الأحد، 22 يونيو 2014

علمنة مصر




    عندما كنت طالبة بالماجستير قال لى أستاذى:ليس من المعقول أن يخرج فرعون وجنوده لمطاردة موسى فسألته:ولمَ لا؟ قال:فرعون كان ملكا عظيما صاحب امبرطورية عظيمة وكان أعظم ملوك الشرق قاطبة يدين له الجميع بالولاء فكيف لواحد مثله أن يجرى ليتعقب ويطارد رجل بسيط مثل موسى وجماعته وهم قلة ضعفاء ، لا بد أنه أرسل أحد أتباعه لتعقبهم ولم يذهب بنفسه..فقلت له:صدق الله العظيم حين أخبرنا أن الفرعون خرج بنفسه لتعقب  موسى وبنى إسرائيل.قال تعالى: "وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين"(يونس:90).

     ففرعون كان يخشى على ملكه أن يزول على يد موسى كما رأى فى الرؤيا وهذا ما جعله يخرج بنفسه لا أن ينتدب أحد أتباعه لهذه المهمة . خرج ومعه جيشه ووزيره هامان لكى ينقذ عرشه من الضياع.. هذا هو ديدن كل متجبر فلا عجب إذن من أن تجيش الدولة  كل جيوشها ومؤسساتها لكى تقضى على عبارة "صلى على النبى" فهى تمثل بالنسبة لها تهديدا بل الإسلام كله يمثل تهديدا لأمريكا وأوروبا وإسرائيل. ليس الإسلام نفسه كديانة من صلاة وصوم ولكن الاسلام كطريقة للحياة والمعاملة  ؛ الاسلام الذى يجعل الناس تضحى بالغالى والنفيس من أجله ، تضحى بحياتها وأموالها وأولادها طلبا للشهادة ، الإسلام الذى يعلى قيمة الوطن والدفاع عنه والموت فى سبيله .. هم لا يريدون هذا الإسلام الذى يعوق أطماعهم فى بلادنا ، كان لا بد أولا انتزاع الإسلام من قلوبنا حتى نتخلى عن فكرة الجهاد للدفاع عن النفس والمال والعرض والوطن .
     وكما قال دكتورمصطفى محمود-رحمه الله- فى كتابه:"الإسلام فى خندق":"أعداؤنا يخافون من بعث هذه الروح وصحوة هذه العاصفة النائمة وهم لا يخافون من صحوة البراقع والجلاليب واللحي ولا يعبأون لبعث الشكليات والمظاهر...... بل إنَّ بيوت الأزياء في باريس تتنافس في هذا المضمار فتبتكر الماكسي والطويل والمجرجر والقفطان لتبيع للعرب . وهم لا يخافون من ثرواتنا البترولية ما دامت تتحول إلى قصور وترف ونعومة ، فهم يلتقون بهذه الثروات في مصايف الريفيرا ونيس ومونتي كارلو وهم يحصدون هذه الثروات على موائد القمار في لاس فيجاس.
ولكنهم يخافون من رجال كالزوابع يحاربون في أعتى الظروف وأقساها
وهم يخافون ذلك الكتاب الذي يتحدث بصوت الفطرة فيصل إلى قلوب الناس ، ذلك القرآن العجيب الذي يحادثهم بالعقل والمنطق والبرهان ويكلمهم بلغة العلم وأسلوب العصر ويأتي بالجديد في كل قضية وفي كل زمان . ذلك الكتاب الذي ينتشر بقوة ذاتية فيه ، ويكسب الاتباع في صمتٍ ودونما جهدٍ من دعاة أو متخصصين .

      ورغم هزيمة المسلمين في كل مكان ، ورغم تراجع صوتهم وخفوتِ نفيرهم ، فان الإسلام يكسب اتباعاً جدداً كل يوم ، وفي كل مكان . هذه الظاهرة تحيرهم ، فهل يعود التاريخ الذي يمشي في دوائر إلى تكرار نفسه ؟!
وهل يرتفع صوت الاسلام من جديد رغم اصفرار شجرته وتساقط اوراقه ؟!
هذا الهاجس يخيفهم ويريبهم.
والإسلام في ذاته لا يهمهم.... ولكن الإسلام سوف يأتي ومعه الدنيا والسيادة والدنيا همهم والسيادة دينهم وديدنهم ولن يتنازلوا عنها باختيارهم.
وحول هذا يدور الصراع..... فهو صراع حول الارض والسيادة"

   وكما قال الشيخ الشعراوى - رحمه الله-: خصوم الإسلام وبعض أهله الذين يخافون من أنْ يقضي على سلطتهم وطُغْيانهم وجبروتهم يريدون حَصْر الإسلام في أركانه الخمسة ٬ فإنْ قُلْت بهذه المقولة لا يتعرضون لك ٬ وأنت حر في إطار أركان الإسلام هذه ٬ لكن إياك أن تقول: إن الإسلام جاء ليُنظِّم حركة الحياة ؛ لأن حظهم في حَصْر الإسلام في أركانه فقط ٬ وما فَهم هؤلاء أن الأركان ليست هي كل الإسلام ٬ إنما هي أسُسه وقواعده التي يقوم عليها بناؤه ٬ لكنهم يريدون أنْ يعزلوا الإسلام عن حركة الحياة ٬ فنقول لهم : نعم ٬ هذه أركان الإسلام ٬ أمَّا الإسلام فيشمل كل شيء في حياتنا ٬بداية من قمة العقيدة في قولنا : لا إله إلا الله محمد رسول الله إلى إماطة الأذى عن الطريق؛ لأن الإسلام دين يستوعب كل أقضية الحياة ٬ كيف لا وهو يُعلِّمنا أبسط الأشياء في حياتنا؟"

      لذلك فهم يروجون للعلمانية  بكل ما أتوا من قوة وهذا هوما فعلوه حين أرسل ثيودور هرتزل اليهودى رسالة إلى السلطان عبد الحميد الثاني يعرض عليه قرضاً من اليهود يبلغ عشرين مليون جنيه إسترليني، مقابل تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنح اليهود قطعة أرض يقيمون عليها حكماً ذاتياً.   فكان رد السلطان: "انصحوا الدكتور هرتزل بألاّ يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع؛ إني لا أستطيع أن أتخلَّى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست مِلْك يميني، بل مِلْك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها، وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملاينيهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يومًا فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حيٌّ فإنّ عمل المِبْضَع في بدني لأهون علىّ من أن أرى فلسطين قد بُتِرت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون؛ إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".

     كان السلطان العثمانى يتكلم من واقع حسه الدينى الذى ينهاه عن التفريط فى شبر واحد من أراضى المسلمين . حينها فقط علم اليهود أنه لكى يتسنى لهم احتلال فلسطين يجب القضاء على الخلافة العثمانية التى توحد المسلمين وتقوى شوكتهم فبدؤوا أولا بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد ولما فشلت المحاولة  رَكِبَ اليهود جمعية الاتحاد والترقي العلمانية ذات العلاقات الماسونية اليهودية، واستطاعت هذه الجمعية في النهاية خلع السطان عبد الحميد، والإمساك بزمام الأمور وانتهى الأمربأن أسقطوا الخلافة العثمانية  سنة 1924 على يد رجلهم اليهودى أتاتورك.

     هذه هى أهدافهم التى يصلون إليهاويخططون لها فى كل زمان ومكان فهذا الذى حدث مع السلطان عبد الحميد يحدث مع أى رئيس  لا يكون أداة طيعة فى يدهم .
نفس السيناريو  يتكرر باختلاف الأشخاص بنفس الخطوات فكما خلعوا السلطان عبد الحميد الثانى عزلوا الرئيس مرسى وكما علمنوا تركيا المعروفة بحبها للإسلام يريدون أن يعلمنوا مصر وكما أتوا بأتاتورك أتوا برجلهم المطيع فى مصر.
           استيقظوا إيها المسلمون قبل فوات الأوان.
نرمين كحيلة

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

الرد البسيط علي استاذك هو نقوش الفراعنة ذاتها وان الفراعين كان يجب عليهم ان يتقدموا الصفوف الاولي في الحروب ، والا فهو ليس لها . كانت المقاييس عندهم مختلفه ، ليس بقوة الحرب او ضعفها ولكنه بظهوره هو كاقوي رجل مفوض من عند الرب في الصفوف الاولي بل الاول ، وهذا مارايناه مدونا علي كل الاثار ، وان رمسيس الثاني الذي هو فرعون سيدنا موسي هو من تمت التقوش له في كل مكان وهو علي العجلات الحربيه في اول الصفوف . مقالة شيق واسلوب كتابه رائع جداً . والقواعد النحويه جميله.