الاثنين، 30 يناير 2012

لماذا يلحد هؤلاء؟

   منذ أن عملت فى مجال الدعوة وأنا يشغلنى سؤال واحد:لماذا يلحد الملحدون؟ فسألت ذات يوم صديقتى الهولندية الملحدة لماذا تكفرين؟ فأجابت:كنت مسيحية ولكنى كفرت بالله فسألتها:لماذا؟ قالت:عندما كنت رضيعة تركنى أبواى عند جدتى وسافرا ولم يعودا حتى الآن ، لقد تخلصا من مسؤوليتى وعاشا حياتهما فتيقنت أنه لو كان هناك إلها لهذا الكون يدبره لما تركنى أعانى من الفقر والجوع والجهل والمرض لهذا كفرت بوجوده.
 
   فحوقلت وقلت: صدق الله العظيم حين قال:"ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون" (يوسف:87) يقول يعقوب عليه السلام لبنيه: ولا تيأسوا من روح الله  أى ولا تقنطوا من أن يروح الله عنا ما نحن فيه من الحزن على يوسف وأخيه بفرج من عنده إنه لا ييأس من روح الله  أى: لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه  إلا القوم الكافرون يعني : القوم الذين يجحدون قدرته على أن يفرج عنهم الغم الذي هم فيه.لذلك فإن المنتحر كافر لأنه يأس من رحمة الله.
    يقول الشيخ عبد المجيد الزندانى:"كنت فى مؤتمر للتعريف بالإسلام فذكرنا آية "أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء...... أإله مع الله قليلا ما تذكرون ) النمل:62 ) أمن يجيب المضطر ) المكروب) إذا دعاه ويكشف السوء )الضر (يقول العلماء:حتى الكافر المضطر إذا ضاقت به السبل ودعا الله فلن يخذله فقام أحد الملحدين وقال:أنا أمر بمشكلة خطيرة فى عملى تهدد مستقبلى الوظيفى فلو كان هناك ربا لهذا الكون لحل لى مشكلتى فقال له الشيخ الزندانى:أقول لك ماذا تفعل على أن تعدنى إذا تم حل مشكلتك أن تؤمن بالله وتشهد الشهادتين فقال:أعدك بهذا..يقول الشيخ الزندانى: فقلت للرجل أن يتوجه إلى الله بالدعاء فى الثلث الأخير من الليل أن يفرج كربه ويحل له مشكلته ففعل الرجل وبعد عدة أيام جاءه الرجل مهرولا يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فتعجب الحاضرون وسألوه:ماذا حدث؟ قال:لقد حل الله لى مشكلتى من حيث لم أحتسب ولم أتوقع ، آمنت أن هناك إلها لهذا الكون يسمع شكواى.

  يقول أحد الذين أسلموا:"أشد ما أسعدنى بدخولى الإسلام أنه أصبح لى ربا ألجأ إليه وقت الشدائد وقد كنت سابقا لا أجد من ألجأ إليه".

   عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً ؟ قال : الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه  وفيه : حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ، (أخرجه الحاكم )

    والأمثل أفعل من المثالة والجمع أماثل وهم الفضلاء . عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال:"دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا قال: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ذلك أن لك أجرين؟ قال: أجل كذلك ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها".

   فكما أن الطفل يشعر بالأمان وهو فى أحضان أمه فكذلك المؤمن لا يحزن أبدا وهو فى معية الله فالمؤمن متفائل دائمًا حتى فى أحلك لحظات حياته فلننظر إلى موسى عليه السلام وهو يعبر البحر  وقد أحيط به من قِبَل فرعون وجنوده" فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ")  الشعراء 25-26) فموسى عليه السلام لأنه مؤمن فهو على يقين أن الله لن يتركه فى هذا الموقف العصيب.

   وكذلك قال نوح عليه السلام حين  اشتد إيذاء الكفارعليه وعلى دعوته "ربِ إني مغلوب فانتصر" فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ" والفاء هنا تفيد السرعة والتعقيب فالله سبحانه وتعالى استجاب استجابة فورية لدعاء نوح عليه السلام ولذلك فقد سمى نفسه:"المجيب".
   أليس الله الذى نجى إبراهيم من النار قادر على أن ينجيك  ؟ "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" )  الانبياء69 .)

   أليس الذي أخرج يونس من بطن الحوت في ظلمة الليل وظلمة الحوت وظلمة المحيط قادر على أن يعينك ويخرجك من مآزقك ومحنتك ويرزقك وينجيك " فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ)  (الأنبياء:87ـ88) أعقب الله سبحانه وتعالى هذه الآية بجملة وكذلك ننجى المؤمنين أى أن استجابة الدعاء وتفريج الكرب ليس مقصورا على الأنبياء وإنما هو لكافة المؤمنين..وحتى حين أخرجه من بطن الحوت لم يتركه بل هيأ له معيشته وأنبت له شجرة اليقطين.

   بل إن قارون حين خسف به الله الأرض قال: يا موسى انقذنى  فقال موسى عليه السلام:لو استعان قارون برب موسى  لانقذه.

   جاءتنى امرأة ذات يوم وقالت لى:إن لى زوجا يسئ معاملتى وقد كرهت حياتى بسببه فقلت لها:اصبرى لعل الله يجعل لك مخرجا وبعد فترة قصيرة جاءتنى المرأة وهى ترتدى السواد فقلت لها:مابك؟ فقالت:وقع حجرا على زوجى وهو يسير فى الشارع فمات فى الحال.


    والحقيقة أن الله  لا يخذل أبدا من يلجأ إليه فلننظر إلى يوسف عليه السلام حين دعا ربه وطلب منه أن يصرف عنه كيد النسوة "فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (يوسف34) وكذلك أيوب عليه السلام   "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"  (الآنبياء 83 – 84) وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم حين مات من يدافع عنه زوجته الحبيبة خديجة وعمه أبو طالب فى عام الحزن فلم يبق له إلا الله الذى نصره وحفظه ..وإذا تتبعنا سير العظماء سنجد أنهم عاشوا حياة كلها معاناة..

   قال تعالى فى سورة الشرح:" فإن مع العسر يسرا إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً"
يقول الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار:" في هذه الآية خير عظيم ، إذ فيها البشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمده ، وأن الظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر.
   وقد بثت هذه الآية الأمل في نفوس الصحابة - رضوان الله عليهم- حيث رأوا في تكرارها توكيداً لوعود الله - عز وجل - بتحسن الأحوال ، فقال ابن مسعود : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه . وذكر بعض أهل اللغة أن (العسر) معرّف بأل ، و (يسرًا) نكرة ، وأن العرب إذا أعادت ذكر المعرفة كانت عين الأولى ، وإذا أعادت النكرة فكانت الثانية غير الأولى  . وخرجوا على هذا قول ابن عباس : لن يغلب عسر يسرين.
    وفى سورة الفتح بشارة عظيمة بفتح مكة رغم أنها نزلت فى وقت اعتقد المسلمون فيه أنهم مهزومون.. وفى خلال حفر الخندق أصيب المجاهدون بالتعب والعنت الشديدين، وحين ظهرت صخرة استصعبوا كسرها فاستنجدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا به يأتي، ويضرب الصخرة، فتلمع شرارة، فيقول صلى الله عليه وسلم "الله أكبر فتحت الروم"، وكأنه ، في عز الأزمة يبعث الأمل، والصحابة ينظرون إلى بعضهم البعض ويتساءلون: فتحت الروم؟!! كيف ذلك؟؟ ونحن لا نستطيع حتى قضاء حاجتنا من شدة الخوف!! ثم يضرب الصخرة مرة ثانية، ويقول: "الله أكبر فتحت فارس"، ويضرب الثالثة فتتكسر الصخرة.فالرسول صلى الله عليه وسلم، القائد، والمعلم، والقدوة، نراه في عز الشدة، وفي عز الأزمة، يعِد الصحابة بفتح بلاد فارس، وبفتح بلاد الروم، ويبعث الأمل، ويرفع المعنويات، ويشحذ الهمم..وفى الغار يقول لصاحبه والكفار يحيطون بهما يخشى أن يدركوهما:لا تحزن إن الله معنا..

    أقول هذا لأن كثيرا من الناس يسألنى كيف تتفاءلين ومصر الآن تمر بأزمة ومحنة؟فأقول لهم:إن الله يحب مصر وذكرها فى قرآنه ولا يمكن أن يضيعها فلا يختبر الذهب الا بالنار لأنه يتحمل درجات الحرارة العالية فيخرج لنا أجمل الحلى ، والزيتون عندما يُضغط: يأتي لنا بالزيت الصافي والفواكه عـنـد عصــرها: تعطينــا ألــذ العصــائر فإذا شعرت بمتاعب الحياة تضغطك بهمومها ..وتعصر قلبك بآلامها .. فلا تحزن !!إنه  الله يريد أن يخرج أحلى ما فيك: ايمانك لتنال الأجر، فاستعن بالصبر .لاَ تحزن إذا منع الله عنك شيء تحبه فَلَو​​​​​​​ علمتم كيف يدبّر الرّب أموركم لذابت قلوبكم مِن محبته .
نرمين كحيلة






ليست هناك تعليقات: