إن من إرادة
الله أن يذكر الصبر في القرآن الكريم لهداية القارئ المؤمن.
ذكر الصبر ومشتقاته 103 مرات في القرآن
الكريم في
45 سورة تمثل بمجموعها 40 بالمئة من مجموع سور القرآن الكريم البالغ
عددها 114 سورة، أما السور التي
يتكرر فيها ذكر كلمة الصبر عدة مرات فهي
البقرة (9 مرات)، آل عمران (8 مرات)، الكهف (8 مرات) النحل (7 مرات).
-تحتوي 93 آية على كلمة الصبر، وعشر من هذه الآيات يرد فيها ذكر الصبر مرتين كما ترد كلمة (اصبر) 19 مرة.
-(اصبروا) خمسة عشر مرة.
-(الصابرين) خمسة عشر مرةأيضا
فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (القلم:48)
البقرة (9 مرات)، آل عمران (8 مرات)، الكهف (8 مرات) النحل (7 مرات).
-تحتوي 93 آية على كلمة الصبر، وعشر من هذه الآيات يرد فيها ذكر الصبر مرتين كما ترد كلمة (اصبر) 19 مرة.
-(اصبروا) خمسة عشر مرة.
-(الصابرين) خمسة عشر مرةأيضا
فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (القلم:48)
وقد صدق عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين قال:
اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم. أى مهما كان النعيم الذى يعيش فيه الإنسان لا بد أن
يعود نفسه على معيشة الزهد لأن النعم لا تدوم فإذا زالت يكون الإنسان قد وطن نفسه ودربها على فقدانها
فلا يشعر باكتئاب وإحباط ويستطيع أن يواصل حياته.
ولدينا مثال واضح جدا فى القرآن الكريم وهو قصة
بنى إسرائيل فى تيه سيناء وعدم صبرهم على طعام واحد "وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد
فادع لنا ربك يخرج لنا مما
تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي
هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا
مصرا فإن لكم ما سألتم"
يتضح من الآية الكريمة أن بنى إسرائيل كانوا
يعيشون حياة الرفاهية والترف والنعيم فى أرض مصر يأكلون من خيراتها ومنهم من يسكن
القصور ولديه خزائن من المال الوفير مثل قارون ولكن كانت مشكلتهم الوحيدة هى الذل والهوان
على يد فرعون ولما خرج بهم موسى عليه السلام من مصر ليرحمهم من هذا الذل فوجئ
بأنهم يشتاقون إلى اللقمة المغموسة بالذل والهوان ويطلبون منه أن يحضر لهم الفول
والعدس والبصل فتعجب وقال لهم:إذا كنتم تريدون الترف مع الذل فعودوا إلى مصر. صحيح
أن حياتهم بعد الخروج من مصر كان فيها بعض المشقة المؤقتة لكن على الأقل رؤسهم
مرفوعة وكرامتهم عادت لهم وهذه هى سنة الله التى تكررت كثيرا على مر التاريخ
فدائما المرحلة الانتقالية التى تعقب حكم الظلم والجور والطغيان والجبروت والقهر
تكون بها بعض المشقة المؤقتة التى يجب تحملها حتى لا نحيا حياة الذل والهوان.
وما أرى الذين يطالبون بعودة مبارك ويتغنون
بأيامه والترف الذى رأوه على يديه إلا كبنى إسرائيل حين تمنوا العودة لجبروت فرعون
من أجل الحصول على المواد التموينية رغم أن ما أعطاهم ربهم من المن والسلوى هو
أفضل كثيرا مما طلبوه ولكنهم مع ذلك يتغنون بالماضى ويرون أن وجود موسى النبى
بينهم وتأييد ربهم لهم ليس كافيا وأن معيشتهم السابقة أفضل بل وصلت بهم الوقاحة أن اتهموا سيدنا موسى بأنه
أخرجهم من مصر ليهلكهم.
