الخميس، 15 ديسمبر 2011

قصتى مع الحجاب

أحكى لكم قصتى يا إخوانى مع الحجاب وهى قصة أرويها لكل بنت لا تريد أن تلبس الحجاب ولكل أب أو ابن أو زوج أو أخ يترك ابنته أو أخته أو زوجته بدون حجاب بل فى بعض الأحيان يحرضها ضده ويهددها بالطلاق إن لبسته بحجة أن شكلها وحش أو فلاحى .....إلخ..لا تتعجبون فأنا أعرف ناس فعلا فعلت هذا.
أنا تحجبت قبل أن أكمل عامى الثانى عشر ، وكان جسدى نحيلا وصغيرًا وأبدو أصغر من سنى ولا أخفيكم القول كان قرار الحجاب هو أصعب قرار اتخذته فى حياتى ، اسمع بعضكم يقول:لماذا؟ سأجيبكم:الحقيقة أن فطرة الله التى فطر النساء عليها هى حب إظهار المفاتن والجمال فلا توجد امرأة فى العالم لا تحب إظهار جمالها ومفاتنها ، هكذا خلقها الله.. وإن أسعد لحظة فى حياة أية امرأة هى حينما تسمع إطراء أو إعجاب من المحيطين بها عن جمالها وأناقتها لذلك فحين تؤمر بإخفاء هذا الجمال هو فعلا اختبار صعب ولكنى وضعت رغبتى الداخلية فى كفة ورغبة الله وأمره فى كفة أخرى ووقفت فى المرآه وقلت لنفسى: اللهم إنى أشهدك أنى أخفى أنوثتى وأغطى جمالى ابتغاء مرضاتك.. ثم ارتديت الحجاب وأنا سعيدة وفخورة أنى انتصرت على نفسى الأمارة بالسوء وانتصرت على شيطانى وأنى نفذت أول أمر إلهى فى تلك السن ، وأحسست بطاقة نور تشع من وجهى وأنا بالحجاب.. وهنا كان الاختبار صعبًا للغاية فقد حوربت من الجميع وكان علىَّ أن أحارب فى جبهتين:الأولى جبهة عائلتى التى كانت تمانع منعًا باتا فى ارتدائى إياه والثانية:المجتمع كله الذى كان يرفض تمامًا ارتداء طفلة للحجاب ويراه تزمتا خاصة فى وقت لم يكن الحجاب فيه منتشرا مثل الآن.
    كنت أول وأصغر بنت تتحجب فى العائلة وبدأ الجميع يلقبنى بست الشيخة فقلت:مش مهم شيخة شيخة بس أرضى ربنا ، فليت الذى بينى وبينك عامر وبينى وبين العالمين خراب.. وذات يوم ذهبت لزيارة إحدى أقاربى التى رزقت بمولود جديد وعندما حملت الطفل بين ذراعى قال لى جده مستهزئا:لا تفعلى فهو حرام لأن الرضيع ولد وأنتِ بنت محجبة..فقلت لنفسى سرًا:"اللهم إنى أشهدك أنى أتحمل الأذى و السخرية  لأجلك وأقول كما قال نوح عليه السلام لقومه:إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون".."فحاق بالذين سخروا منهم"
  وبدأت المغريات تحيطنى فكان حفل زفاف أحد أقاربى وكل بنات العائلة ذهبن ليصففن شعورهن ويلبسن الملابس المكشوفة وحاول الجميع أن يثنينى عن فكرة ارتداء الحجاب فى الفرح وقلن لى:دى ليلة مفترجة وتعدى روحى اعملى شعرك زينا وابقى ارجعى اتحجبى تانى".. وكان هذا اختبارًا صعبًا مثل الذى تعرض له بنى إسرائيل لما نهوا عن الصيد يوم السبت." واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون" (الأعراف 163)
وقاومت بشدة كل الإغراءات التى تحثنى على خلع الحجاب فى تلك الليلة وكنت أيضا الفتاة الوحيدة المحجبة فى الفرح وكنت محط أنظار الجميع ؛ نظرات استنكار وكأننى شاذة عنهم ولكنى تعمدت أن أتجول بحجابى بين الموائد وأنا أرفع رأسى ليرى كل الناس أنى أنفذ تعاليم الله وأتجاهل كل التعليقات السخيفة.
وكان أصعب اختبار حين كنت بمصيف مع عائلتى ورأتنى جدتى وقالت لى:إيه اللى انتِِ لابساه ده يا بنت؟ ده مش للبنات الصغيرين ده للعواجيز اللى زيى ثم خلعت حجابى وألقت به على الأرض فأخذته بسرعة وارتديته وقلت لها:لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
والحقيقة أن الوحيدة التى كانت تشجعنى على الحجاب هى أمى - رحمها الله -وأحضرت لى كتاب لنعمت صدقى اسمه:"التبرج"  كانت تروى فيه المؤلفة قصتها مع الحجاب فتقول أنها كانت سافرة وتلبس ملابس قصيرة وضيقة وتصفف شعرها بأحدث الصيحات والتسريحات إلى أن حدثت لها حادثة تصادم جعلتها تعيش فى الجبس شهورا وتقول المؤلفة واصفة حالها:وجدت أن الله عاقبنى لأنى لا اريد أن أرتدى الحجاب فجعلنى أرتدى حجابا من الجبس حول رأسى وجسدى فنذرت نذرا لله إن شفانى فسوف أرتدى الحجاب فقد فهمت الدرس يا رب..واشترت أمى نسخا من الكتاب وكانت تهديه إلى كل بنت متبرجة وتحجبت على يديها عشرات الفتيات.
أما نظرات المجتمع فقد ظلت تلاحقنى أينما ذهبت فمن يقول لى:يا عينى يا حبيبتى ليه كدة ده انتِ لسة صغيرة على الحجاب؟ فأقول: التدين ليس له سن وهو أمر الله..فيقولون:ربنا يزيدك إيمان..واستطعت إقناع بنات العيلة اللاتى فى مثل سنى بارتداء الحجاب وبالتالى فقد أصبحت خطرًا يهدد بنات العائلة بعد أن انتشر الحجاب بسببى وبدأوا يحذروننى من إقناع المزيد من الفتيات بهذا الفكر الارهابى المتطرف.. أنا لا أمزح واللهِ هذا ما حدث أرويه لكم بكل صدق لتعرفوا كم المعاناة التى يلاقيها المؤمن فى خلال دعوته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
عزيزتى الفتاة لا تستمعى لكلام أحد ولا لسخرية أحد واستمعى فقط لأمر خالقك وتذكرى أنك ستقفين بمفردك أمام الله يوم القيامة وتندمين أشد الندم على كل لحظة عصيتِ فيها الله وتعضين أصابع الندم وتقولين:"يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا"
نرمين كحيلة

ليست هناك تعليقات: