الجمعة، 12 نوفمبر 2010

ليالى الأنس فى أسوان (الحلقة الثالثة)

      استقبلت عائلتى صديقتى "آنيت" بالحفاوة والتكريم وحسن الضيافة ، وشعرت أنها بين أهلها بل إن أسرتها لا تتمتع بهذا الدفء والحنان حيث أن الأسر فى أوروبا مفككة ولا يعرفون مفهوم صلة الرحم وبر الوالدين ، ولذلك فقد رأت نمطا ًغريبا ًمن الحياة والناس لم تعتدهم من قبل ، وقلت لها أنها ستقضى اليوم معنا ، فسألتنى إلى أين نحن ذاهبون ؟ فأجبتها لمنزل الزوجية الجديد لفرش الشقة ، وحينما وصلنا استقبلنا  العريس وأهله استقبالا ًحافلا ً مثل استقبال الفاتحين العظام ومما لفت نظر صديقتى هو الكم الهائل من القبلات التى كانت تنهال علينا من جميع الأشخاص الموجودين والذين كان يقدر عددهم بما يقرب من الخمسين شخصا ً، وكان هذا شيئًا مرهقًا بالطبع خاصة بعد أن أخبرتها أن من عادة أهل أسوان أن يقبلوا ضيوفهم أربع قبلات وأحياناً خمسة وأن هذا إن دل على شئ فإنما يدل على الحب الصادق.

    ووجدتها فرصتى الذهبية لكى أقول لها ان الإسلام يعتبر الناس كلهم إخوة لذلك فمن الطبيعى أن تقابل أحدا ً لا تعرفه فى الشارع ثم تلقى عليه التحية وقد سألتنى بشغف عن جملة سمعتها من أفواهنا جميعا ًولم تفهم معناها وهى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فشرحت لها أن ديننا هو دين السلام وتحيته السلام ..وبدأت تسمع أغانى الأفراح التراثية الجميلة ثم شاركتنا فى فرش المنزل وهى سعيدة وبدأت اشرح لها كل شئ فى منزل العروس المصرية وقلت لها أن الزواج فى مصرهوحدث تاريخى هام جدا ً فى حياة الإنسان لذلك فنحن نهتم به كثيرا ً وأن الفراعنة كانوا أكثر شعوب الأرض تقديسا ً للحياة الزوجية وكانت أغلى أمنية لدى المصرى القديم عندما يغترب عن وطنه هو أن يعود إلى بلاده ليحتضن أولاده ويقبل زوجته وهذا ما تؤيده مئات التماثيل والصور والنقوش حيث مثلت الأسرة المصرية فى جميع أوضاعها:الأب والأم والأولاد وأخذنا نعقد مقارنات طريفة بين الزواج فى الشرق والغرب..وأخذ إخوة العريس ينهالون علينا بوابل من الطعام والشراب ويبدو أن طريقة تعبيرهم عن الحب هو الإغداق بسخاء على من يحبونه بهذا الكم الهائل من الطعام.
    
     وبعد انتهاء الفرش اصطحبت صديقتى إلى الفندق ثم تمنيت لها ليلة سعيدة ، ونوما ً هادئا ً، وفى اليوم التالى ذهبت إليها فى تمام الساعة الثانية عشرة صباحاً وكان هذا اليوم يسمى ليلة الحنة وعندما وصلنا إلى المنزل كانت سيدة أسوانية منقبة قد أتت إلى منزلنا وبدأت عملها فى همة ونشاط ألا وهو الرسم بالحنة على جسد العروس. وهذا تقليد هام جدا ً فى حياة أهالى أسوان لا يمكن الاستغناء عنه قبل يوم الزفاف. وعلمت أن جميع أقارب العروس وصديقاتها لابد أن يرسمن بالحنة على أجسادهن ، فحاولت الاعتذار عن ذلك فلم أفلح وسلمت جسدى لتلك المرأة ترسم ما يروق لها من رسومات ثم رسمت صديقتى هى الأخرى وكانت سعيدة جدا ًبهذا. ثم بدأت العروس ترقص على تصفيق الحاضرات من أقربائها وطلبت من صديقتى أن تشاركنا الرقص الشرقى الذى يميز الفتيات المصريات لكنها اعتذرت وقالت أنها لا تعرف كيف تهز وسطها ووسط إلحاح الجميع رقصت رقصا ً إيقاعيا ً بسيطا ً.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة ،،،،،                                 
                              نرمين كحيلة    

ليست هناك تعليقات: