الثلاثاء، 3 مايو 2011

لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه

    من أروع المشاهد التى تأثرت بها وأنا أقرأها مشهد وفاة "جلنار" زوجة "قطز" فى موقعة عين جالوت من قصة واإسلاماه للكاتب على أحمد باكثير فقد ذهبت "جلنار" إلى ساحة المعركة راكبة جوادها وهى بملابس الفرسان وقد أسدلت على وجهها قناعًا من الحرير الأسود وأخذت تقاتل ببسالة وشجاعة متناهية ، ولما طُعِنت صاحت قائلة للسلطان "قطز":"صٌن نفسك يا أمير فقد سبقتك إلى الجنة".

    ولأنها كانت متنكرة فلم يعرفها زوجها ولكنه تذكر صوت الفارس الملثم فارتاب فى أمره فقصد إليه وكشف عن وجهه فإذا هى زوجته "جلنار" فأضجعها على فراشه وأخذ يقبل جبينها والدموع تنهمر من عينيه وهو يقول لها:"وازوجتاه ! واحبيبتاه! فقالت له بصوت ضعيف متقطع وهى تحتضر:"لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه" ثم ما لبثت أن لفظت أنفاسها الأخيرة ، فطبع قطز على جبينها القبلة الأخيرة ومسح دموعه ونهض تاركا زوجته الشهيدة للطبيب والجوارى يتولون تجهيزها ، وخرج من المخيم فامتطى جوادًا طار به إلى ساحة القتال. ثم تقدم إلى الأمام وكشف عن خوذته وألقى بها فى الأرض وصرخ بأعلى صوته:"واإسلاماه".فسمعه الجند ورددوا معه نفس النداء.

     إن المتأمل لهذا المشهد البديع يستطيع أن يلاحظ أن السلطان "قطز" كبت حزنه على زوجته الشهيدة الحبيبة وحبس دمعه حتى قاتل التتار وانتصر عليهم لئلا يشغله الحزن عن نصرة دين الله.. فكأنما كانت كلماتها التى ماتزال ترن فى أذنه:"لا تقل واحبيبتاه بل قل واإسلاماه" هى مفتاح النصر والدافع الذى من أجله رخص كل شئ ، حتى إذا ما انتهت الحرب رجع إلى نفسه وفكر فى مصابه وانفجر ما كان حبيسًا فى نفسه من الحزن فسالت دموعه حتى تقرحت جفونه..فقد كانت تجمعهما قصة حب عظيمة إلا أنها لم تشغلهما عن نصرة دين الله وظلت آخر كلمة تمسكت بها قبل أن تموت وأوصت بها زوجها من بعدها فكأنها أرادت أن تقول له: أرجوك لا تنشغل بوفاتى ولكن اشغل نفسك بالإسلام. وهذا ما نجده فى وصية الأنبياء لأولادهم قبل وفاتهم ففي قوله تعالى "ووصّى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بَنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" ، (132 البقرة .. ( نجد في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ذكر ما وصّى به ابراهيم ويعقوب أبنائهم وأنه قد اختار لهم الدين وهو الإسلام فأوصوهم بالبقاء حتى نهاية العمر على ملة الاسلام وعند الموت ، والوصية تكون ساعة اقتراب الأجل وفي نهاية العمر ويؤكد هذا المعنى الآية التالية لها قوله تعالى " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك ابراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون".(133البقرة (

     وما أحوجنا اليوم لتلك الكلمة عزيزى القارئ فأرجوك لا تقل واثروتاه بل قل واإسلاماه! لا تقل وامنصباه بل قل واإسلاماه! لا تقل وادنياه بل قل واإسلاماه! لا تقل واأسرتاه بل قل واإسلاماه!

  يجب أن يكون الإسلام أحب إلينا من أنفسنا وأولادنا وأزواجنا وأهلنا وأموالنا ودنيانا ، لا يجب أن يشغلنا عنه شئ حتى فى لحظات الموت.

نرمين كحيلة

هناك 3 تعليقات:

Emtiaz Zourob يقول...

فعلا كم نحن بحاجة لهذه الكلمة لتزلزل عدونا وعدو الله ..

سعيدة بتصفح المدونة ..وان شاء الله من المتابعين .
بس المشكلة انه لا تظهر خانة الاشتراك في المتابعين .. بتهيألي انها المشكلة في بلوجر نفسه ..

ولكن لي عودة ان شاء الله .
دمت بخير.

نرمين كحيلة يقول...

أنا الأسعد بكِ يا أختى وقد تم حل هذه المشكلة وأنتِ الآن من المتابعين للمدونة ولو أراد أى أحد الاشتراك فى المتابعين سيستطيع ذلك إن شاء الله..شكرًا لكِ ولك منى كل تحية.

physicsthinker يقول...

جميل بصراحة المقال وفعلا أنا أتعجب كثيرا من هذه القصة من أيام الثانوية العامة وأنا متأثر بها كتير للدرجة دى الهدف سامى فى أصعب اللحظات تقول كلمات قوية جدا تقطع القلب تقطيعا حقا حقا واسلاماه واشلاماه لكى منى التقدير والاحترام على هذا المقال الرائع