هناك فى الاسكندرية فى إحدى محطات القطار افترش رجل الأرض جالسًا القرفصاء مرتديًا نظارة سوداء إخفاءً لهويته أو ربما تظاهرًا بالعمى ليستدر عطف الناس .. ثم أخذ يقرأ آيات من القرآن الكريم ، وواضح من تلاوته أن له علم بالقراءات وأحكام التجويد والعجيب أن صوته جهورى وقوى وجميل يصلح لأن يتلو فى الحفلات والمآتم فقلت لنفسى:"ربما كان شيخا أزهريًا ثم جار عليه الزمان فلجأ إلى التسول!" والغريب أنه يستخدم القرآن كأداة للتسول فقد أخذ الناس فى الغدوة والروحة يضعون فى يده بعض النقود وهو لا يبرح مكانه من ليل أو نهار.
شئ جميل أن يتلو الإنسان القرآن ولكن العيب كل العيب أن يستخدم القرآن والدين لأغراض التسول خاصة أن الشعب المصرى بطبيعته متدين ولا يرضى أن يترك فى العراء نهبًا للجوع والبرد شيخا كهذا يتلو آيات من الذكر الحكيم ويشجيهم بصوته. ولأن زمننا هذا هو زمن العجائب فقد اتخذ الشيوخ مظهرًا آخر غير صورة سيدنا فى الكُتَّاب القديم الذى كان يتسول أو لنقل يرتشى من تلامذته بقمع سكر أو بضع بيضات ورغيف عيش. ويبدو أن الرجل موهوبًا ولكن لأنه ليس لاعب كرة ولا ممثل ولا فنان ولا راقصة فليس له حظ فى الظهور على شاشات التلفزيون أو وسائل الإعلام فلم يجد أرحب من قارعة الطريق تستضيفه متخيلا أنها خشبة مسرح أو دار عرض لموهبته تمامًا كما يحدث فى الغرب حيث يقوم المتسول الأوروبى بعرض موهبته فى الموسيقى مثلا فى الشارع ويجمع أموالا طائلة من المارة.
كان التسول قديمًا عن طريق إحداث عاهة فى الجسد أو حمل طفل صغير أو رضيع والتظاهر بأنه يتيم أما الآن فقد اتخذ شكلا آخر يتلاءم مع طبيعة العصر حيث أن الشكل القديم المعتاد للمتسول لم يعد يقنع الناس ، ولا أعرف كيف أصبح الشارع المصرى مستباحًا للجميع دون رقابة ؟ فاللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
نرمين كحيلة
عرضت قناة العربية الإخبارية منذ فترة طويلة فى برنامجها "محطات" قضية هامة ومثيرة وهى تنصير النمارك للمهاجرين إليها حيث ان وزارة التعليم هناك تفرض تدريس مادة التربية المسيحية لغير المسيحيين ويتم تسليم الطلاب كتاب عن قصة حياة المسح وصلبه ، ويرد ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الكتاب بصفته قائد وزعيم للمسلمين وليس نبيا ورسولا. والغريب فى الأمر أن الدنمارك هى الدولة الأوروبية الوحيدة غير العلمانية ؛ فدينها الرسمى كما ينص عليه الدستور هو االمسيحية ، وقد تمت استضافة رجل ملحد فى هذا البرنامج أقر بكفره وإلحاده علنا أمام شاشات التلفاز بل واعترض مستنكرا تدريس الدين المسيحى لابنه التلميذ بالمدرسة الابتدائية وقال أنه رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية ورفع شكوى إلى كل منظمات حقوق الإنسان فى العالم .. لكى يتم إلغاء تدريس هذه المادة لولده الذى أتى إليه ذات يوم مذعورًا لأنهم علموه بالمدرسة أن هناك نارًا تنتظر من لا يؤمن بالمسيح ، وأن هناك بعث وحساب بعد الموت وهذا يؤثر على نفسية طفله .. ويؤكد الرجل أنه متمسك بحقه فى الكفر لأن حق الكفر مكفول لكل مواطن .. وفى نفس الوقت تمت استضافة رجل مسلم وزوجته المسلمة اللذين شكيا نفس الشكوى بالنسبة لتدريس تلك المادة لطفلهما بالمدرسة موضحين أن ذلك يعد تنصيرًا إجباريًا للأطفال.
والمحزن فى الأمر أن تلك الأم المسلمة غير محجبة فهى لم تطبق شرع الله على نفسها وفى بيتها فكيف تطلب من غيرها احترام دينها ؟ وتلك هى آفتنا جميعًا ؛ فنحن- المسلمون - لم ننصر ديننل ولا نبينا فى بيوتنا أولا بالسير على منهجه وبالتالى تقاعسنا عن نصرته أمام العالم .. أما هذا الرجل الكافر فقد حارب بمنتهى الشراسة للدفاع عن قضيته الباطلة الفاسدة وهى الكفر !! فلو أننا ندافع عن ديننا بمثل هذا الحماس لما وصلنا لهذا الانحطاط والذل والهوان .. إننا فاشلون حتى فى عرض قضيتنا أمام المحافل الدولية ؛ فعندما يأتى السائح إلى بلادنا يخرج منها وهو سعيد لأنه قد تعلم الرقص الشرقى على أيدى نخبة ممتازة من الراقصين المصريين ، وشرب الخمر المعتق المنعش ، وغنى أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب ، فلماذا لا ننتهز هذه الفرصة وتطبع وزارة السياحة كتيبات صغيرة عن الإسلام تسلم للسائح مجانا مع تذكرة دخول المتاحف والمناطق السياحية ، ويتم تعليق لافتات فى الأماكن التى يرتادها السياح عن الإسلام وعظمته ورسوله الكريم .. وبهذه الطريقة البسيطة نكون قد دافعنا عن ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم ونقف فى وجه الهجمة الشرسة عن الإسلام والمسلمين ، والإعلام الغربى الفاسد المضلل الذى يظهر المسلم بصفته إرهابى.
وفى نفس البرنامج استضافت القناة شاب مسلم جزائرى أعلن اعتناقه النصرانية .. وقد سألته المذيعة عن سبب تحوله من الإسلام للمسيحية فأجاب أنه وجد الحب والاحتواء فى دين المسيح الذىهو أب لجميع المسيحيين ، وأنها هو شخصيًا يعتبر المسيح أبًا له ويناديه بكلمة أبى. ومن المؤسف أن وراء تنصير هذا الشاب وغيره من المسلميين الجزائريين هى منظمة مسيحية جنبية ترصد ملايين الدولارات لحملة تنصير واسعة فى الدول العربية ، وتستهدف المسلمين خاصة. وقد نجحت هذه المنظمة فى تنصير عدد كبير جدًا من المسلمين بلغ عشرة آلاف مسلم فى الجزائر وحدها. ساعتها فقط كادت دمعة كبيرة تسقط على خدى وقلت لنفسى سرًا:"أين رئيس الجزائر من هذه المؤامرة ؟" وتذكرت أبا بكر الصديق رضى الله عنه وهو يحارب حروب الردة من أجل إعادة المسلمين المرتدين إلى حظيرة الإسلام. إنه لم يقبل منهم أن يمتنعوا عن أداء الزكاة فكيف بنا الآن وقد خرج المسلمون عن الملة وتحولوا إلى دين آخر؟! أخشى ما أخشاه أن نأتى يوم القيامة ونقابل النبى صلى الله عليه وسلم فلا نستطيع أن ننظر إليه خجلا لأننا تخاذلنا عن نصرته.
نرمين كحيلة
مسكين هو الحيوان فى عصرنا الحالى، فهو يعانى من أفعال البشر، فهناك القطة التى انتزعوا منها أولادها وحرموها من عاطفة الأمومة التى هى من أولى الدوافع والغرائز عند الحيوان.
وهناك الكلب الذى يدوسه شاب مستهتر بسيارته فتظل جثته طريحة الشارع لا تجد من يدفنها.. وهذا الحمار صاحبه يضربه ليل نهار ويلهب جسده النحيل بسوطه القاسى.. وهذا الولد يشد ذيل قطة تسير فى الشارع وهى تصرخ وتئن.. وهذا الكلب يجرون وراءه ويرجمونه بالحجارة. إن هذه الأفعال وغيرها لا يقبلها الإسلام، فلقد أُمِرنا نحن المسلمين بالرفق بالحيوان، فقد كان أبو هريرة رضى الله عنه يحمل فى كمه قطيطة صغيرة ولذا فقد سمى بأبى هريرة لشدة التصاقه بالهرة وعطفه عليها.
وذات يوم كان النبى، صلى الله عليه وسلم، يجلس مع أصحابه فجاءت هرة ونامت فوق عباءته ولما أراد النبى، صلى الله عليه وسلم، أن يقوم من مجلسه قطع عباءته حتى لا يزعجها. وكلنا يعرف المرأة التى دخلت النار فى هرة لأنها حبستها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض ولم تطعمها حتى ماتت. قد يقول قائل: هذا سبب تافه لدخول النار فكم يساوى هذا الحيوان عند الله ليحرق بسببه ويعذب فى النار؟ نقول له: إن الفكرة ليست فى قيمة وأهمية هذا الحيوان أو ذاك، ولكن الفكرة فى الرحمة التى ينبغى أن تملأ قلب المسلم لأنك إذا رحمت حيوانا ضعيفا لا حول له ولا قوة سترحم من هو أعظم وأقوى منه، سترحم والديك، سترحم أولادك.
هذه الرحمة التى اشتق منها الله اسمين من أسمائه الحسنى فهو الرحمن وهو الرحيم.. هذه الرحمة هى التى جعلت النبى صلى الله عليه وسلم، يقول فى الحديث الشريف: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته". وللسبب نفسه جعل الله للذبح طريقة لا تؤلم المذبوح وهى قطع شرايين العنق، أو بمعنى أصح قطع الأوداج التى هى الحلقوم والمرىء.
يقول العلماء إن هذه الطريقة تؤدى إلى عدم إحساس الحيوان بالألم أثناء خروج الروح، وقد يتساءل البعض فلماذا إذن يترنح المذبوح يمنة ويسرة بعد ذبحه؟ يجيبنا العلماء أن الشرايين عندما تقطع يتدفق الدم فيرسل القلب رسالة إلى المخ طالبا منه أن يمده بالدم فيرسل له المخ مزيدا من الدماء فتتحرك الذبيحة بهذا الشكل نتيجة التدفق السريع للدم.. ومن آداب الذبح ألا يقوم الجزار بذبح حيوان أمام حيوان آخر حتى لا يفزعه، وأن لا يريه السكين التى سيذبحه به. وقد أثبتت الدراسات فعلا أن الحيوان الذى يذبح بغير الطريقة الإسلامية يؤثر ذلك فى ملمس لحمه وطعمه وشكله، حيث تفرز غدة الأدرينالين عند الخوف ما يعكر صفو اللحم ومذاقه.
روى أن الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه، رؤى بعد وفاته فى رؤيا وهو يقف بين يدى ربه عز وجل يسأله، فقال له: أتعلم لماذا أدخلتك الجنة؟ قال الشافعى: لعل ذلك بسبب اشتغالى بالعلم والفقه أربعين سنة، فقال الله: لا. قال الشافعى: لعل ذلك بسبب حسن خلقى وعبادتى لك. قال الله: لا، بل لأنك ذات يوم كنت جالسا تكتب وأمامك الدواة والمحبرة فجاءت فراشة فسقطت على المداد (الحبر) وشربت منه فتركتها حتى شربت فارتوت ثم طارت فبرحمتك لها رَحِمْتك.
يا لله الشافعى بجلال قدره وفقهه وعلمه لم يشفع له عند الله إلا فراشة ضعيفة! وهذا الرجل الذى كان يمشى فى الصحراء فوجد كلبا يلهث من العطش فنزل البئر وملأ خفيه بالماء ثم أمسكه بفيه حتى سقى الكلب فشكر الله له فغفر له وأدخله الجنة. قال الصحابة: أو أن لنا فى البهائم أجرا؟ أى وإن لنا فى سقى البهائم والإحسان إليها أجرا؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: فى كل ذات كبد رطبة صدقة (أجر). أى فى إرواء كل ذى كبد حية من حيوان أو إنسان أجر حاصل.
وباستعراض هذه الحالة نرى أن الرجل قد تحمل مشقات بالغة وبذل جهدا كبيرا؛ فمن هذه المشقات أنه نزل إلى البئر من غير طريق ممهد، وعرض خفه للتلف بجعل الماء فيه وأمسكه بفمه وكل ذلك من أجل رعاية كلب ضال لا يوجد صاحبه بجواره ولا يطلع أحد على صنيع ذلك الرجل إلا الله.
ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة فقد كان رحمة للعالمين وأقرب مثال لذلك أنه عندما ذهب لفتح مكة بصحبة جيش الصحابة وجد فى الطريق كلبة ترضع صغارها فظهر الفزع عليها فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بتحويل مسار الجيش كله بعيدا عن الكلبة حتى لا يفزعها ويروعها.
يحكى أن جملا أتى للنبى، صلى الله عليه وسلم، يشكو أن أصحابه يحملونه ما لا يطيق ثم بكى، فربت النبى عليه وأوصى أصحابه به فقالوا له: والله لنريحنه من العمل الشاق إكراما لك يا رسول الله.
إن الحيوان يحس ويفهم وليس أدل على ذلك من هدهد سليمان عليه السلام الذى راح يستكشف قوم بلقيس وعرف اسم المدينة التى ذهب إليها، فمن أخبر الهدهد أن هذه المدينة اسمها سبأ بل إنه قيم الموقف كله من وجهة نظر سليمة وعرف أن هذه المرأة هى الملكة، وأن هؤلاء شعبها وفهم حديثهم واستنكر أنهم يشركون بالله.. ليس هذا فحسب بل إنه وقف مجادلا سيدنا سليمان عليه السلام وتفاخر بأنه يعلم مالا يعلمه فقال: "أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ".
إذن الحيوان يعرف أسماء الأشخاص والأماكن ويستطيع تقييم الأحداث والتعليق عليها، وكذلك النملة أضعف مخلوق على وجه البسيطة تأمر قومها بدخول مساكنهم خشية أن تدوسهم أقدام سيدنا سليمان وجنوده ويكون لديها بعد نظر فى تقييم الموقف والتماس العذر لسيدنا سليمان وهذا يذكرنا بالحديث القائل: "لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لأمر الله الأرض أن تنخسف بالناس"، ومعنى هذا أننا مرحومون ببركة هذه الحيوانات فهى تسمع ما لا نسمع وترى مالا نرى وتشعر بالزلازل والبراكين والكوارث قبل وقوعها فمثلا الكلب يشعر بموت صاحبه قبل أن يموت بأسبوع فيصوم عن الطعام حزنا عليه، والأفيال تشعر بدنو أجلها وتختار المكان الذى تذهب إليه لتموت هناك.. كما أننا نتعلم من الحيوان كما حدث مع قابيل عندما أرسل الله له الغراب ليعلمه كيف يدفن أخاه.
أذكر أننى كنت أقتنى ديكا ودجاجة وكنت ألحظ قصة الحب التى تربط بينهما، وعندما ذبحنا الدجاجة ظل الديك وحيدا بعد أن فقد وليفته فانقطع عن الطعام تماما، وأخذ يذوى ويذبل ثم انزوى فى أحد الأركان ورقد على جنبه، كأنه يتذكر لحظات السعادة التى كانت تجمعه بوليفته وذكرياتهما الجميلة معا، وأخذت أرقب لحظات احتضاره حتى أسلم الروح إلى بارئها وحزنت حزنا شديدا ليس لموته، ولكن لأنى فرقت بينه وبين من يحب فكانت أنظاره تتجه إلىَّ كأنها تلومنى على تلك القسوة، ومن يومها عاهدت نفسى ألا أكررها ثانية فمن لا يَرحَم لا يُرحَم.. إنها الرحمة يا سادة فارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.
كان خبرا فاجعًا، بل كارثة بكل المقاييس، حتى أنى ظننت أن القيامة قد أوشكت وأن هذه هى إحدى علاماتها أو ربما على الأقل أن عصر الجاهلية قد عاد بكل مساوئه وهمجيته ووحشيته وانتهاكه لحقوق الإنسان، ولأننا فى عصر قد انتهى فيه إرسال الأنبياء فلن يأتى نبى جديد لإنقاذنا مما نحن فيه.
كان الخبر بعنوان اغتصاب جماعى بأمر المحكمة، وهو عن فتاة تبلغ من العمر 18 سنة وتنتمى لإحدى القبائل الباكستانية اتهم أخوها ذو الحادية عشر ربيعًا بأنه يرافق بنت من قبيلة أخرى أعلى من قبيلته فى المستوى الاجتماعى، وقد رُفِع أمر هذا الصبى إلى محكمة القبيلة التى أمرت بأن يتم اغتصاب شقيقة الفتى المتهم عملا بالمثل القائل التار ولا العار.
بدأت مشاهد الموقف المأسوى بإعداد مسرح الجريمة ووضع الفتاة على منصة تتوسط المقاعد التى اصطفت وامتلأت بالجماهير الذين بلغوا ألف متفرج وكأنهم أتوا ليشاهدوا مسرحية، وأجبر أبو الفتاة على الجلوس فى الصف الأول لتزداد حسرته على ابنته وحاول أن يثنيهم عن فكرتهم وأن الولد مازال صغيرا طالبا منهم العفو والتسامح إلا أنهم رفضوا، وتم تجريد الفتاة من ملابسها تحت سمع وبصر الجميع وكانت ترتجف خوفا وخجلا ، وتم الاغتصاب من قِبَل أربعة رجال من القبيلة المعادية وحكم على الفتاة أن تعود إلى بيتها عارية، وكل ذلك ولا أحد يتدخل من الشرطة أو رجال الدين، والغريب فى الأمر أن هذا الحدث يتكرر فى كل عام عشرات المرات فأين الحياء والمروءة والشهامة وهذا بلد المفروض أنه إسلامى؟ ألا يعلمون أنه لا تزروا وازرة وزر أخرى؟ ثم ما ذنب الفتاة المسكينة أن يلاحقها العار بقية حياتها ؟
كان الناس فى عصر الجاهلية يئدون بناتهم أما فى العصر الحديث فأصبحوا يغتصبونهن. وربما شجعتها هذه الواقعة على الانخراط فى طريق الرذيلة فيما بعد، بعد أن ذهب حياؤها وشرفها ومن سيتزوجها بعد ما حدث؟ ألا يعلمون أن عقاب الزانى غير المتزوج فى الإسلام 80 جلدة وليس عقابه أن يتم اغتصاب أخته.
والسؤال الآن أين رجال الدين من كل ما يحدث ؟ أم أنهم يقولون إن هذه حرية شخصية أو شأن داخلى لدولة أخرى كما حدث فى مسألة الحجاب قبل ذلك فى فرنسا ؟ إن مقاومة ما حدث تصبح واجبا وفرضا على كل علماء المسلمين فى كل بقاع الأرض بما فيهم الأزهر الشريف.
نرمين كحيلة
كل يوم يضع لنا خبراء الجمال فى العالم مقاييس جديدة للجمال فبالأمس كان مقياس جمال الوجه أن يكون كامل الاستدارة كالبدر ليلة تمامه أما اليوم فقد تخلوا عن هذه القاعدة وقالوا لا يشترط فى الجميلة أن يكون وجهها مستديرًا..وقالوا قديمًا أن المرأة جمالها أن تكون أقرب إلى السمنة أى تكون ممتلئة القوام أما اليوم فقد تغيرت المقاييس وأصبحت عكس ذلك فأضحت النحافة هى علامة الجمال وكلما كانت العظام بارزة والجسد نحيل كانت المرأة أجمل ..وتنافست النساء من أجل الوصول إلى أقصى درجة من النحافة فمنهن من لجأت للرجيم ومنهن من اشترت دواء للنحافة ومنهن من مارست الرياضة من أجل إنزال وزنها.
و لقد حدّد المجتمع الغربي المقاييسالتي تمثّل المرأة الجميلة، وهي أن تكون طويلة، رشيقة، شقراء . أما المجتمع العربي فكانتمقاييسالجمالالأساسية لديه الإمتلاء والبياض، الأنف الدقيق والعيون الواسعه الكحيلة و العنقالصافي الطويل والجسم الممتليء مع الشعر الأسود الطويل والبشرة البيضاء الصافية.
وكثير من الناس يعتقد أن البياض الناصع فى المرأة علامة جمال وأن العيون الزرقاء والشعر الأصفر من علامات جمال المرأة والرجل.. وكثيرًا ما لجأ مشاهير الفن إلى عمليات تجميلية لتتوافق أجسامهم مع المقاييس الجديدة للجمال وكلما تغيرت هذه المقاييس لجأوا إلى عمليات أخرى وهكذا..فذات الشعر الأسود تصبغه بالأصفر وذات العيون السوداء تضع العدسات الزرقاء..وهكذا.
والغربيون اليوم يفضلون الطول الفارع ويهتمون به كثيرًا كأهم مقاييس للجمال ، فكلما كانت المرأة طويلة كلما كانت جميلة..أما في اليابان فهناك مقاييس مختلفه إذ يفضلون المرأة الناعمة الرقيقةالبيضاء، صافية البشرة والعنق ، هادئة الصوت والتي تكونقدماها صغيرتان ومشيتهارقيقة ومتقاربة الخطى وكانوا يعتبرون الطولعيبا لاميزة في المرأة أى أن أهم شئ فى المرأة اليابانية هى أن تكون صغيرة القدمين حتى أنهم يضعون أقدام الفتاة الصغيرة فى قالب حديدى حتى لا تكبر ولا تنمو أكثر من ذلك الحجم.
أما بعض الشعوب مثل الإسكيموا والهنود الحمر فيهتمون برائحة المرأة وبالذاترائحة الفموالجسم والشعرإذ يحرصون على وضع الزيوتالعطريه والأوراق بالشعر مع مضغبعض النباتات التي تطيب رائحة الفموهم يختبرون رائحة فم المرأة وجسمها قبلخطبتها ومنها الخاطبة التيتقوم بمهمة شم رائحة المرأةالمستهدفة .....
أما الفراعنة القدماء فقد اهتموا بالعيون الكحيلة أكثر من غيرها إذ بحثوا عن أجودأنواع الكحل لأن المرأة كلما ركزت على جمال عينيها أصبحت أكثرسحراوجاذبيه واهتموا كثيرا بالعطور والأبخره ..... وهم أول من استخدماللبان لتعطيرالفم .........
أما بعض القبائل الأفريقية فيزيدون في مهر المرأة كلما ازداد سواد بشرتها لأن ذلكليس دليلا على الجمال فقط !! بل دليل على صفاءعرقها كما أنهم لايفضلون الشعرالطويل أبدًا إذ يقومون بحلق الفتياتتماما (( على الصفر )) حتى تبدو أكثر أنوثةوجاذبيه !!!!!! كما تعجبهمالسمنةااا .....أى أن المرأة الجميلة فى نظر الأفارقة هى المرأة الصلعاء شديدة السواد السمينة.
أما قبائل منغوليا والتبت : تفضل العنق الطويل جدا حتى أنهم يضعونحلقات معدنيهعلى عنق الفتاة منذ ولادتها كل عام حتى يزدادطولهاوقد تصل الحلقات لعدد كبير جدا حتىإن المرأة لتبدو كالزرافة .... لكنهاالأجمل لديهم .....
أما في جنوب السودان وبعض الدول الأفريقيةفتهتم بعض القبائل جدابالشقوق التييقومون بعملها على وجه المرأة منذ ولادتها كحمايةلها !!... وكذا بطنها ويديهاويعتبرون المرأة غيرالمخمشة ناقصة وقدلاتصلح للزواج ,,,,,,,
إذن مقاييس الجمال فى العصر الواحد مختلفة من مكان إلى آخر فالطول المستحب فى بعض البلدان مكروهًا فى بلدان أخرى والامتلاء المطلوب فى بلد مكروهًا فى بلد أخر والبياض المفضل فى مكان غير محبوب فى مكان آخر...إذن فالجمال نسبى ؛ ما يراه البعض جمالاً يراه البعض الآخر قبحًا ودمامة..فما هو مقياس الجمال الحقيقى الذى لا يتغير ؟؟؟
إن خالق الجمال وهو الله سبحانه وتعالى قد حدد لنا مقاييس الجمال التى لا تتغير بحكم أنه الخالق المبدع وهذه المقاييس هى: بالنسبة للمرأة فإن المرأة الحوراء هى الجميلة ، والحور هو شدة بياض بياض العين وشدة سواد سواد العين وهى لذلك مكافأة المؤمنين فى الجنة أى الحور العين فلو كانت العيون الزرقاء أجمل لقال الله عزو جل أن نساء الجنة ستكون ذوات عيون زرقاء أو خضراء وأن شعورهن ستكون صفراء...يقول أطباء العيون أن وصف حور العين فى القرآن فيه استحالة فى تحققه فى الدنيا لأن لون إنسان العين الذى نطلق عليه مجازًا أسود هو اللون البنى الداكن..وهذا معناه أن لون العين كلما كان داكنًا كان أجمل وليس العكس ، وقدفتن الشّعراء بسواد العين ، إذ غدوا صرعى بسحره. قال جرير إنّ العيون التي في طرفها حورٌ قتلننا ثمّ لم يُحيينقتلانا
فالرجل الذكى إذن هو الذى يختار عروسه بمقاييس الجمال التى وضعها الله وليس بمقاييسنا نحن..
وقديمًا كانت الأم أو الأخت تذهب إلى بيت العروس لتتفحص جسدها وأردافها وأسنانها وشعرها وبروز نهديها كأن العروس جارية معروضة فى سوق النخاسة..رغم أنه لابد أن ينظر للمرأة على أنها إنسان له قيمة ، هذه القيمة لا تستمدها من جسدها ولكن من دينها وعقلها وأخلاقها..وقد قال عبد الوهاب فى أغنيته الشهيرة:"وعشق الروح ليس له آخر أما عشق الجسد فهو فانى" إذن فإن الجمال الحقيقى هو جمال الروح. لذا فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:"تنكح المرأة ل......و....و....فاظفر بذات الدين تربت يداك ولأمة خرساء سوداء ذات دين أفضل".
هذا الهوس العالمي بجمال المرأة تجاوز حدود المعقول.. وبدأ يتعداه إلى حدود غير طبيعية.. إذ أصبح البحث عن
الجمال هاجس المرأة الأول والأخير حتى إنها أصبحت تقيم بجمالها ولا شئ غيره كما يحدث في مسابقات الجمال
العالمية. وأصبح الأمر منتشراً لدرجة مريعة.. لدرجة أثرت في نفسية كثير من النساء والفتيات، فأصيب بعضهن بعقد
النقص، والبعض بهوس تغيير المظهر ما بين فترة وأخرى، بينما البعض عانى من أمراض نفسية وعضوية بسبب ذلك
البحث عن الجمال.. بمفهوم الغرب.. وبدراسة حقيقة الاهتمام العالمي بمسألة الجمال أضحى حفل اختيار
ملكة جمال العالم أو الكون حدثاً عالمياً تنقله كل وكالات الأنباء و جميع القنوات الفضائية..لماذا كل هذا الاهتمام بجمال المرأة.. ولماذا أصبح الغرب أنفسهم يعارضون هذه الاحتفالات ويعتبرونها رمزاً للعنصرية وإهانة المرأة..
في وقتنا الحالي انتشر هوس كبير بحفلات ملكات الجمال، والذي انتقل من المجتمعات الغربية إلى مجتمعاتنا حتى غدا لكل مناسبة ولكل موسم ملكة جمال فتلك ملكة جمال العارضات، وتلك ملكة جمال السمراوات أو الشقراوات، و تلك ملكة جمال المراهقات أو الأطفال، والأخرى ملكة جمال الربيع وتلك ملكة جمال الريف وصولاً إلى ملكة جمال موسم البطيخ بل وملكة جمال القمامة!!..
ومن العمليات الخطرة التي تقوم بها بعض الطامحات للقب أن يقمن بإزالة الزوج السفلي من أضلاع الصدر في عملية جراحية خطرة حتى يضيق الخصر أكثر وتصبح أكثر مطابقة للمقاييس. ورغم أن ذلك يعرضهن لمتاعب صحية جمة فيما بعد.. إلا أن ذلك يهون لديهن في سبيل المال والشهرة..
إن مقاييس الجمال التى وضعها الله مجسدة فى النبى صلى الله عليه وسلم فقد خلقه الله على أجمل صورة فلم يكن شديد البياض والبرص ، يتلألأ نوراً و كان أسيل الوجه مسنون الخدين ولم يكن مستديراً غاية التدوير، بلكان بين الاستدارة والإسالة هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم ، وكان حاجباه صلى الله عليه وسلم قويان مقوسان، متصلان اتصالاً خفيفاً، لا يرىاتصالهما إلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار السفر.وكان صلى الله عليه وسلم مشرب العينين بحمرة، وهي عروق حمررقاق . وكانت عيناهواسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة - أي رموش العينين - ناصعتيالبياض كان صلى الله عليه وسلم شديد السواد رجلاً، أي ليسمسترسلاً كشعر الروم ولا جعداً كشعر السودانوإنما هو على هيئة المتمشط ، يصل إلىأنصاف أذنيهحيناً ويرسله أحياناً فيصل إلى شحمة أذنيه.فالشعر الناعم شديد النعومة الذى ليس به أية تموجات ليس جميلا بمقاييس الله بل الجمال أن يكون ناعما فى تموجات ولذا فإننا نجد مصففى الشعر العالميين يخترعون آلة لتجعيد الشعر الناعم حتى يكون جميلا. والبياض الناصع أيضا ليس جميلا ولكن البياض المشرب بالحمرة..
وقد قال الشيخ الشعراوى رحمه الله أن أذواقنا يجب أن تتغير حسب المقاييس التى وضعها لنا الله ورسوله والمتجسدة فى أوصاف الرسول وفى قوله أن الرجل إذا تزوج المرأة لجمالها فقط فهو خاسر خسرانا كبيرا لأن الجمال زائل ويمكن أن يكون نقمة على الإنسان "فعسى جمالهن أن يرديهن". وكثيرا ما فشلت زيجات لزوجات جميلات.
أما جمال الرجل فالمعروف أن فكرة الناس عنه هى أن يكون الرجل ضخمًا عريض المنكبين طويلا مسترسل الشعر لكننا لو نظرنا إلى زوجة موسى عليه السلام نجد أنها أحبت فيه قوته وأمانته فهى لم تقل لأبيها مثلا يا أبت استأجره إن خير من استأجرت الطويل العريض أو الوسيم الجميل أو ذو الشعر المنسدل على الجبهة فرغم أن موسى عليه السلام كان أسمر البشرة ذو شعر أجعد إلا أن المرأة استطاعت أن ترى فيه جمال آخر هو جمال الخلق والروح. فقد وجدت أن الأمانة هى أجمل كثيرا من جمال الوجه والملامح. وكذلك فإن الجمال الحقيقى ليوسف عليه السلام لا يكمن فى جمال خلقته بل فى جمال أخلاقه ودينه. وقد أوقعه جماله فى مشاكل عديدة فحين تغزلت فيه امرأة العزيز قال لها: آه لو رأيتنى بعد دفنى سوف تنفرين منى أما جمال الدين والأخلاق والروح فيستمران بعد الوفاة. وأعتقد أن الله عزوجل قد خلقه على هذه الصورة الجميلة ليلقن الناس درسًا أنهم لا يجب أن ينصب اهتمامهم على جمال الشكل ولكن الأهم أن ينظروا لجمال الأخلاق والدين وبالفعل فإن زوجة العزيز فى نهاية القصة قد تعلمت الدرس ووعته وكذلك النسوة اللاتى قطعن أيديهن وكل قارئ للقصة لا بد أن يعى هذا الدرس العظيم فقد جعلها الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة لنتعلم منها.
كانت هناك امرأة سوداء ليست جميلة فتزوجها رجل وعندما رأى وجهها لأول مرة يوم العرس هرب منها فقالت له:لعل الله يجعل فيما تكره خيرا.. وتحمل المرأة وتمر الأيام وإذا بالمرأة تلد ابنا وتربيه تربية دينية حتى يكون فقيها ويراه الأب فيعجب به وهو لا يعلم أنه ابنه وعندما يعلم يعود إلى الأم ويتذكر قولها:لعل الله يجعل فيما تكره خيرا..فيندم ويتعلم أن المرأة ليست بشكلها ولكن بدينها وأخلاقها وعقلها.
مر شاب بابراهيم بن ادهم (رضى الله عنه ) وهو يعظ الناس فقال الشاب لابراهيم بنادهم يا ابراهيم انى احب فتاة جميلة فقال له يا بنى لا جمال تراه الا فانيا فاشغلنفسك بالجمال الاعظم تذوب في الوجود وتختلط بحقائق الامور فقال له الشاب يصف لهجمال محبوبتهفقال له آه لو رأيت عينيها أو دانيت وجنتيها آه لو رأيت ثغرها وهىتبتسم لكانت عذابك الدئم الذى تحبه فقال له إبراهيم بن أدهم يا مسكين آه لورأيتها بعد الموت بلحظات وقد تغير لونها وشحب وجهها واصفر بياضها واهطل خدها لذهلعقلك وآه لو رأيتها بعد موتها بثلاثة أيام وقد تعفن جسدها ونتن ريحها وتمزق لحمهاوسرح الدود فى ما كنت تشتهيه من محارمها فماذا أنت فاعل وقتها يا مسكين يافتى.
يحكى أنه في القرن الأول الهجري كان هناكشابا تقيا يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا وفي يوم من الأيام خرج من بيته منشدة الجوع ولأنه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق الى أحد البساتين والتي كانتمملؤة بأشجار التفاح وكان أحد أغصان شجرة منها متدليا في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا أحد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحةواحده ... فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع الى بيته بدأت نفسهتلومه وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم أستأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب ياعم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وها أنا ذااليوم أستأذنك فيها فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل أنا خصيمكيوم القيامة عند الله ..بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل إليه أن يسامحه وقال لهأنا مستعد أن أعمل أي شي بشرط أن تسامحني وتحللني وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا اصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه الى صلاة العصر... فلما خرج صاحب البستانوجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نورالطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم إنني مستعد للعمل فلاحا في هذاالبستان من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني عندها... أطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني إنني مستعد أن أسامحك الآن لكنبشرط.. فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشترط ما بدى لك ياعم فقالصاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي !!!ا صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولميستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ... ولكن يا بني اعلم أن ابنتيعمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج أستأمنهعليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك ..صدمالشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصاأنه لازال في مقتبل العمر؟ وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذهالعاهات ؟ بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا و انجو من ورطة التفاحة !!!!ا ثم توجه الى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أنيجازيني على نيتي وأن يعوضني خيرا مما أصابني فقال صاحب البستان .... حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب فقال له أبوها: يا بني... تفضل بالدخول على زوجتك وبارك اللهلكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذه من يده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيهاابنته فلما فتح الباب ورآها .... فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعرها كالحرير على كتفيها فقامت ومشت اليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت: السلام عليك يا زوجي ....أما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حوريةمن حوريات الجنة نزلت إلى الارض وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم مالذي حدث ولماذا قالأبوها ذلك الكلام ... ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالتإنني عمياء من النظر إلى الحرام وبكماء من النظر الى الحرام وصماء من الاستماع إلىالحرام ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام .... وإنني وحيدة أبي ومنذعدة سنوات وأبييبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي أن منيخاف من أكل تفاحة لا تحل لهسوف يتقى الله فى ابنته.وبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاماكان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة..أتدرون من ذلك الغلام ؟ إنهالإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور.
هذه القصة نخرج منها بدروس:أولاً: أن الأب أراد أن يتأكد من صدق إيمان الرجل لأنه لو مؤمن فعلا لن يهمه الجمال بقدر ما يهمه الدين ويُفهَم من القصة أن الأب قد عرض ابنته بأوصافها تلك على عرسان كثيرين قبله فلم يوافقوا ، لكن نية هذا الشاب الصادقة جعلته يفوز بتلك الفتاة التى جمعت كل المحاسن خلقا وخلقا ، ولأنه فقير فقد زوجه الله دون أن ينفق شيئًا وجعله يلتقى بذلك الرجل لأن نيتهما معا كانت الفوز برضا الله وفى نفس الوقت فاز الرجل بزوج صالح لابنته..وكانت مكافأة الله لهما أن رزقهما بولد هو الإمام أبو حنيفة فيما بعد ..هل رأيتم قيمة أن الإنسان حين يهتم بالجوهر دون المظهر فإن الله يكرمه. فالشاب لم يطلب حتى أن يرى الفتاة ليعاينها ويرى هل تصلح له أم لا ؟ بل فكر فى الجنة وكيف يفوز بها حتى لو كان ذلك على حساب دنياه فكافأه الله.
فالذى يخطب امرأة مثلا وتتعرض لحادث فتفقد ساقها أو يدها أو تصاب بالعمى أو المرض فيتركها خطيبها..فإن هذا يدل على أنه عشق جسدًا دون روح. فالجسد معرض للموت أو المرض أو الشيخوخة.أما الروح فهى باقية.
أما قصة عبد الله بن مسعود رضى الله عنه حين تسلق النخلة ليقطف منها الرطب فضحك الصحابة لدقة رجليه فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم: إنها عند الله أثقل من جبل أحد..وكان أحد الصحابة أسود دميم فاتضن النبى ظهره وقال مازحا: من يشترى هذا العبد ؟ فقال: إذن تجدنى كاسدا يا رسول الله..فقال النبى: ولكنك عند الله غالى.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم". وقد قال الله تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ولم يقل :"إن أكرمكم عند الله أجملكم".
فليتنا نتعلم هذا الدرس ونعرف أن الجمال الحقيقى فى الدين والأخلاق والروح.
كلنا يعلم أن الإسلام دين التسامح ، ودائمًا نتفوه بهذه الكلمة فى بيوتنا ومساجدنا وقنواتنا الفضائية ، لكن لا أحد يطبق هذا الخلق بمعناه الصحيح. فمثلاً الأخ لا ينسى لأخيه الإساءة والأم لا تنسى لأبنائها العقوق والكويتيون لا ينسون ما فعله صدام والجيش العراقى بهم والسعوديون لا ينسون ما فعله محمد على بهم..وإذا قلت لأحد سامح من ظلمك فإن الله غفور رحيم يقول لك: "إليك عنى فإنك لا تعلم ماذا فعل بى وكم ظلمنى" ويظل المظلوم يدعو بكل ما أوتى من قوة على ظالمه بالشلل والجذام والبرص والعمى وغيره... وإذا تتبعنا تاريخ التسامح فى الإسلام سنجد أمثلة رائعة فى القديم والحديث فمثلا إن أول قصة فى التسامح هى قصة ابنى آدم قابيل وهابيل ؛ فهابيل سامح قابيل وقال له :" لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" وسيدنا يعقوب عليه السلام إذا استعرضنا قصته سنجد أن أبناءه تآمروا لقتل أحب أبنائه إليه وهو يوسف عليه السلام ثم حرموه منه سنوات طويلة وظل يبكى حتى فقد بصره. ليس هذا فحسب بل عقوه وسلقوه بألسنتهم قائلين له:"تالله إنك لفى ضلالك القديم". وهو له عليهم حق الأبوة أولاً وحق النبوة ثانيًا وهم يعلمون أنه نبى لا ينطق عن الهوى ويرى ما لا يرون فكان يجب عليهم تصديقه عندما قال لهم:"إنى لأجد ريح يوسف" فاتهامهم له بأنه رجل عجوز مخرف ذنب عظيم لا يليق بحق الأب الرسول ، ومن جهة أخرى يوسف عليه السلام ماذا كان إحساسه عندما ألقى به إخوته فى البئر المظلم عاريًا بلا قميص يستره بعد أن أخذوا القميص ولطخوه بدم كذب ثم الرق والعبودية التى لاحقته سنوات طويلة وهو ابن الكريم وحرمانه من حنان الأب وهو فى قيد الحياة ثم إلقائه فى السجن.
ويقال أن يوسف عليه السلام كان يبكى بكاءً مريرًا فى السجن لفراق والده بكاءً لا ينقطع ولا يتوقف حتى أنه صُنِّف من ضمن أشهر البكائين الخمسة فى التاريخ:آدم عليه السلام ، وفاطمة الزهراء بنت محمد ، والنبى يعقوب ، والنبى يوسف ، وعلى بن الحسين بن على ؛فَأَمَّاآدَمُ فَبَكَى عَلَى الْجَنَّةِ حَتَّى صَارَ فِي خَدَّيْهِ أَمْثَالُالْأَوْدِيَةِ . وَ أَمَّا يَعْقُوبُ فَبَكَى عَلَى يُوسُفَ حَتَّىذَهَبَ بَصَرُهُ ، وَ حَتَّى قِيلَ لَهُ :تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَحَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ وَ أَمَّا يُوسُفُ فَبَكَى عَلَىيَعْقُوبَ حَتَّى تَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ ، فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تَبْكِيَاللَّيْلَ وَ تَسْكُتَ بِالنَّهَارِ ، وَ إِمَّا أَنْ تَبْكِيَ النَّهَارَ وَتَسْكُتَ بِاللَّيْلِ ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا . وَ أَمَّافَاطِمَةُ ( عليها السلام ) فَبَكَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) حَتَّى تَأَذَّى بِهَا أَهْلُالْمَدِينَةِ ، فَقَالُوا لَهَا قَدْ آذَيْتِنَا بِكَثْرَةِ بُكَائِكِ ، وَ كَانَتْتَخْرُجُ إِلَى الْمَقَابِرِ مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ فَتَبْكِي حَتَّى تَقْضِيَحَاجَتَهَا ثُمَّ تَنْصَرِفُ . وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) فَبَكَى عَلَى الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، مَا وُضِعَبَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ إِلَّا بَكَى ، حَتَّى قَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ : جُعِلْتُفِدَاكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ! قَالَ : { إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لاتَعْلَمُونَ } ، إِنِّي لَمْ أَذْكُرْ مَصْرَعَ بَنِي فَاطِمَةَ إِلَّا خَنَقَتْنِيلِذَلِكَ عَبْرَةٌ ".
وأنا أعتقد أن أى أب آخر عير يعقوب لوكان أولاده فعلوا به ذلك لكان دعا عليهم وتبرأ منهم وربما طردهم خارج البيت وقال لهم: يا كذبة يا قتلة أنتم لستم أبنائى..ولكنه لم يفعل ذلك بل على العكس قال: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ولم يتهمهم حتى بالكذب أو يشتمهم أو يسبهم ولما طالبوه بأن يسامحهم ويطلب لهم الغفران من الله قائلين:"يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين"وافق على الفور واستغفر لهم الله بمنتهى الحب والتسامح ولم يتردد لحظة ولم يتوقف لمعاتبتهم وتوبيخهم بكلمة "قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم".
ولا أعتقد أن أولادًا قد عقوا أباهم مثل هذا العقوق ومع ذلك سامحهم بمنتهى البساطة والسهولة والسرعة وأيضًا سيدنا يوسف عليه السلام حين طلب منه إخوته أن يسامحهم لم يقل لهم: قلبى وربى غاضبين عليكم ليوم الدين لقد فرقتم بينى وبين أبى وتعذبت بسببكم سنوات طويلة أنتم مجرمون لا تستحقون التسامح بل تستحقون الموت على فعلكم. وكان بإمكانه أن يسجنهم وينتقم منهم وهو ذو منصب كبير لكن الكريم إذا قدرعفا فقال لهم بمنتهى الحب: لا تثريب عليكم اليوم..إذن العبرة ليست بحجم الظلم وشدته وقسوته ولكن العبرة بأن قلب المؤمن يتسع لكل الناس ولا يجتمع الإيمان وحب الانتقام فى قلب المؤمن فالتسامح يدل على صدق الإيمان ولنا فى ذلك أمثلة عديدة لكفار كان الغل والحقد وحب الانتقام يملأ صدورهم ولكن بعد إسلامهم تحولوا مئة وثمانين درجة إلى التسامح فخالد بن الوليد اشترك فى حروب ضد المسلمين وكان قلبه يمتلئ كراهية للنبى وأصحابه أما بعد إسلامه فقد أصبح سيف الله المسلول كما أن المسلمين نسوا ما فعله بهم أيام أن كان كافرًا بل رحبوا به واتبعوه وحاربوا تحت قيادته واتسع له صدر النبى ولم يعاتبه أحد على أيام كفره وظلمه..وكذلك عمر بن الخطاب الذى كان ذاهبًا لقتل النبى صلى الله عليه وسلم ثم أصبح يحبه أكثر من نفسه ولم يكرهه الرسول لأنه حاول قتله..وهند بنت عتبة التى لاكت كبد حمزة بن عبد المطلب عم الرسول من شدة غيظها منه – حتى سميت آكلة الأكباد - ثم بعد الإسلام إذا بها لا تشعر بغل ولا غيظ من أحد ولم يكرهها المسلمون لفعلتها هذه..وكذلك الخنساء كانت تنعى أخاها صخرًا فتقول:ولولا كثرة الباكين حولى لقتلت نفسى ثم بعد الإسلام قالت بنفس راضية مطمئنة: الحمد لله الذى شرفنى باستشهاد أولادى الأربعة..أليس هذا القلب هو هو نفسه الذى كان ساخطًا وكارهًا قبل الإسلام ؟ كيف تحول إلى هذا الحد الذى يفرح بالموت ما دام فى سبيل الله ؟
فالأصل فى الإسلام أن المسلم لا يكره الظالم ولكن يكره أفعاله حتى إذا انتهت هذه الأفعال فإننا نعود إلى حبه ، نحن لا نكره العاصى ولكن نكره معصيته وبدلا من أن ندعو عليه ندعو له بالهداية. مثلما فعلت السيدة رابعة العدوية حين دخل عليها لص ليسرق ، هى لم تغضب منه ولم تعاتبه ولم تبلغ عنه الشرطة لأن قلبها كان عامرًا بحب الله فلم يترك مكانًا لكراهية أحد بل دعت له الله بالهداية والتوبة فتاب الرجل على يديها وبعد أن دخل عندها سارقًا خرج من عندها تائبًا صالحًا..هذا هو شعور المؤمن وسلوكه الذى نستطيع أن نقيس به صدق إيماننا. ويكفى أن نذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال :"من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل" فأراد أحد الصحابة أن يعرف ماذا يفعل هذا الرجل ليستحق دخول الجنة فبات عنده ليلة فلم يجده يصوم أو يصلى أكثر من الفرائض فتعجب وسأله فقال له أنه ينام وليس فى قلبه ذرة حقد أو غل أو كراهية لأحد...
والإمام أحمد بن حنبل شتمه رجل ذات يوم بينما كان يمشى فى الشارع ثم جاء فى اليوم التالى يعتذر له ويطلب منه أن يسامحه فقال له الإمام: منذ أن تركتنى وأنا أدعو لك بالهداية..إذن استجاب الله دعاءه وهداه وهكذا استفاد الاثنان الأول كفاه الله شر الرجل حتى لا يؤذيه مرة أخرى والثانى اهتدى فنفع نفسه ودخل الجنة أليس هذا أفضل من أن يدعو عليه أن يخسف الله به الأرض مثلا أو غير ذلك من أساليب الدعاء؟ وحين جلده الجلاد بأمر الخليفة حتى تقطع لحمه وأغمى عليه وعانى آلامًا شديدة أقعدته عن الحركة ولم يستطع أن ينام على ظهره من شدة الألم لكن بمجرد أن طلب منه جلاده العفو سامحه فورًا دون تردد..وحين ذهب الخليفة المعتصم لانقاذ المرأة التى قالت : وا معتصماه قالوا له: أتعفو عنه بعد كل ما فعل بك ؟ قال: يكفى أنه نصر الاسلام والمسلمين .. ما هذا القلب الطاهر النقى الذى لا يحمل غلاً لأحد. وكذلك الإمام مالك حين عفا عن جلاده والخليفة الآمر بجلده رغم أن كتفه انخلع ولم يعد يستطع الصلاة إلا وذراعيه فى جنبيه.
والسيدة عائشة رضى الله عنها عفت عن حسان بن ثابت الذى خاض فى عرضها وشرفها وكانت تتكلم عنه بمنتهى التسامح فقيل لها: كيف تمدحينه وقد قال عنك كذا ؟ فتقول: يكفى أنه شاعر الرسول وناصره بشعره. إن من بين أدعية القرآن:ربنا لا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا" وأول شئ يفعله الله بأهل الجنة هو"ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوان على سرر متقابلين ". حتى سيدنا نوح عليه السلام حين دعا على قومه لم يكن هذا بدافع كراهيته لقومه وحب الانتقام ولكن لأنه خشى أن يضلوا المؤمنين ويفتنوننهم عن دينهم :"رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك"
وحتى قطز قاهر التتار سامح بيبرس حين قتله وقال:"قتلنى بيبرس وقد سامحته وأمر الناس أن يسمعوا له ويطيعوا من بعده وقال له أنه كان ينوى التنازل له عن العرش ..ما هذا القلب الصافى ؟ يعفو عن قاتله ويتمنى له التوفيق فى منصبه الذى انتزعه منه بل ويأمر الناس بطاعته ؟! وبيبرس يندم على قتله ويحتفظ بقميصه ويشمه ويبكى كلما تذكره ؟ هذه هى نتيجة التسامح كما أنه لم يقتله إلا بعد الانتصار على التتار وبعد انتهاء المعركة حتى لا ينهزم المسلمون أمام التتار. ما هذه الأخلاق الكريمة حتى فى القتل. إن جرائم الأمس كان يشوبها شئ من الأخلاق والرحمة أما اليوم فالجرائم تمتاز بأنها بشعة وخالية من الرحمة وتمتلى بالحقد والتشفى..وحتى الإمام على رضى الله عنه حين قتل لم يكره قاتله بل أوصى أصحابه عليه وأمرهم ألا يمثلوا بجثته..
وقصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة حين جاء فاتحًا فقال لهم:"ما تظنون أنى فاعل بكم فقالوا :"أخ كريم وابن أخ كريم" فقال:"اذهبوا فأنتم الطلقاء".. بعد كل هذا العذاب الذى عذبوه له والإيذاء البدنى والنفسى سنوات طويلة له ولأسرته وأتباعه يعفو هكذا بلا مقابل وبهذه البساطة والسهولة ؟!. وسيدنا أبو بكر الصديق حين قرر معاقبة الرجل الذى خاض فى عرض ابنته وقطع المعونة عنه فنزلت الآية تنهاه عن ذلك وتطالبه بالصفح والعفو بل والعودة إلى الإحسان إليه؟
حين فجرت أمريكا قنبلة نجازاكى وهيروشيما ودمرت قريتين بأكملهما وتسببت فى تشوهات للأجنة وأمراض وإشعاع للجيل الجديد من اليابانيين ودمرت اقتصاد اليابان لم يمتلئ اليابانيين بالحقد والغل لأمريكا وحب الانتقام بل كان تفكيرهم إيجابيًا وقرروا الوقوف من جديد على أقدامهم وإصلاح ما تهدم والآن العلاقات اليابانية الأمريكية على ما يرام لم تنقطع رغم ما حدث فقد سامح اليابانيون ونسوا فلماذا لا يسامح الكويتيون العراقيون ؟
وكظم الغيظ رده في الجوف، يقال: كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته علىإيقاعه بعدوه، وكظمت السقاء أي ملأته وسددت عليه، والكظامة ما يسد به مجرى الماء،ومنه الكظام للسير الذي يسد به فم الزق والقربة. وكظم البعير جرته إذا ردها فيجوفه، وقد يقال لحبسه الجرة قبل أن يرسلها إلى فيه: كظم، حكاه الزجاج. يقال: كظمالبعير والناقة إذا لم يجتراـ،
قال تعالى: وإن تعفواوتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم وقال تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أنيغفر الله لكم والله غفور رحيم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم - من كظمغيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهُ دعاه الله -عز وجل- على رُءُوس الخلائق حتىيخيِّره الله من الحور ما شاء
وليعلم المسلم أنه بعفوه سوف يكتسب العزة منالله، وسوف يحترمه الجميع، ويعود إليه المسيءمعتذرًا. يقول تعالى ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليحميم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم مانَقصت صدقة من مال، وما زاد اللهعبدًا بعفو إلا عزَّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه اللهوروى أبو داود وأبو عيسى الترمذي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبيصلى الله عليه وسلم قال: وروىأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: : (إذا كان يوم القيامة نادى مناد منكان أجره على الله فليدخل الجنة فيقال من ذا الذي اجره على الله فيقوم العافون عنالناس يدخلون الجنة بغير حساب). ذكره الماوردي. وقال ابن المبارك: كنت عند المنصورجالساً فأمر بقتل رجل، فقلت : يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد بين يدي الله عزو جل من كانت له يد عندالله فليتقدم فلا يتقدم إلا من عفا عن ذنب) فأمر بإطلاقه.
أما من الناحيةالصحية والنفسية: فهناك فوائد كثيرة لمن يعفو عنالناس
يقول الدكتور إبراهيم الفقى أستاذ التنمية البشرية: إن الإسلام أمر بالتسامح وحث عليه حتى لا يظل المؤمن طوال حياته منشغلا بكيفية الانتقام من ظالمه فبدلا من أن يضيع عمره ويبدد طاقته فى الكراهية والعداء فليسامح حتى يتفرغ لمهمة أعظم بكثير هى الرسالة التى خلق من أجلها وتحقيق هدف وجوده فى الحياة وهى عبادة الله وإعمار الأرض وهذا لن يتحقق إذا كان الإنسان منشغلا طوال الوقت بفكره فى كيفية الثأر والانتقام كما أن ذلك سيسبب له أمراضًا نفسية وعصبية إذا عجز عن الانتقام..ونهاية الأمر سيموت الاثنان ولن يكسبا شيئا من العداوة أثناء حياتهما فالحياة فترة قصيرة يجب أن نعيشها فى هدوء وسلام ولا نضيعها فى حروب وعداوات مستمرة تجاه الآخرين.
- فمن الناحيةالنفسية: فقد ذكر علماء النفس أن الرضا عن النفس وعن الحياة يعالج كثير من الأمراضوالاضطراباتالنفسية.
- وقد ذكرت مجلة (دراسات السعادة) أن هناك علاقات وثيقة بين التسامحوالمغفرة من جهة وبين السعادة والرضا من جهة ثانية، وقد تم إجراء دراسة على عدد منالأشخاص عن طريق توجيه عدد من الأسئلة.. وقد ثبت أن أكثر الناس سعادة هم الذينيعفون عنالناس.
- ويطلق علماء النفس على التسامح أنه يسمح للشخص بإطلاق مشاعره السلبيةالناتجة عن غضبه من الآخرين بطريقةودية.
- أما من الناحية الصحية: فالعفو يقي الإنسان من العديد من الأمراض.. فقدذكرت دراسة أن هناك علاقة بين العفو وأمراض القلب.. وأن أقل الناس إصابة بأمراضالقلب هم أهل العفو.
- فهم لا يعانون من ضغط الدم والقلق والتوتر فهو يخفف نسبة موت الخلاياالعصبية في الدماغ.. كما ثبتت الدراسات أن العفو يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان وهوعلاج قوي لعلاجالأمراض.
- وقد ذكرت دراسة أمريكية حديثة صورت من جمعية الطب السلوكي أثبتت أنالعفو والتسامح يساعدان على تخفيف ضغط الدم والتوتر النفسيوالقلق.
- وهكذا فلو أن الناس أخذت بالعفو لحافظوا على صحتهم وأنفسهموأعصابهم.. ولكانوا في غنىً عن كثير من الأمراض العصبية والنفسية من القلق والتوترالعصبي والنفسي.. وأمراض القلوب من الغل والحقد والحسد ..وكان المجتمع أسعد.