الأربعاء، 27 يونيو 2012

الشعب يريد رئيس أمور


   أتعجب حقا لمن ينتقدون الرئيس محمد مرسى من أجل أن شكله لا يعجبهم وأنه غير وسيم مما حدا ببعض الصحفيين وصفه بأنه ليس حسين فهمى أو رشدى أباظة ولذلك لا  يحق له أن يضع صورته فى أية مصلحة حكومية فهل هذا منطق؟
   قالت لى  إحدى قريباتى فى تبريرها لاختيارها لشفيق بدلا من مرسى أنها تفضل شفيق لأنه وسيم وأنيق وابن ناس أما مرسى ففلاح.. للأسف هذا منطق كثير من الناس رغم تفاهته وسطحيته.   
   ماذا سيستفيد الناس لو أن رئيسهم أجمل رجل فى العالم ولكنه لا يفهم شيئا وأودى بمصر إلى الهاوية ؟ فربما الدكتور مرسى عند الله أعز وأكرم وأنفع للأمة من حسين فهمى ورشدى أباظة اللذان كانا كان يشربان الخمر ويصاحبان النساء فبئس التشبيه.
    قَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ الَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ".
   قال ابن القيم في روضة المحبين : إن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وهذا أمر مشهود بالعيان فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسود أو غير جميل.

     عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم   -: (مم تضحكون؟) ، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد)  رواه أحمد (.

يجتني سواكاً: يقطف السواك  ، الأراك: من شجر البوادي ويُصنع منها السواك ، تكفؤه: أي تحرّكه يميناً وشمالاً حموشة ساقيه: دقّة الساقين..أى أن الصحابة رضوان الله عليهم لما رأوا نحافة ساقى عبد الله بن مسعود ضحكوا فغضب النبى صلى الله عليه وسلم وقال لهم:إن هذه الساق التى تضحكون منها هى أثقل عند الله من جبل. أحد أى أن عبد الله هذا الذى لا يعجبكم شكله ربما يكون عند الله أفضل منكم جميعا.

   وهل يُقاس الناس بأشكالهم وألوانهم؟! وهل يضرّ عبد الله رضي الله عنه ضعفه ونحوله؟!! لا والله؛ فإن لصاحب تلك الساقين فضائل تُثقل الميزان، وأعمالاً تُقرّ العين، ومزايا تُبهر الألباب، جامعاً في ذلك بين جمال السيرة ونقاء السريرة.

   وسيدنا موسى عليه السلام كان أسمر البشرة أجعد الشعر ولكن الله اصطفاه وفضله على بنى إسرائيل بالنبوة ووضع عليه محبة منه حتى أحبه كل من رآه.
  الشكل ليس له قيمة لأن ملامحنا جميعا ستفنى فى التراب فكلنا بعد الموت هياكل عظمية لا يستطيع أحد ان يفرق بينها ولكن العمل هو ما سيبقى.
   وكذلك حين فتح المسلمون فارس وطلب كسرى منهم أن يفوضوا رجلا للتحدث باسمهم فاختاروا رجلا أسود فتعجب كسرى وقال:أما وجدتم غير هذا الأسود كى يتحدث عنكم ؟ فقالوا له إنه أفضلنا فتعجب كسرى.
عن عائشة رضى الله عنها قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية أنها كذا وكذا -تعني أنها قصيرة- فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته.
    وهذا يذكرنا بموقف أبى ذر الغفارى حين كان فى مجلس ومعه بعض الصحابة فقدم اقتراحا لم يعجب بلالا فقال أبو ذر لبلال رضى الله عنهما:حتى أنت يا ابن السوداء تخطئنى؟ ولما بلغ الأمر الرسول صلى الله عليه وسلم تغير وجهه وقال:"أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية" فبكى أبو ذر رضي الله عنه.. وأتى الرسول عليه الصلاة والسلام وجلس .. وقال يارسول
الله استغفر لي .. سل الله لي المغفرة
ثم خرج باكيا من المسجد ..

   وأقبل بلال ماشيا ..فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب ..وقال :والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان ..!!فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبَّل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا .

    والمفهوم من القصة أن أبا ذر رضى الله عنه تصور أن سواد بشرة بلال رضى الله عنه سوف يمنعه من التفكير الصحيح وهذا هو نفس التفكير المريض لدى البعض الآن فما علاقة الشكل الخارجى بالعقل؟ وهذا هو ما يؤكده المثل الشعبى الدارج:"لا تأخد من الأصلع لا رأى ولا نصيحة لو كان الله يحبه  لجعل رأسه صحيحة"
    أتعجب من أننا مازلنا نعيش عصر الجاهلية الفكرية حتى بين النخبة أو الصفوة كما يسمون أنفسهم وهذا نتاج طبيعى للإعلام الفاسد الذى ركز انتباهنا طوال السنوات الماضية على مسابقة ملكات الجمال ، وأجمل طفل فى العالم ، فعمل جاهدا على تسطيح فكر المجتمع وتوجيهه لجمال الصورة والصوت بصرف النظر عن جمال الطباع والأخلاق.
   لو يعلم من يسخرون ويتغامزون ويلمزون سواء فى الصحف أو الإعلام أن الله عز وجل توعدهم بالويل والثبور فى سورة الهمزة :"ويل لكل همزة لمزة...."


    احترموا كلمتكم أيها الإعلاميون حتى لا تكون دليلا ضدكم يوم القيامة.

نرمين كحيلة

ليست هناك تعليقات: