إن الإسلام يولى عناية فائقة بالحياة الاجتماعية ويقدس الحياة الأسرية لكى يمنح الناس فرصة أن يحيوا حياة كريمة ، ولسوف يجد المرء فى القرآن الكريم وفى أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التى توضح تلك الميزة فى الإسلام عند زيارة الأقارب والأصدقاء ، ولعل ذلك هو أبلغ رد على أولئك الذين ينادون بالفصل التام بين الدين والدنيا. لقد كانت عادة الناس فى الجاهلية أن يدخلوا البيوت دون استئذان وأحيانا ً كان أصحاب البيت يريدون أن يخلدوا للراحة مما يجعلهم غير متأهبين لاستقبال الضيوف. لم يقبل الإسلام بهذا السلوك وحاول أن يلفت انتباه الناس للطريقة المثلى لكى يسلكوا سلوكا ًمتحضرا ً ويحترمون حقوق بعضهم البعض ؛ فوضع آدابا ً للزيارة منها :
أولا ً: يجب الاتصال بأصحاب المنزل قبل الحضور إليهم لتحديد موعد للزيارة وعدم مفاجأة أصحاب البيت بالزيارة حتى يأخذوا استعدادهم ؛ فهذه سنة عن الرسول (ص) حيث كان لا يذهب لزيارة أحد ولا حتى زوجاته إلا إذا أرسل من يخبرهم أنه قادم. أما الآن فالتليفون موجود فلماذا لا يتم استخدامه ؟ فلو كان النبى صلى الله عليه وسلم يحيا بيننا الآن لاستخدمه وأوصى باستخدامه.
ثانيا ً: أمر الإسلام الضيوف ألا يدخلوا مساكن غيرهم إلا بعد الاستئذان والسماح بالدخول وإذا لم يعطى صاحب البيت الإذن بالدخول فيجب على الضيف الرجوع دون أن يغضب فربما يكون صاحب البيت فى حال لا تمكنه من استقبال أحد ، وهذا ما تخبرنا به الآيات الكريمات من سورة النور (27 -28):"ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا ً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا ً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم".
ثالثا ً: ينبغى طرق الباب ثلاث مرات فقط فإذا لم يفتح الباب انصرف الزائر ، وهذا ما فعله النبى (ص) مع سعد بن عبادة حتى يعلم الناس كيف يقتدون به ويسيرون على هديه لكى يؤسس مجتمعا ً صحيا ً مهذبا ً.
رابعا ً: إذا وقف الزائر على الباب فيجب عليه أن يقف فى جانب الباب وليس فى مواجهته حتى لا يكشف عورات المنزل ومن بداخله فربما تكون هناك امرأة عارية أو مكشوفة الرأس فقد روى عن النبى (ص) أنه عندما كان يريد زيارة صحابته فإنه لا يقف أبدا ً فى مواجهة الباب ولكنه يقف إلى اليمين قليلا ً ثم يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خامسا ً: يجب على الزائر أن يجلس فى أول مقعد يقابله ولا يلف كثيرا ً بين الكراسى حتى يختار منها ما يعجبه ، كما يجب على الضيف أن يجلس فى المقعد الذى لا يكشف الحجرات الداخلية حتى لا تقع عينه على عورة ويجب أيضا ً أن يغض بصره فلا يتطلع إلى سقف البيت وجدرانه وكل جزء فيه ؛ فقد روى عن أحد السلف أنه كان يزور صديقه لمدة عشرين سنة وهو غاض البصر عما بداخل البيت حتى ظنت زوجة صاحب البيت أن صديق زوجها أعمى فقالت له أن صديقه الأعمى سوف يزوره غدا ً ثم فوجئت به يقول لها أنه مبصر ولكنه يغض بصره.
سادسا ً: عدم الجلوس طويلا ً مع صاحب البيت حتى لا يؤذيه فربما كان المضيف مشغولا ً أو متعبا ً أو يريد أن ينام ؛ فقد روى عن الإمام أبى حنيفة أنه كان مريضا ً ذات يوم فعاده بعض أصحابه فأطالوا الجلوس حتى أتعبوا أبا حنيفة فقال لهم مازحاً: قوموا فقد شفانى الله. وهذا مذكور فى سورة (الأحزاب آية 53 ) :"إن ذلك كان يؤذى النبى فيستحى منكم " يعنى الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لشدة حبهم للنبى (ص) يجلسون عنده ساعات طويلة فكان ذلك يجهده فلا يستطيع أن يستريح ويستحى أن يقول ذلك لهم حتى لا يحرجهم فنزلت الاية الكريمة حتى تنهى الناس عن المكوث طويلا ً فى بيوت الغير.
سابعا ً: عندما يسأل صاحب الدار من خلف الباب : من الطارق ؟ يجب على الزائر أن يذكر اسمه وحاجته إن أمكن ولا يقول أنا فقد روى عن الرسول (ص) أن زائرا ً أتاه فسأله من بالباب فقال أنا فقال النبى : أنا أنا !! كأنه كرهها وفى رواية أخرى قال: لا أعرف أحدا ً يسمى أنا.
ثامنا ً: يجب أن تكون الزيارة فى أوقات مناسبة فلا تكون فى الصباح الباكر ولا فى وقت متأخر من الليل ولا فى أوقات القيلولة والراحة والأكل.
تاسعا ً: يجب على الضيف ألا ياكل كل ما يقدم له من طعام فربما يكون أهل البيت فقراء قدموا له كل ما لديهم من طعام.
وأخيرا ً، إذا كنا نستحق أن نكون مسلمين نتبع خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم فلماذا ننسى هذه التعاليم الرائعة ؟ فهيا بنا عزيزى القارئ نحيى سنة عظيمة من سنن الرسول (ص) كادت أن تندثر ونطبق ما أمرنا به الله فى الآية الكريمة.
نرمين كحيلة
هناك تعليقان (2):
أود التنبيه على (ص) فيجب كتابتها كاملة (صلى الله عليه وسلم )
جزيتم خيرا موضوع مهم .
اشكرك يا أخى على تنبيهى أنا أعلم أنه يجب كتابة الصلاة على النبى كاملة وعدم اختصارهاولكن يبدو أنى نسيت أن أتبها كاملة هذه المرة وشكرا لك وجزاك الله خيرا
إرسال تعليق