كانت هناك امرأة سوداء ليست جميلة فتزوجها رجل وعندما رأى وجهها لأول مرة يوم العرس هرب منها فقالت له:لعل الله يجعل فيما تكره خيرا.. وتحمل المرأة وتمر الأيام وإذا بالمرأة تلد ابنا وتربيه تربية دينية حتى يكون فقيها ويراه الأب فيعجب به وهو لا يعلم أنه ابنه وعندما يعلم يعود إلى الأم ويتذكر قولها:لعل الله يجعل فيما تكره خيرا.. فيندم ويتعلم أن المرأة ليست بشكلها ولكن بدينها وأخلاقها وعقلها.
مر شاب بابراهيم بن ادهم (رضى الله عنه ) وهو يعظ الناس فقال الشاب لابراهيم بن ادهم يا ابراهيم انى احب فتاة جميلة فقال له يا بنى لا جمال تراه الا فانيا فاشغل نفسك بالجمال الاعظم تذوب في الوجود وتختلط بحقائق الامور فقال له الشاب يصف له جمال محبوبته فقال له آه لو رأيت عينيها أو دانيت وجنتيها آه لو رأيت ثغرها وهى تبتسم لكانت عذابك الدئم الذى تحبه
فقال له إبراهيم بن أدهم
يا مسكين آه لو رأيتها بعد الموت بلحظات وقد تغير لونها وشحب وجهها واصفر بياضها واهطل خدها لذهل عقلك وآه لو رأيتها بعد موتها بثلاثة أيام وقد تعفن جسدها ونتن ريحها وتمزق لحمها وسرح الدود فى ما كنت تشتهيه من محارمها فماذا أنت فاعل وقتها يا مسكين
يا فتى.
فقال له إبراهيم بن أدهم
يا مسكين آه لو رأيتها بعد الموت بلحظات وقد تغير لونها وشحب وجهها واصفر بياضها واهطل خدها لذهل عقلك وآه لو رأيتها بعد موتها بثلاثة أيام وقد تعفن جسدها ونتن ريحها وتمزق لحمها وسرح الدود فى ما كنت تشتهيه من محارمها فماذا أنت فاعل وقتها يا مسكين
يا فتى.
يحكى أنه في القرن الأول الهجري كان هناك شابا تقيا يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولأنه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق الى أحد البساتين والتي كانت مملؤة بأشجار التفاح وكان أحد أغصان شجرة منها متدليا في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا أحد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحده ... فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع الى بيته بدأت نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم أستأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وها أنا ذا اليوم أستأذنك فيها فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله ..بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل إليه أن يسامحه وقال له أنا مستعد أن أعمل أي شي بشرط أن تسامحني وتحللني وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا اصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه الى صلاة العصر... فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم إنني مستعد للعمل فلاحا في هذا البستان من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني عندها... أطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني إنني مستعد أن أسامحك الآن لكن بشرط.. فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشترط ما بدى لك ياعم فقال صاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي !!!ا صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ... ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج أستأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك ..صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصا أنه لازال في مقتبل العمر؟ وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟ بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا و انجو من ورطة التفاحة !!!!ا ثم توجه الى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يجازيني على نيتي وأن يعوضني خيرا مما أصابني فقال صاحب البستان .... حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب فقال له أبوها: يا بني... تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذه من يده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها .... فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعرها كالحرير على كتفيها فقامت ومشت اليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت: السلام عليك يا زوجي ....أما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الارض وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم مالذي حدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلام ... ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالت إنني عمياء من النظر إلى الحرام وبكماء من النظر الى الحرام وصماء من الاستماع إلى الحرام ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام .... وإنني وحيدة أبي ومنذعدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي أن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له سوف يتقى الله فى ابنته.وبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة ..أتدرون من ذلك الغلام ؟ إنه الإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور.
هذه القصة نخرج منها بدروس:أولاً: أن الأب أراد أن يتأكد من صدق إيمان الرجل لأنه لو مؤمن فعلا لن يهمه الجمال بقدر ما يهمه الدين ويُفهَم من القصة أن الأب قد عرض ابنته بأوصافها تلك على عرسان كثيرين قبله فلم يوافقوا ، لكن نية هذا الشاب الصادقة جعلته يفوز بتلك الفتاة التى جمعت كل المحاسن خلقا وخلقا ، ولأنه فقير فقد زوجه الله دون أن ينفق شيئًا وجعله يلتقى بذلك الرجل لأن نيتهما معا كانت الفوز برضا الله وفى نفس الوقت فاز الرجل بزوج صالح لابنته..وكانت مكافأة الله لهما أن رزقهما بولد هو الإمام أبو حنيفة فيما بعد ..هل رأيتم قيمة أن الإنسان حين يهتم بالجوهر دون المظهر فإن الله يكرمه. فالشاب لم يطلب حتى أن يرى الفتاة ليعاينها ويرى هل تصلح له أم لا ؟ بل فكر فى الجنة وكيف يفوز بها حتى لو كان ذلك على حساب دنياه فكافأه الله.
فالذى يخطب امرأة مثلا وتتعرض لحادث فتفقد ساقها أو يدها أو تصاب بالعمى أو المرض فيتركها خطيبها..فإن هذا يدل على أنه عشق جسدًا دون روح. فالجسد معرض للموت أو المرض أو الشيخوخة.أما الروح فهى باقية.
أما قصة عبد الله بن مسعود رضى الله عنه حين تسلق النخلة ليقطف منها الرطب فضحك الصحابة لدقة رجليه فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم: إنها عند الله أثقل من جبل أحد..وكان أحد الصحابة أسود دميم فاتضن النبى ظهره وقال مازحا: من يشترى هذا العبد ؟ فقال: إذن تجدنى كاسدا يا رسول الله..فقال النبى: ولكنك عند الله غالى.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم". وقد قال الله تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ولم يقل :"إن أكرمكم عند الله أجملكم".
فليتنا نتعلم هذا الدرس ونعرف أن الجمال الحقيقى فى الدين والأخلاق والروح.
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق