من أعظم المنح التى أعطاها الله لنا هى منحة لقائه والتحدث إليه ؛ فأعطانا منحة لقائه خمس مرات فى اليوم هى مواقيت الصلاة لعرض مشاكلنا عليه وتصليح أى عيب قد يظهر فى أجسامنا وأرواحنا فمثلما تُعرَض الماكينة على المهندس الذى صنعها ليعمل لها صيانة دورية ، طلب الله عز وجل منا أن نُعرَض عليه خمس مرات يوميا ًليجرى لنا صيانة يومية لأننا صنعته. فمنا من هو مريض ومنا من هو مهموم....إلخ. فإذا جلسنا فى الصلاة ودعونا الله ذهب عنا كل ما أهمنا..كما أعطانا الله فرصة مقابلته يوم عيد الفطر وهى أعظم هدية أو منحة مَنَّ الله بها علينا نحن عباده الفقراء ، فكثير منا لا يعرف قيمة وعظمة صلاة العيد ويؤديها باعتبارها عادة وليست متعة وكثيرون يحرمون هذه المتعة الكبيرة وهى متعة لقاء الله بعد شهر طويل من العبادات المكثفة والصوم ومجاهدة النفس بالامتناع عن كل الشهوات. يستدعيك ربك لتقف بين يديه فيعطيك جوائز السماء تماما ً مثل الأجير الذى أنجز عمله بإتقان فذهب لصاحب العمل يأخذ أجره منه ، فهذه هى أسعد لحظة فى حياته. ساعتها ينسى التعب والإرهاق وعرق الجبين الذى تفََصَّد منه أثناء العمل. وهى نفس فكرة صيام موسى عليه السلام لمدة ثلاثين يوما ً (ثم زيادتها إلى أربعين يوما ًبعد ذلك) ثم لقاء الله على جبل الطور..فعجبا ًلمن ينامون ويتركون هذا اللقاء الروحانى العظيم.
ولقد اختار ربنا تبارك وتعالى الصباح الباكر لأنه يشتاق إلى عباده فى أول يوم بعد انتهاء الصيام ليقول لك : أحسنت ويعطيك شهادة تقدير موقعة منه شخصيا ً جل وعلا بما أن الصيام هو العبادة الوحيدة التى له وهو الذى يجزى بها ، فكذلك لا بد أن يسلمك الجائزة بنفسه. وحتى لا يتحول العيد بالنسبة لنا ولأولادنا إلى كعك وملاهى ولعب وننسى الهدف الحقيقى من ورائه لابد أن نغرس فى نفوس أطفالنا تلك المعانى السامية ، نقول لهم : أننا يوم العيد نلبس الجديد ونتطيب ونكون فى أحسن صورة لأننا سنذهب لمقابلة ملك الملوك ، ويأمرنا أن نأكل بضع تمرات قبل أن نخرج فهذا هو الرب الذى أمرنا بالصيام يأمرنا الآن بالفطور.
وصلاة العيد هى الصلاة الوحيدة التى ليس لها آذان لأنه من المفروض أنك تشتاق لمقابلة ربك لتتسلم جائزتك مثل ذلك الذى يذهب لتسلم جائزة أوسكار أو نوبل فى حفل تكريم. كان من الممكن أن يتم الإفطار بدون عيد وبدون صلاة ، فقد طلب منا الله أن يذهب الجميع ولا يتخلف أحد حتى الحائض والنفساء تذهب لملاقاة ربها وتشهد الصلاة فنرى العجوز والصبى والشاب كل يجرى لملاقاة ربه. أذكر أنى ذهبت أصلى العيد فى أحد الأيام فقالت لى سيدة فى الثلاثين من عمرها : اشرحى لى كيف أصلى العيد فهذه هى أول مرة أصلى فيها العيد فى حياتى. فشعرت بأنى أشفق عليها لأنها لم تستشعر حلاوة ولذة لقاء الله وحرمت منه طوال ثلاثين عاما ً فيا أيها الغافل النائم عن صلاة العيد ألا تستيقظ للقاء ربك وتلبية ندائه ؟ مسكين أنت إن لم تفعل!
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق