خصبا للحشرات والقوارض الضارة إضافة إلى تسببها في التلوث البصري ونتن الرائحة وتلوث التربة ومصادر مياه الشرب وسد المجاري المائية ؛ مما يتسبب في أذى الإنسان والحيوان والنبات.
وتتمثل خطورة كثير من تلك
الفضلات إذا لم تكن قابلة لإعادة الاستخدام أو إعادة التدوير في أنها لا تتحلل بسهولة في التربة، فالكرتون المغلف بالبلاستيك يستغرق خمس سنوات ليتحلل، أما الأحذية
الجلدية فتحتاج من 25 إلى 40 عاما، والنايلون من
30 إلى 40 عاما، والعلب القصدير من 50 إلى 100 عام، والألمنيوم من 80 إلى 100 عام، أما الحلقات البلاستيكية سداسية الطبقات فتحتاج إلى 450 عاما، أما الزجاج فيحتاج إلى مليون عام،
بينما الزجاجات البلاستيكية تبقى إلى
الأبد.
من كل ما سبق نتبين معنى قول الحق: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.. (الروم:41). ومعنى وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لتلك الفضلات بالأذى ، وحكمة أن يكون سلوك الإماطة عن الطريق (صدقة)
من كل ما سبق نتبين معنى قول الحق: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.. (الروم:41). ومعنى وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لتلك الفضلات بالأذى ، وحكمة أن يكون سلوك الإماطة عن الطريق (صدقة)
ولا أدري في الحقيقة كيف يمكن
أن نصف سلوك الناس أهو ناتج عن
اللامبالاة؟ أم عن ضعف الوازع الديني؟ واكتفاء
خطباء المساجد بأن يدعوهم إلى الإكثار من العبادات
، والصمت عن دعوتهم إلى الكف عن الإفساد في الأرض ،
وعن دعوتهم إلى إصلاح ما أفسدوه وما يستمرون في إفساده إذا أرادوا توبة وقربا حقيقيا من الله؟
فمن منا يأخذ نية فى هذا الشهر الكريم هو وأولاده أن يميط أذى واحدًا عن الطريق كل يوم، ويدعو شخصًا واحدًا إلى
تلك الفضيلة ؟
إن هذ الصدقات التي ذكرها لنا الحديث الشريف وغيرها مما جاءت بها نصوص الشرع الحنيف تعظم نتائجها إذا
تحولت من مجرد سلوك فردي (مندوب) ، إلى حركات ومؤسسات ترى في ذلك المندوب واجبا
كفائيا على أقل تقدير في ظل
تعاظم المشكلات الناتجة عن اتكال الناس على أن الأمر لا يعدو أن يكون فضلا لا إلزام فيه ، والناتجة عن اعتماد الجميع على الجميع
حتى تحولت شوارعنا إلى مجمعات للأذى.
نرمين
كحيلة