ولننظر إلى الفلاح حين يرمى البذرة فى الأرض
هل ينتظر نموها فى اليوم التالى؟ أم أنها تحتاج لشهور طويلة وأحيانا سنوات لتنبت
وتؤتى أكلها؟
لو نظرنا لمرحلة انتقالية أخرى فى التاريخ ،
مرحلة فارقة بين الخير والشر ، بين الحق والباطل ، بين الظلم والعدل وهى قصة
المسلمين الأوائل فى الشِعب حيث قرر
كفار مكة ألا يناكحوهم -لا يزوّجونهم- ولا
يتزوجون منهم، وأن لا يبايعوهم، لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، وألا يجالسوهم، ولا
يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، وأن لا يقبلوا من بني هاشم وبني
المطلب صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يُسْلموا رسول الله
لهم للقتل.
من حينها تكون قد بدأت مرحلة جديدة من
المعاناة والألم، تلك التي عاشها المسلمون في بداية
الدعوة الإسلامية، فقد قُطع الطعام تماما عن المحاصرين، لا بيع ولا شراء، حتى الطعام الذي كان يدخل مكة من خارجها وكان يذهب بنو هاشم لشرائه، كان القرشيون يزيدون عليهم في
السعر حتى لا يستطيعون شراءه، ومن ثَمَّ
يشتريه القرشيون دون بني هاشم.
وقد بلغ
الجهد بالمحاصرين حتى كان يسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى التقوت بأوراق الشجر،
بل وإلى أكل الجلود، وقد ظلت هذه
العملية وتلك المأساة البشرية طيلة ثلاثة أعوام كاملة، ثلاث سنوات من الظلم والقهر والإبادة الجماعية، ومع ذلك لم يتراجع المسلمون
ولم يرتدوا ولم يتهموا النبى صلى الله عليه وسلم بأنه أوردهم التهلكة وبعد هذه
الفترة الانتقالية التى امتدت سنوات انتصرت الدعوة الإسلامية وانتشرت وبدأت
الحضارة الإسلامية العظيمة لأن المسلمين صبروا.
ولأن الله لا يريد لعباده أن يتعودوا حياة الترف فينسوا دينهم وربهم كما حدث ذلك كثيرا على مر العصور "بل متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر" من أجل ذلك جاء تحريم الشرب فى الأوانى الفضة والذهب بنص الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".
بل جاء في حديث أم سلمة التوعد على الأكل والشرب فيهما بنار جهنم، فيكون من كبائر الذنوب. وهو ما ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: "إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم". وقد ألحق بالأكل والشرب سائر الاستخدام عند الجمهور.
وقد كان الامام ابن حنبل رحمه الله يجلس على
الأرض ويرفض شرب الماء البارد وحين سألوه لماذا لا تجلس على الكرسى وتشرب الماء
البارد؟ قال لهم: أخشى الآية الكريمة التى تقول:"ثم لتسألن يومئذ عن
النعيم"
وكذلك
حين هاجر النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لم يجد بانتظاره الترف
والرفاهية بل وجد المشقة والجوع هو وأصحابه وكانت حياتهم هنك صعبة "خَرَجَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ
فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا
هَذِهِ السَّاعَةَ قَالا الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا" وكان
أبو بكر وعمر يضعان على بطنيهما حجرا فوجدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع
حجرين.
لقد تعودنا
– للأسف - على حياة الرفاهية وهذا خطأ ، حتى صار انقطاع الكهرباء يمثل كارثة لنا
لا نطيق تحملها رغم أن الأجيال التى سبقتنا كانت تعيش على ضوء الشموع ، لكن حياة
الترف أفسدتنا وجعلتنا لا نصبر على بعض المشقة حتى تتحقق نهضة بلادنا وتؤتى الثورة
التى قمنا بها ثمارها ونلهث وراء نظام قديم استعبدنا لمجرد أنه - من وجهة نظر
البعض - كان يوفر لنا المواد التموينية ، تماما مثل منطق بنى إسرائيل.
فإذا كانت المرحلة الانتقالية التى نعيشها
بها بعض المشقة والصعوبات والمشاكل فهذا شئ طبيعى بعد الثورة على نظام فاسد.
فصبرا صبرا ولا تتعجلوا الحصاد.
نرمين كحيلة