اتفقنا مع تاكسى سيوصلنا إلى ثلاثة أماكن هى: السد العالى ، والمسلة الناقصة ، ومعبد فيلة..كان الطريق طويلا ً وكانت الشمس عمودية على رؤوسنا وقت الظهيرة وكان الجو شديد الحرّ والقيظ والرحلة شاقة طويلة ، لكنى تحاملت على نفسى من أجل صديقتى ، وشربنا كميات هائلة من المياه أعتقد أن من لم يأخذ معه زجاجة مياه فى تلك الشمس الحارقة فسوف يصاب بالجفاف حتما ً.. وحينما ذهبنا إلى السد العالى كان هائلا ً وعظيما ً ، قلت للسائق:"أعتقد أنه فى ميزان حسنات جمال عبد الناصر ، حيث حمى مصر من خطر الفيضان ومن خطر المجاعات أيضا ". قال:"نعم ولكنه له عيوب أيضا ً حيث حرم مصر من الطمى الذى كان يعمل على تخصيب التربة" قلت لنفسى سرا ً ومن عيوبه أيضا أن الناس كان يجمعها خطر الفيضان فيصبحون يدا ًواحدة متكاتفة أما الآن فكل إنسان ليس له علاقة بالآخر لأنه لا يوجد مصلحة مشتركة. ثم قلت بصوت عالى:"كل شئ له عيوب ومميزات ولكن أعتقد أن مميزاته أكثر من عيوبه". قال:"صدقتِ".
وواصلنا الرحلة بعزم وإصرار. وتوقفنا عند جسم السد ورأينا أكبر بحيرة صناعية فى العالم نتجت عن السد وهى بحيرة ناصر ويبدو أنها منسوبة إلى عبد الناصر. وشرحت لصديقتى شيئا ً عن السد فقالت لى:"نعم لقد قرأت الكثيرعن مصر قبل أن آتى ومعى خرائط أيضا ً. ثم أخذنا السائق وجعلنا نرى السد من الواجهة الأمامية وشرح لنا كيف يتم توليد الطاقة والكهرباء.. فقلت لنفسى سرا ً:"ما أعظمك يا مصر! يأتى السياح لمشاهدة آثارك وتاريخك وحضارتك ، عظيمة فى كل العصور ، فى العصر القديم والإسلامى والحديث.
ثم ذهبنا للمسلة الناقصة وكانت ملقاه على الأرض وهى من المعالم الهامة فى أسوان.. وبعد ذلك ذهبنا إلى معبد فيلة ، وركبنا المركب مرة أخرى فقالت لى صديقتى:"إن من يعيش فى أسوان لابد أن يتحرك بالمراكب فهى وسيلة المواصلات الوحيدة".. وبعد أن وصلنا رأينا ملوك مصر العظام أيام مجدها الغابر ، وصورة الملك المصرى وهو يهزم ويقهر أعداءه ويشد شعورهم وهم جاثين على ركبهم مذلولين فتنهدت وتحسرت على ما ضيعه الأحفاد من أمجاد أجدادهم فقد أصبحنا اليوم مذلولين من كل الأمم بعد أن كنا سادة العالم تملأنا العزة والكرامة.. قلت لصديقتى:"هؤلاء هم أجدادى" فقالت:"نعم أعلم ذلك".قلت لها:"هل تعلمين أن مصر فى الماضى كانت أعظم دولة فى العالم ؟" لقد كان أعظم ملك فى أية دولة يسجد أمام الفرعون ويمرغ رأسه فى التراب ويقول له: أنا كلبك وابن كلبك ثم يعلن فروض الولاء والطاعة ويدفع الجزية..ثم أخذت أقرأ لها بعض الحروف الهيروغليفية المنحوتة على الجدران وأترجمها لها. فتعجبت وقالت:"إنى مندهشة كيف تستطيعين قراءة تلك الكتابة ؟" فقلت:"لقد درستها فى الكلية ودرست تاريخ مصر" فانبهرت بى ثم قالت:"إذن هذه الجدران عبارة عن كتاب مفتوح!"..كانت أحجار المعبد من الصخور الجرانيتية على شكل أفيال ، تتداخل معها الخضرة والزرع فى مشهد يأخذ بالألباب.
وبعد انتهاء الجولة أوصلتها إلى مرسى الفندق وتعاهدنا على اللقاء غدا ً.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة.
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق