الأحد، 20 نوفمبر 2011

هل أنت عنيد؟

إذا كانت الإجابة بنعم فيجب عليك أن تجاهد نفسك كثيرًا لتتخلص من هذه الصفة الذميمة وسنعرف من خلال السطور القادمة السبب فى ذلك.
أولا: يجب ان نعلم أن العناد هو الإصرار على الخطأ يعنى مثلا إنسان يعلم أن ما يفعله خطأ ومع ذلك يصر عليه. وقد يكون التمسك بالراى إيجابيا و مطلوبا طالما هو مبني على قواعد متينة مؤسسة على دليل و برهان لا شك فيه و لا مطعن و لا شبهة. و هو ما يسمى شرعاً " الثبات على الحق " و هو مبدأ الأنبياء و أتباعهم, بحسب قوله صلى الله عليه وسلم"  : لا يضرهم من خالفهم .. الحديث " . و قد يكون العناد سلبياً ممقوتاً غير محمود طالما هو مبني على الهوى و الاستكبار و تجاهل الأدلة المنطقية على الرغم من ثبوتها و عدم التفكر فيها و في احتمالات صوابها و خطئها. و هو مبدأ إبليس و أتباعه بحسب قوله - عليه لعنة الله - كما ذكر ذلك ربنا في كتابه الكريم:.... قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} (الإسراء 61), فقاده ذلك إلى اللعن مروراً برفض أمر الله سبحانه و تعالى و الاستكبار على غيره من المخلوقات وهو أول ذنب حدث على وجه الأرض حتى أن إبليس حاول فيما بعد أن يتوب إلى الله فطلب من موسى عليه السلام أن يسأل ربه ذلك فطلب الله منه أن يسجد لقبر آدم وحواء فرفض إبليس وقال:"أنا لم أسجد لهما أحياء فهل أسجد لهما أموات؟" .إذن العناد صفة الكفار والمشركين والمتجبرين فى الأرض والله لا يحب المعاندين والعنيد جزاؤه النار.
    وقد ذكرت آيات كثيرة للعناد فى القرآن:"وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"(هود:59)،"واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد"(إبراهيم:15"،"ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد"(ق:24)،"كلا إنه كان لآياتنا عنيدا"(المدثر:16)
    والعناد هى صفة منافية تماما للإيمان وللتوحيد لأن تعريف الإسلام لغة:"هو الخضوع والإستسلام لله عزو وجل" فلا يجوز أن تكون خاضعا مستسلما لله وفى نفس الوقت عنيدًا. لأنك لو كنت عنيدًا فسوف تصر على معصية الله كأن تصر مثلا على عدم الصلاة أو عدم الزكاة أو عدم الصيام ...إلخ..وإذا كنت عنيدا فسيمنعك هذا من التوبة والاستغفار.
   ويقول "ديل كارنيجى" فى الفصل الثالث من كتابه:"كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس":"إن أى مغفل يسعه أن يدافع عن أخطائه- ومعظم المغفلين يفعلون- أما أن تسلم بأخطائك فهو سبيلك إلى الارتفاع درجات فوق الناس ، وإلى الاحساس بالرقى والسمو....فإذا كنت مخطئا فسلم بخطئك تكسب الناس إلى وجهة نظرك." وهذا يذكرنا  بما فعله آدم عليه السلام حين تاب وأقر بخطئه فغفر الله له..وهذا هو الفرق بين آدم والشيطان فكلاهما أذنب ولكن الأول تخلى عن عناده وأقر بخطئه والآخر أصر على خطئه.
    ولنا أمثلة شهيرة فى ذلك ففرعون مثلا لم يؤمن لأنه معاند وكفار قريش لم يؤمنوا لأنهم معاندين وبنى إسرائيل استوجبوا لعنة الله وغضبه بسبب عنادهم وابن سيدنا نوح عليه السلام كان من المغرقين بسبب عناده..ولو كان العناد صفة ملازمة لك فسوف ترفض نصيحة الآخرين وسوف تستمر على خطئك حتى النهاية وبالتالى تستوجب عذاب الله بالنار.
    أما المؤمن الحق فهو الذى يتراجع عن رأيه فورا إذا تبين له أنه خطا مثل عمر بن الخطاب حين قال:"أخطأ عمر وأصابت امرأة" وإبراهيم عليه السلام ورفضه عبادة ما يعبد قومه..ونوح عليه السلام وعدوله عن الدفاع عن ابنه الكافر.
    أما الثبات على الحق فلا يسمى عنادًا ومثالنا على ذلك ثبات سيدنا محمد عليه السلام على الحق فقد رفض كل العروض التى قدمت له من أجل التخلى عن دعوته. وجميلة بوحريد وثباتها على الدفاع عن وطنها – الجزائر – وكذلك الإمام أحمد بن حنبل وثباته على مبدئه فى مسألة خلق القرآن فقد قابل ذات يوم الإمام أحمد بن حنبل لصًا وهو فى طريقه إلى السجن فقال له:أنا ثابت على الباطل – السرقة – رغم أنهم جلدونى أكثر من مرة فاثبت أنت على الحق. يعنى لدينا نموذجين للتمسك بالرأى أحدهما (وهو الإمام ابن حنبل) ثابت على الحق والآخر(اللص) مُصِرّ على خطئه وهو العناد.
وهناك مثل شهير يقول:العناد يورث الكفر أى يؤدى إلى الكفر.
والعناد من المشاكل التي تعترض الحياة الزوجية ، فالتصلب في الرأي والجمود وعدم المرونة تضفي على الأسرة جوًا خانقًا وتنشر في البيت ظلالاً قاتمة ، وتهيئ المناخ لنفثات الشيطان وهمزاته، مما ينذر بالاقتراب من الخطر.
    يقول الأستاذ محمد فصيح بهلول (مؤلف كتاب الاحترام المتبادل بين الزوجين): 'الزوج الذي يتفرد برأيه مخطئ والذي يتخذ القرار غير الصائب لمجرد مخالفة رأي زوجته وقد تبين له صوابها هو رجل أحمق، لا يقدر المصلحة ، ويضع كبرياءه في غير موضعها ، ويحقق انتصارات زائفة لا مكان لها إلا في عقله هو دون أحد سواه، كما أنه يفقد مكانته لدى زوجته'.


'
إن الملاحظ دائمًا أن عناد الزوج يسبق عناد الزوجة، فالأخير يأتي غالبًا كرد فعل لعناد الزوج، وتعليل ذلك أمرر سهل، فالزوج يبذل ما يستطيع من جهد لإثبات سيطرته وهيمنته بإلغاء ومحو أي رأي خلاف رأيه، وهو حين يفعل ذلك يضع الزوجة في موقف يحتم عليها أن تتخذ لنفسها موقفًا من ثلاث إما التصادم معه أو مهادنة هذا الموقف المستفز والسكوت والهدوء، أو دفع الزوج لفتح باب الحوار معها ؟ فتأخذ شكل العناد السلبي لكسر صراحة رأي الزوج وتمييع قراراته، كي تفتح ثغرة للحوار والمناقشة بأقل قدر ممكن من الخسائر'.
أما عناد الزوجة وتصلب رأيها ومخالفتها الزوج كل هذه الأمور تدفع الزواج على طريق شائك قد ينتهي بما لا تشتهيه النفوس، والكثير من الأزواج يشكون 'زوجتي عنيدة' وهو لا يعلم أن عنادها قد يكون هو السبب فيه، فإن تسلط الزوج أحيانًا وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها والاستهزاء به قد يدفع الزوجة في طريق العناد.فهناك بعض الأزواج لديهم أفكار خاطئة عن خيبة وفساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة كل البعد عن هدي الإسلام، وتكفينا هنا الإشارة إلى مشورة أم سلمة رضي الله عنها التي كانت سببًا في نجاة المسلمين من فتنة معصية الله ورسوله.وقد يأتي عناد الزوجة نتيجة لعدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها، وكذا تعبيرًا عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية.
والسؤال الذى يفرض نفسه الآن:هل تستطيع التخلص من العناد؟ بالطبع نعم فلو لم يكن العناد قابلا للعلاج لما نهانا الله عنه وحذرنا منه وعاقبنا عليه.وعلاج العناد يأتى باستحضار عظمة الله سبحانه وتعالى وتذكر ناره التى تنتظر المعاندين ولنعلم جميعا أن العناد هو نوع من الحمق والغباء فليس من العيب أن يخطئ الإنسان - لأن كل ابن آدم خطاء - ولكن العيب كل العيب هو التمادى فى الخطأ والإصرار عليه.
نرمين كحيلة

هناك تعليق واحد:

wael kohela يقول...

- الاصرار على الخطأ(أخذته العزة بالاثم)
- العناد المبنى على الهوى و الاستكبار و تجاهل الادلة المنطقية على الرغم من ثبوتهامع عدم التفكير فيها و فى احتمالات صوابها و خطئها
- العيب كل العيب هو فى التمادى فى الخطأ و الاصرار عليه .....
العناد فى اغلب الاحوال صفة سيئة جدا .. مقال رائع لكى جزيل الشكر عليه اميرة الكاتبات نرمين كحيلة