الجمعة، 12 نوفمبر 2010

ليالى الأنس فى أسوان (الحلقة العاشرة والأخيرة)


        كانت صديقتى قد اتفقت مع فوج سياحى تابع للفندق على زيارة معبد أبى سنبل وهو فى أقصى جنوب أسوان بينه وبين المدينة ثلاث ساعات بالحافلة (الأوتوبيس) واضطرت أن تستيقظ مبكرا ً حيث كان مقررا ً للرحلة أن تنطلق فى تمام الساعة الرابعة فجرا ً، فقلت لها حين تعودين هاتفينى ففعلت وكانت الساعة الواحدة والربع ظهرا ًعندما عادت من رحلتها ، فاتفقت معها على اللقاء الساعة الثانية ظهرا ً فى نفس مكاننا المعتاد.. واصطحبتها إلى نادى التجديف وجلسنا ننتظر شقيق زوج أختى وشربنا بعض المشروبات ، وعندما أتى استقلينا مركبا ً(لانش) إلى جزيرة أسوان حيث يوجد متحف أسوان وحين وصلنا سألتنى هل سندفع تذاكر للدخول فقلت لها أننا ضيوفه ولن ندفع شيئا ً وكانت قيمة التذكرة بالنسبة لها خمسة وثلاثون جنيها ً ، وكذلك كان الحال فى جزيرة النباتات فلم ندفع شيئا ً ، وكم كان جميلا ً أن يأتى رئيس المتحف بنفسه ويشرح لصديقتى باللغة الانجليزية عن كل معروضات المتحف ، وهى تنظر بانبهار وإعجاب. وكان أكثر شيء لفت انتباهنا هو ظهور أصابع أقدام مومياء بحالة سليمة كأنه مات بالأمس ، ودلنا هذا على مدى اتقان التحنيط  وروعته وذكرنى هذا بالهدف السامى الذى جعل المصريين يبرعون فى هذا النوع من العلوم وهو التشريح ، ذلك الهدف هو الرغبة فى الحياة الآخرة فالتفت لصديقتى وقلت لها:"إن المصريين قوم يحبون الله". فابتسمت وهزت رأسها بالموافقة.

      وبعد انتهاء جولتنا داخل المتحف  عدنا من حيث أتينا ، ثم توجهنا إلى مطعم قريب يسمى "بانوراما" ، قيل لى أنه يقدم وجبات شهية جدا ً بالإضافة إلى مكانه المتميز على النيل وزخارفه من الداخل التى توحى للجالس أنه يجلس فى متحف.. وسألت صديقتى عما تحب أن تأكل من أصناف الطعام المصرى فأخذت قائمة الطعام وأطالت النظر إليها ثم قالت:"دجاج مشوى" ، واخترت أنا حماما ً مشويا ًعلى الفحم وترلى فى الفرن وأرز بالمكسرات وأرز شرقى بالتوابل الشرقية مثل القرفة وخلافه.. وأما المفاجأة فكانت القهوة العربى التى قدمت لنا فى آنية تشبه الإبريق مصنوعة من الفخار وفوهتها مغطاه بالليف المستخرج من النخيل ، وكان هذا المنظر غريبا ًعلى صديقتى إذ أنها لم ترَه من قبل فسألتنى:"ما هذا" فقلت:"إنها قهوتنا العربية أرجو أن تعجبك".

     وأخذت صديقتى تشم الفنجال الذى صببنا فيه القهوة وتلمس الآنية الفخارية بأصابعها لتكتشف ماهيتها وكينونتها ، ثم قالت:"رائحتها جميلة وطعمها أجمل". قلت:"إذن قد أعجبتك!".قالت:"نعم". كانت الآنية ممتلئة فصببنا لثلاثتنا ثلاث مرات كلما انتهى الفنجال (الذى كان بدون أذن) صببنا غيره.

     وعندما عدنا إلى البيت قلت لها:"هل تذكرين الكركديه الذى تذوقتِه أمس ؟ قالت نعم.. وكنت قد اشتريت مجموعة أكياس من الكركديه الأسوانى الجميل الذى تتميز به أسوان ، ولم تكن قد تذوقته من قبل ، فقلت لها:"هل لكِ فى أن تجربى كوبا ً من هذا الكركديه ؟" فقالت:"نعم".فدخلت المطبخ وهى معى وأخذت ترمقنى بناظريها وتراقبنى وأنا أصنعه ثم تذوقت أول رشفة منه فأعجبها فقلت لها:"يمكنك يا عزيزتى أن تشربيه باردا ً أو ساخنا ً" فقالت:"وهل يوجد هذا المشروب فى كل البلاد ؟" قلت:" فى الدول العربية والإسلامية فقط".. ثم قلت لها:"إن هذا الكيس من الكركديه هو هدية لكِ". ففرحت وشكرتنى.

    وبعد أن انتهينا من الطعام ، سألتها:"هل تودين أن تشاهدى معالم أخرى فى أسوان ؟ أم تحبين أن تقضى معى الوقت فى منزلنا حتى المساء؟" فاعتذرت بأدب وقالت:"أشكرك يا عزيزتى فأنا متعبة جدا ً وأود أن أذهب للفندق لأستريح ثم أجهز نفسى للسفر فجر الغد".. فقلت أرجو أن تكونى قد استمتعتِ بوقتك فى أسوان".. فقالت:"نعم استمتعت معكِ ومع أسرتك اللطيفة" ، وقبلتنى وتعانقنا فى حب وحزن على الفراق ثم قالت لى:"إلى اللقاء يا صديقتى ولنا مقابلات أخرى فى الأسكندرية فى يوم ما".

      وبدورى أنا الأخرى كان على أن أسافر فى الساعة الثامنة والنصف مساءً  بالقطار المتجه من أسوان إلى القاهرة فأزور خالتى هناك وفى اليوم التالى أركب السوبر جيت المتجه إلى الإسكندرية ، وبدأت رحلة العذاب من جديد ، وودعت أهالى أسوان الذين رجونى أن أنتظر معهم بعض الوقت فاعتذرت لهم بأننى سوف آتى مرة أخرى فيما بعد حين تسمح الظروف.. ولما رآنى صاحب السوبر ماركت قال لى:"شرفتم أسوان ونورتوها بس كان نفسنا تقعدوا معانا أكثر".

     وهكذا انتهت الرحلة بسلام ،،،،،
                                                                                نرمين كحيلة  



ليست هناك تعليقات: