إن للصيام فوائد عظيمة فقد جاء علماء الصوم الطبى فى الغرب اليوم وقاموا بشرحه الشرح العلمى المناسب ؛ فقد جاء عالم غربى يسمى "شيلتون" وأثبت بالتجارب العلمية شفاء ثلاثة آلاف حالة صوم من أمراض مزمنة معضلة ومنها على سبيل المثال الشكوى من البدانة حيث استطاع الصوم الطبى أن ينقص الوزن أسبوعيًا ما بين 5-7 كجم دون أن يشعر الصائم بالجوع والوهن ، أما المصابون بالداء السكرى فيكفيهم صوم أسبوعين فقط حتى ينقص وزنهم وتزول أعراض الداء السكرى عندهم دون الحاجة للعودة إلى استعمال أى دواء خافض للسكر فى الدم..ولدى المصابين بقرحة الدوالى استطاع الصوم أن يجلب الشفاء بعد ثلاثة أسابيع وقد عولج أشخاص من هذا الداء بعد أن يئسوا من الشفاء ، حتى إنه كان آخر ما وصف لهم بتر الساق من الركبة ، فقد عولجوا بالصوم لمدة 40 يومًا ، فكان الشفاء حليفهم وعند المصابين بالتهاب الوريد ، يعتبر الصوم أسرع علاج ، إذ أن الشفاء يتم بعد أسبوعين فقط وكذلك عند المصابين بحب الشباب ، يكفيهم صيام أسبوعين حتى تعود بشرتهم نضرة ، وكأنه قد أجرى لهم عملية تجميل ناجحة ويكفى أن نعرف أن أحد علماء الغرب اكتشف أن الإنسان يحتاج لصيام شهر سنويًا لصحته أما المصابون بأمراض الربو والسعال فقد كانت النتيجة رائعة بعد صيام ثلاثة أسابيع فقط..أما الذين يشكون من آلام فقرية سواء كانت رقبية أم عجزية قطنية فإن الصيام كفيل بضمان شفائهم بعد مدة ثلاثة أسابيع ، ويعتبر فقر الدم أحد الأمراض التى تشفى بالصوم مع أن القارئ قد يتصور عكس ذلك تمامًا إلا أن الحقيقة العلمية هى أن الحديد الذى يدخره الجسم يخرج أثناء الصيام وتنشط مراكز توليد الكريات الحمراء وهى تقى العظام فيشفى من فقر الدم ، كل ذلك ثابت بالتحاليل المخبرية الدموية كما يقلل الصيام من تزايد حمض البوليك فى الدم ، ولعل ذلك هو ما جعل للصيام أهمية قصوى فى حياة المسلم ليس لفوائده البدنية فحسب ولكن أيضًا لفوائده النفسية والروحية فالإنسان فى أثناء الصوم يصل إلى درجة الملائكية حيث أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون ولذلك فهناك بعض الذنوب لا يكفرها إلا الصيام عندما يكون الجسد قد غرق فى الشهوات والمعاصى فإن علاجه الوحيد هو أن يعود إلى حالة الملائكية بالصيام. وقد كان ولا يزال الصيام هو وسيلة التقرب الأولى إلى الله – عزوجل- ولنتذكر سيدنا موسى عليه السلام حين ذهب لمقابلة ربه فطلب منه الصيام لمدة ثلاثين يومًا ولما انتهت المدة المقررة استحى أن يقابل الله بفم رائحته كريهة فأخذ عشبًا من الأرض وتلوك به ثم تفله فجاءه جبريل عليه السلام وقال له:" لماذا أفطرت يا موسى ؟ " قال:" حتى لا أقابل ربى بفم كريه..فقال له:" إن ربك يقول لك:صم عشرة أيام أخرى ولا تقابله إلا وأنت صائم." فأتمها موسى أربعين يومًا وعندما جاءت السيدة مريم العذراء ومعها المسيح تحمله قال لها الله:"قولى لكل من يقابلك إنى نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًا". وكذلك زكريا عليه السلام كانت آيته ألا يكلم الناس ثلاث ليالٍ (وهذا هو نوع من أنواع الصيام صيام عن الكلام) وليتنا نصوم عن الكلام اليوم فإن آفة ألسنتنا هى كثرة اللغو والكلام. بل إن مشكلة عدم القدرة على الزواج حلها الإسلام بطريقة سهلة وبسيطة وهى الصيام فقد جاء فى الحديث الشريف:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" هذه هى أهمية الصوم للصحة النفسية والبدنية أما أطرف العادات والتقاليد التى كانت تحدث فى شهر رمضان فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين فقد كان لهذا الشهر حرمة مقدسة يصومه الرجال والنساء والأطفال ، وتشجع المدارس الأطفال على الصيام وتؤنب المفطرين والويل كل الويل للمفطرين من عقاب الحكومة : أولاً فقد كان المحتسب يحاسب المفطر بعد أن يسأله عن سبب إفطاره لاحتمال أن يكون مريضًا أو مسافرًا فإن أثبت شيئاً مما يبيح له الإفطار عذره للجهر به. وإن كان مفطرًا لغير سبب أدَّبه..هذا عدا ما يلاقيه من استهزاء الأطفال والمناداة عليه:"يا فاطر رمضان يا خاسر دينك سكينة الجزار تقطع مصارينك" كما كانت الحكومة تعاقب المفطرين من موظفيها بغير عذر شرعى وفى القرن التاسع عشر الميلادى كانت دوائر الحكومة تعطل فيه ليتفرغ المستخدمون فيه للعبادة وأما فى الدولة المملوكية فقد كانت تعد برامج للاحتفال بليلة الرؤية ، منها إطلاق الصواريخ من ميدان التحرير لمدة ساعة تبدأ فى الثامنة والنصف ، كما أعدت اثنتا عشرة فرقة موسيقية للعزف فى أهم ميادين العاصمة ، وفى كل الأحياء ليلة الرؤية ، وأيام ذكرى غزوة بدر وليلة القدر أو ليلة النصف من شهر رمضان ، وليالى عيد الفطر، وعهد إلى فرق أخرى بالعزف فى عواصم المديريات..ولكن من أسوا التقاليد والعادات فى هذا الشهر الكريم هو عدم فهم معنى الصيام الحقيقى فمثلا نجد بعض الأطفال يلعبون بالمفرقعات فيروعون المارة ويتلذذون بذلك رغم أنه منافيًا للأخلاق الإسلامية فقد قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم):"لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا" فيجب أن نربى أولادنا على تلك الأخلاقيات لا أن نشجعهم على ترويع الناس. وأذكر أننى كنت يومًا أصلى صلاة التراويح فى أحد المساجد فجاء مجموعة من الصبية وأخذوا يلعبون بالمفرقعات فسمعنا دوى انفجارات شديدة فظننا أن انفجارًا ما وقع بالمكان وارتجف المصلون وهم فى قمة خشوعهم...وبرغم أن هذا هو شهر العبادات والتخفف من الطعام إلا أن ما يحدث هو العكس فقد درجت العادة عند الناس أن يكثروا من الطعام بل ويسرفوا فيه فتصبح أجسامهم ثقيلة غير قادرة على العبادة كما نجد عادة قبيحة وهى الخيم الرمضانية التى يتسحر فيها الناس مع تدخين الشيشة ومشاهدة الراقصات والمغنيات وغيرها....وهكذا يضيع معنى وقيمة وقت السحر الذى ينزل فيه الله تعالى من السموات العلا إلى السماء الدنيا يسأل عن حاجة الناس ليقضيها والملائكة تتنزل من السماء لتصلى على المتسحرين فكيف لا نخجل أن يرانا الله وملائكته فى ذلك الوضع المشين كما أن إقبال المسلمين بإسراف على مشاهدة التلفاز فى هذا الشهر وتضييع وقتهم فيما لا يفيد يفوت عليهم فرصة عظيمة فى أن يكونوا عتقاء الله من النار..أتمنى أن تختفى هذه المظاهر السلبية فى رمضان وكل عام وأنتم بخير.
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق