الأحد، 23 أكتوبر 2016

لا تكن أنانيا فى العبادة



      كثير من الناس يغفل عبادة هامة فى الإسلام وهى مساعدة الأخرين رغم أنها أولى وأهم من الاعتكاف وقيام الليل وقد وردت أحاديث فى ذلك منها:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة"  صحيح البخاري 

      فعن ابن عمر رضي الله عنه : "أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا ....." معجم الطبراني

من هذه الأحاديث نستنتج أن عبادة قضاء حوائج الناس مقدمة ومفضلة عند الله فما كان نفعه يعود عليك وحدك ثوابه أقل مما يعود نفعه على الناس.

     يقول الدكتور عمر الهوشان:" إن نظرة عامة إلى سلوك المسلمين مع العبادات الشعائرية والتعاملية , تشير بوضوح إلى وجود ضعف في التزام المسلمين بالعبادات التعاملية مقارنة بأدائهم للعبادات الشعائرية , ففي الوقت الذي قد لا تجد بين المسلمين من يترك الصلوات الخمس أو يجاهر بالفطر في نهار رمضان أو ...- إلا القلة النادرة بناء على الظاهر على الأقل - ... تجد تقصيرا كبيرا و واضحا في التزام المسلمين بأداء العبادات التعاملية , حتى غدت الكثير منها عبادات منسية , بل ربما لا يصنفها البعض - بسبب قلة الفقه في دين الله تعالى - ضمن قائمة العبادات أو الطاعات !!

      ومن هنا تزداد حاجة الأمة إلى بيان أهمية أمثال هذه العبادات المنسية , وإلى تذكير المسلمين الدائم بمدى التلازم والارتباط بين الصلاة في المسجد والاعتكاف فيه – مثلا - وبين قضاء حوائج المسلمين و السعي فيما يجلب النفع لهم , و إلى التأكيد على أن الأخلاق وحسن التعامل مع المسلمين ما هو في الحقيقة إلا ثمرة الأداء الصحيح للصلاة والصيام والزكاة والحج , و إلى التنويه بمدى الأثر السلبي الذي يخلفه الفصل بين عبادة شعائرية وأخرى تعاملية .

ولعل هذا التوجيه النبوي هو ما دفع ابن عباس رضي الله عنه للخروج من معتكفه لقضاء حاجة أخ له في الله , وهو ما استند عليه فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ للقول:  قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف ، لأن نفعها متعدٍ ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر


    لم تكن الأحاديث النبوية القولية وحدها التي بينت فضل قضاء حوائج المسلمين ومكانتها في الإسلام , بل جاءت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم العملية لتؤكد هذا الفضل وتلك المزية , ففي الحديث أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِى عَقْلِهَا شَىْءٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ ( يَا أُمَّ فُلاَنٍ انْظُرِى أَىَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِىَ لَكِ حَاجَتَكِ ) . فَخَلاَ مَعَهَا فِى بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا . صحيح مسلم برقم/6189

 بل إن درجة اهتمام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقضاء حوائج المسلمين وصلت إلى حد الاستماع لحاجة أحدهم بعد إقامة الصلاة , ورسول الله صلى الله عليه وسلم في محرابة , فقد ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَتِ الصَّلاَةُ تُقَامُ ، فَيُكَلِّمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ فِي حَاجَةٍ تَكُونُ لَهُ ، فَيَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، فَمَا يَزَالُ قَائِمًا يُكَلِّمُهُ ، فَرُبَّمَا رَأَيْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ لَيَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ . مسند الإمام أحمد برقم/12670د


 لقد فقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح النصوص السابقة وعقلوها , فتنافسوا وتسابقوا في قضاء حوائج المسلمين , فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل , وكان مجاهد يقول : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني"


وبذلك أفتى الشيخ صالح بن فوزان أن طلب العلم أفضل من قيام الليل، لأن طلب العلم يتعدى نفعه إلى المسلمين وأما قيام الليل فهو خاص به فقط
فلا تكن أنانيا فى العبادة عزيزى القارئ وفكر دوما كيف تنفع الناس بدلا من أن تنفع نفسك فقط.


نرمين كحيلة


ليست هناك تعليقات: