فى الماضى كان هناك مسجون سياسى ، دخل السجن أو اعتُقِلَ بتهمة سياسية بسبب معارضته للحكومة أو النظام ، وسواء كان ذلك عن طريق مظاهرة قام بها أو رأى عبر عنه فى صحيفة ، أو توزيع منشورات أو تحريض على قلب نظام الحكم..أما الآن فأصبح هناك ما يعرف بالمجنون السياسى بدلا ًمن المسجون السياسى ، فعندما لم يجد المواطن المصرى قوت يومه ، ولا ما ينفق به على أولاده ، وفى ظل معيشة اقتصادية واجتماعية متدنية ، وفى الوقت نفسه هو محروم من الاعتراض أو التعبير عن رأيه بصراحة ، لم يجد أمامه إلا أن يفقد عقله ، ثم يهيم فى الشوارع يعبر عن رأيه فى حكومته وحكامه بمنتهى الحرية ، وساعتها لن يستطيع أحد حبسه أو اعتقاله ، بل أقصى ما يمكن فعله هو إيداعه فى مستشفى الأمراض العقلية ، وعندما يكثر عدد المجانين سياسيًا سوف تنشئ لهم الحكومة مستشفى خاص تسميه:"مستشفى الأمراض السياسية" وتقوم بإنشاء أقسامًا مختلفة طبقا ًلحالتهم ، فمثلا ًيكون هناك عنبر لضحايا الرئيس ، ويكون هناك عنبر آخر لضحايا رئيس الوزراء ، ويكون هناك عنبر ثالث لضحايا الخصخصة وعنبر لضحايا وزير الزراعة أو الصناعة أو الثقافة....إلخ. ويتم التبرع لهذا المستشفى من جميع الجهات السياسية التى أدت بهم إلى هذه الحالة ، ويكتب على قميص كل مجنون من الأمام:"جعلونى مجنونا ً"ثم يكتب من الخلف:"الضحية رقم كذا" . تخيلت ذلك وأنا أستمع إلى صراخ أحد الأشخاص الهائمين على وجوههم فى الشارع حيث أخذ يخاطب الرئيس والوزراء ويوجه لهم نداءات بصوت مسموع ثم ينظر إلى السماء ويشتكى إلى الله ، ويحكى للناس مظلمته.
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق