لا أعرف لماذا تثار دائما قضية كيفية تعامل الرئيس الجديد مع السياحة خاصة إذا كان من التيار الإسلامى؟ ولا أعرف لماذا يتم دائما حصر دور رئيس مصر القادم على السماح للأجانب بشرب الخمر والرقص والعرى والدعارة؟ هل الرئيس الجديد قام بحل كل المشكلات الداخلية والخارجية للبلاد ولم يتبقَ إلا الحديث فى ذلك الموضوع؟ لماذا يتصور الناس أن السائح ما أتى لمصر إلا لشرب الخمر ولبس البكينى والرقص؟ بالعكس هو لديه كل ذلك فى بلده ولكنه أتى ليشاهد الآثار والمعابد والمتاحف .. إن لى أصدقاء أجانب من كل أنحاء العالم ومن خلال خبرتى معهم ومناقشاتى العديدة فى هذا الموضوع قالوا لى أنهم يحترمون تقاليدنا وعاداتنا وبالفعل عندما استضفت إحداهن – وكانت أمريكية - فى منزلى كانت تقول لى قبل أن تخرج انظرى إلى ملابسى هل هى ضيقة أو قصيرة أنا على استعداد للبس الطويل الواسع بل وعلى استعداد لارتداء الحجاب أيضا فقلت لها: يا عزيزتى ليس الأمر إلى ذلك الحد أنتِ غير مسلمة ولا أستطيع أن ألزمكِ بالحجاب لكنى أطلب منكِ الحشمة فقط مراعاة لمشاعر الشعب المصرى ففعلت وهى راضية وسعيدة بل وقالت لى: بل سأرتدى قبعة تخفى شعرى احتراما لدينك وتقاليدك.
أليس السائح عندما يزور مسجد محمد على بالقاهرة نلزمه بخلع حذائه قبل دخول المسجد؟ وفى بعض الأحيان أراهم يغطون شعورهم احتراما لوقار المسجد..كل ذلك لا يُغضِب السائح ولا يجعله يقسم بأغلظ الأيمان ألا يأتى مرة أخرى إلى بلادنا..بل بالعكس هو ينظر لمثل هذه الأشياء على أنها شئ جديد وطريف.
كانت لى صديقة ألمانية قضت معى بعض الأيام واصطحبتها إلى بعض البازارات فاشترت قميصا فأهداها البائع طرحة وأخذ يلفها فوق رأسها فسعدت صديقتى بذلك أيما سعادة وأخذت تلتقط الصور لنفسها وهى بذلك المنظر وحافظت على الطرحة كأنها كنز أو تحفة حصلت عليها بل وفاجأتنى أيضا بأنها أحضرت معها طرحة فسألتها متعجبة؟ من أين حصلتِ على هذه الطرحة؟ قالت:أعطتنى إياها صديقتى التركية المسلمة وقالت ضعيها على رأسك إذا دخلتِ المسجد.
هذا هو السائح الذى نتهمه بأنه سيفر مفزوعا ويتولى هاربا لو تم حرمانه من الخمر والعرى.
عندما تم سن قانون فى فرنسا بأن تخلع المسلمات الحجاب قال وقتها المفتى وشيخ الأزهر أن من حق رئيس فرنسا أن يفعل ذلك وأن على المسلمات الالتزام بهذا القانون واحترام قوانين فرنسا التى يعشن فيها. فلماذا الكيل بمكيالين؟هل من حق فرنسا أن تمنع الحجاب وليس من حق مصر أن تطالب زائريها باحترام تقاليدها وعاداتها ودينها؟ هل مصر دولة صغيرة تابعة وخاضعة وذليلة؟ أليس من حق صاحب البيت أن يفرض شروطه على الضيف من الالتزام بآداب الضيافة؟
لقد حدث موقفا مشابها أيام النبى صلى الله عليه وسلم..هذا الحدث من قلب التاريخ المضيء لهذه الأمة قبل أربعة عشر قرناً.. إذ نزل القرآن عليهم بآياته "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" فأبردت على الفور الصدور الوجلة من عيلة ( افتقار) دولتهم الناشئة بسبب منعهم خصومهم من الاقتراب من المسجد الحرام وما ترتب عليه من فقدانهم لمزية التبادل التجاري معهم في موسم الحج.
وَذَلِكَ لَمَّا نزلت : إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا (التوبة: 28 ) خاف أهل مكة أن تنقطع عنهم الميرة والتجارة ، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (يعني فقرًا.) (التوبة : 28) فذكروا أن تَبَالة وجُرش أخصبتا ، فأغناهم الله بِهما وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ } باللّه الذين عبدوا معه غيره { نَجَسٌ } أي: خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع اللّه آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا؟". وأعمالهم ما بين محاربة للّه، وصد عن سبيل اللّه ونصر للباطل، ورد للحق، وعمل بالفساد في الأرض لا في الصلاح، فعليكم أن تطهروا أشرف البيوت وأطهرها عنهم.
{ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } وهو سنة تسع من الهجرة، حين حج بالناس أبو بكر الصديق، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عليا، أن يؤذن يوم الحج الأكبر بـ { براءة } فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
وليس المراد هنا، نجاسة البدن، فإن الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن اللّه تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها. وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية، بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة.
وقوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ } أيها المسلمون { عَيْلَةً } أي: فقرا وحاجة، من منع المشركين من قربان المسجد الحرام، بأن تنقطع الأسباب التي بينكم وبينهم من الأمور الدنيوية، { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } فليس الرزق مقصورا على باب واحد، ومحل واحد، بل لا ينغلق باب إلا وفتح غيره أبواب كثيرة، فإن فضل اللّه واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا لوجهه الكريم، فإن اللّه أكرم الأكرمين.
وقد أنجز اللّه وعده، فإن اللّه قد أغنى المسلمين من فضله، وبسط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.
قال الجبرتى – المؤرخ المعروف – أن من بين أسباب كراهية الشعب المصرى للحملة الفرنسية أنهم لم يراعوا مشاعر المصريين وأخذوا يشربون الخمر فى الشارع ويرقصون مع النساء ويدخلون الأزهر بخيولهم ، ووصف ذلك بأنه شيئا كريها لم يعتده المصريون الذين عرفوا بالحياء..فما أحوجنا إلى الجبرتى اليوم!!
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق