الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

مفهوم الجمال فى الإسلام (الحلقة الثانية)

         
     إذن مقاييس الجمال فى العصر الواحد مختلفة من مكان إلى آخر فالطول المستحب فى بعض البلدان مكروهًا فى بلدان أخرى والامتلاء المطلوب فى بلد مكروهًا فى بلد أخر والبياض المفضل فى مكان غير محبوب فى مكان آخر...إذن فالجمال نسبى ؛ ما يراه البعض جمالاً يراه البعض الآخر قبحًا ودمامة..فما هو مقياس الجمال الحقيقى الذى لا يتغير ؟؟؟
    إن خالق الجمال وهو الله سبحانه وتعالى قد حدد لنا مقاييس الجمال التى لا تتغير بحكم أنه الخالق المبدع وهذه المقاييس هى: بالنسبة للمرأة فإن المرأة الحوراء هى الجميلة ، والحور هو شدة بياض بياض العين وشدة سواد سواد العين وهى لذلك مكافأة المؤمنين فى الجنة أى الحور العين فلو كانت العيون الزرقاء أجمل لقال الله عزو جل أن نساء الجنة ستكون ذوات عيون زرقاء أو خضراء وأن شعورهن ستكون صفراء...يقول أطباء العيون أن وصف حور العين فى القرآن فيه استحالة فى تحققه فى الدنيا لأن لون إنسان العين الذى نطلق عليه مجازًا أسود هو اللون البنى الداكن..وهذا معناه أن لون العين كلما كان داكنًا كان أجمل وليس العكس ، وقد فتن الشّعراء بسواد العين ، إذ غدوا صرعى بسحره. قال جرير
إنّ العيون التي في طرفها حورٌ
قتلننا  ثمّ  لم  يُحيين  قتلانا
فالرجل الذكى إذن هو الذى يختار عروسه بمقاييس الجمال التى وضعها الله وليس بمقاييسنا نحن..
وقديمًا كانت الأم أو الأخت تذهب إلى بيت العروس لتتفحص جسدها وأردافها وأسنانها وشعرها وبروز نهديها كأن العروس جارية معروضة فى سوق النخاسة..رغم أنه لابد أن ينظر للمرأة على أنها إنسان له قيمة ، هذه القيمة لا تستمدها من جسدها ولكن من دينها وعقلها وأخلاقها..وقد قال عبد الوهاب فى أغنيته الشهيرة:"وعشق الروح ليس له آخر أما عشق الجسد فهو فانى" إذن فإن الجمال الحقيقى هو جمال الروح. لذا فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:"تنكح المرأة ل......و....و....فاظفر بذات الدين تربت يداك ولأمة خرساء سوداء ذات دين أفضل". 
     هذا الهوس العالمي بجمال المرأة تجاوز حدود المعقول.. وبدأ يتعداه إلى حدود غير طبيعية.. إذ أصبح البحث عن
الجمال هاجس المرأة الأول والأخير حتى إنها أصبحت تقيم بجمالها ولا شئ غيره كما يحدث في مسابقات الجمال
العالمية. وأصبح الأمر منتشراً لدرجة مريعة.. لدرجة أثرت في نفسية كثير من النساء والفتيات، فأصيب بعضهن بعقد
النقص، والبعض بهوس تغيير المظهر ما بين فترة وأخرى، بينما البعض عانى من أمراض نفسية وعضوية بسبب ذلك
البحث عن الجمال.. بمفهوم الغرب.. وبدراسة حقيقة الاهتمام العالمي بمسألة الجمال أضحى حفل اختيار
ملكة جمال العالم أو الكون حدثاً عالمياً تنقله كل وكالات الأنباء و جميع القنوات الفضائية..لماذا كل هذا الاهتمام بجمال المرأة.. ولماذا أصبح الغرب أنفسهم يعارضون هذه الاحتفالات ويعتبرونها رمزاً للعنصرية وإهانة المرأة..
في وقتنا الحالي انتشر هوس كبير بحفلات ملكات الجمال، والذي انتقل من المجتمعات الغربية إلى مجتمعاتنا حتى غدا لكل مناسبة ولكل موسم ملكة جمال فتلك ملكة جمال العارضات، وتلك ملكة جمال السمراوات أو الشقراوات، و تلك ملكة جمال المراهقات أو الأطفال، والأخرى ملكة جمال الربيع وتلك ملكة جمال الريف وصولاً إلى ملكة جمال موسم البطيخ بل وملكة جمال القمامة!!..
ومن العمليات الخطرة التي تقوم بها بعض الطامحات للقب أن يقمن بإزالة الزوج السفلي من أضلاع الصدر في عملية جراحية خطرة حتى يضيق الخصر أكثر وتصبح أكثر مطابقة للمقاييس. ورغم أن ذلك يعرضهن لمتاعب صحية جمة فيما بعد.. إلا أن ذلك يهون لديهن في سبيل المال والشهرة..

      إن مقاييس الجمال التى وضعها الله مجسدة فى النبى صلى الله عليه وسلم فقد خلقه الله على أجمل صورة فلم يكن شديد البياض والبرص ، يتلألأ نوراً و كان أسيل الوجه مسنون الخدين ولم يكن مستديراً غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم ، وكان حاجباه صلى الله عليه وسلم قويان مقوسان، متصلان اتصالاً خفيفاً، لا يرى اتصالهما إلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار السفر. وكان صلى الله عليه وسلم مشرب العينين بحمرة، وهي عروق حمر رقاق . وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة - أي رموش العينين - ناصعتي البياض كان صلى الله عليه وسلم شديد السواد رجلاً، أي ليس مسترسلاً كشعر الروم ولا جعداً كشعر السودان وإنما هو على هيئة المتمشط ، يصل إلى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصل إلى شحمة أذنيه.فالشعر الناعم شديد النعومة الذى ليس به أية تموجات ليس جميلا بمقاييس الله بل الجمال أن يكون ناعما فى تموجات ولذا فإننا نجد مصففى الشعر العالميين يخترعون آلة لتجعيد الشعر الناعم حتى يكون جميلا. والبياض الناصع أيضا ليس جميلا ولكن البياض المشرب بالحمرة..
وقد قال الشيخ الشعراوى رحمه الله أن أذواقنا يجب أن تتغير حسب المقاييس التى وضعها لنا الله ورسوله والمتجسدة فى أوصاف الرسول وفى قوله أن الرجل إذا تزوج المرأة لجمالها فقط فهو خاسر خسرانا كبيرا لأن الجمال زائل ويمكن أن يكون نقمة على الإنسان "فعسى جمالهن أن يرديهن". وكثيرا ما فشلت زيجات لزوجات جميلات.

     أما جمال الرجل فالمعروف أن فكرة الناس عنه هى أن يكون الرجل ضخمًا عريض المنكبين طويلا مسترسل الشعر لكننا لو نظرنا إلى زوجة موسى عليه السلام نجد أنها أحبت فيه قوته وأمانته فهى لم تقل لأبيها مثلا يا أبت استأجره إن خير من استأجرت الطويل العريض أو الوسيم الجميل أو ذو الشعر المنسدل على الجبهة فرغم أن موسى عليه السلام كان أسمر البشرة ذو شعر أجعد إلا أن المرأة استطاعت أن ترى فيه جمال آخر هو جمال الخلق والروح. فقد وجدت أن الأمانة هى أجمل كثيرا من جمال الوجه والملامح. وكذلك فإن الجمال الحقيقى ليوسف عليه السلام لا يكمن فى جمال خلقته بل فى جمال أخلاقه ودينه. وقد أوقعه جماله فى مشاكل عديدة فحين تغزلت فيه امرأة العزيز قال لها: آه لو رأيتنى بعد دفنى سوف تنفرين منى أما جمال الدين والأخلاق والروح فيستمران بعد الوفاة. وأعتقد أن الله عزوجل قد خلقه على هذه الصورة الجميلة ليلقن الناس درسًا أنهم لا يجب أن ينصب اهتمامهم على جمال الشكل ولكن الأهم أن ينظروا لجمال الأخلاق والدين وبالفعل فإن زوجة العزيز فى نهاية القصة قد تعلمت الدرس ووعته وكذلك النسوة اللاتى قطعن أيديهن وكل قارئ للقصة لا بد أن يعى هذا الدرس العظيم فقد جعلها الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة لنتعلم منها.

ليست هناك تعليقات: