الأربعاء، 27 فبراير 2013

أضيئوا شمعة





  يحكى أن أحد الحكام فى الصين وضع صخرة كبيرة على طريق رئيسي فأغلقه تماماً، ووضع حارساً ليراقبها من خلف شجرة ويخبره برد فعل الناس!!؟

   مرَّ أول رجل وكان تاجرًا كبيرًا في البلدة فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقداً وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم ، فدار هذا التاجر من حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً: " سوف أذهب لأشكو هذا الأمر، وسوف نعاقب من وضعها".

    ثم مرَّ شخص ثانٍ وكان يعمل في البناء، فقام بما فعله التاجر، لكن صوته كان أقل علواً، لأنه أقل شأناً في البلاد.

   ثم مرَّ ثلاثة أصدقاء معاً، من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة وسخروا من وضع بلادهم ، ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي، ثم انصرفوا إلى بيوتهم!!.

  وبعد مرور يومين جاء فلاح من الطبقة الفقيرة، فلم يتكلم وإنما بادر إليها مشمراً عن ساعديه محاولاً دفعها، وطلب المساعدة ممن يمر، فتشجع آخرون وساعدوه ، ودفعوا الصخرة بعيدا عن الطريق.

    وبعد أن أزاح الفلاح الصخرة وجد صندوقاً في طريقه وبالصندوق قطع من ذهب ورسالة مكتوب فيها: " من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة لك لأنك إنسان إيجابي بادرت لحل المشكلة بدلاً من الشكوى منها والصراخ".

   وهذا ما نفعله جميعا الآن ، كلنا نشكو ونتذمر ونبكى ونولول على أحوال مصر المتردية لكن لا أحد فينا يفكر بشكل إيجابى فى تغيير هذا الواقع السئ.. كلنا اخترنا رئيسا وطالبناه بأن يصلح حال البلاد ثم جلس بعضنا يتفرج عليه كأنه يشاهد مباراة منتظرًا نتيجة الشوط الأول أما البعض الآخر فقد جعل همه كله فى نقض غزل هذا الرئيس وإفشاله مع سبق الإصرار والترصد ، وسواء كنت من هذه الفئة أو تلك فإنك  مخطئ بلا شك.  

    وقد صدقت الحكمة القائلة:"أضئ شمعة بدلا من أن تلعن الظلام"
وقال الرافعى:" ليس لمصباح الطريق أن يقول إن الطريق مظلم ، وإنما عليه أن يقول ها أنذا مضيء"

   إن تقرير الرافعي لشخصية المسلم الحق، بالدعوة إلى الإيجابية بدلا من نعي الأمة والنواح عليها يدعونا حقاً في كل موقف لنسأل أنفسنا كيف نضيء المصباح بدلاً من من السؤال العقيم عن سر هذا الظلام؟
   لينظر كل منا إلى نفسه ويسألها ياترى هل أنا مضيئ؟ وكيف أكون كذلك؟ وقبل أن ننتقد غيرنا هل صححنا مسارنا وقمنا بدورنا؟
    هل أضأت حياة يتيم بكفالة، أو معدم بصدقة، أو جاهل بعلم ؟ هل حافظت على نظافة بلدك ومحوت الأذى عن الطريق؟ هل زاد انتاجك وذهبت إلى مصنعك أو متجرك أو مكتبك بنية الخروج بمصر من كبوتها والنهوض بها وإقالة عثرتها؟ أم اكتفيت بالصراخ والعويل والبكاء وإلقاء المسؤولية واللوم على الحكومة ورئيسها؟
   هل ذهبت أيها الطالب إلى مدرستك أو كليتك او معهدك لتذاكر وتنجح بنية أن تكون مواطنا صالحا فى المستقبل لتخدم بلدك ؟ أم اكتفيت بالاضراب والمظاهرات والاعتصامات وقطع الطريق؟ عندما تجيب عن هذا السؤال ستعرف سر هذا الظلام الذي نحياه.
   لتسأل نفسك قبل أن تنام..هل أضاء المصباح اليوم؟ وكيف سيضيء غداً وأين؟
  لنتذكر جميعا أن اليابان خرجت من محنة هيروشيما وناجازاكى بتعاون الشعب وليس بجهود الإمبراطور وحده ، فالشعب لم يقف متفرجا على امبراطوره ليصفق له إن أصاب وليجلده إن أخطأ.
 
   وفى غزوة الخندق لم يترك المسلمون الرسول وحده يحفر الخندق بل ساعدوه وكانوا ضلعا كبيرا فى بناء الحضارة الإسلامية مع نبيهم.

    لا تفعلوا مثلما قالت اليهود لسيدنا موسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" ..........أنتم الآن تقولون:"اذهب أنت وجماعتك فأصلحا وانهضا بالبلد إنا ها هنا قاعدون متفرجون"
   ألم يكن الله قادرا على أن يقضى على هؤلاء القوم دون أن يطلب من بنى إسرائيل القتال ؟ لكنه أراد أن يختبر صدق نيتهم ورغبتهم فى التغيير ولابد أن يتعب الانسان لتحقيق هدفه هذه هى سنة الله فى كونه.
   كل واحد فينا عليه دور ، لو خرجنا كلنا فى مظاهرات واعتصامات وقطع طريق إذن فمن سيبنى البلد؟

كل واحد فينا يسأل نفسه ماذا فعلت لهذا البلد؟ فلينظر كل واحد منا كم من مشكلة نعاني منها ونستطيع حلها بكل سهولة لو بدأنا بالحل بدلا من التفكير في الشكوى.
نرمين كحيلة