الجمعة، 12 نوفمبر 2010

هل اللغة العربية فى طريقها للاندثار؟ (الحلقة الأولى)

                  غزو المصطلحات الأجنبية والثقافة الغربية ظاهرة
خطيرة تهدد مجتمعاتنا العربية والاسلامية
 لغتنا العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها. هكذا قال طه حسين لكنه لو كان يحيا بيننا الآن لمات كمداً وحسرة لما حدث للغة العربية فى بلادنا ؛ فالدستور ينص على أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية فى الدولة وهذا يتضح من اسمها:"جمهورية مصر العربية". ويقول الحديث الشريف:"من أراد أن يدخل الإسلام فليتعلم العربية" فاللغة العربية هى دعامة أساسية من دعائم الإسلام فبها نزل القرآن الكريم وبها كُتِبَ الفقه بجميع مذاهبه وبها يقام الآذان خمس مرات كل يوم ، وهى لغة أهل الجنة ، كما أنها تمتاز على كل لغات العالم بطرافتها وغناها وكثرة مترادفاتها وجمال ألفاظها. فلماذا يسخر المصريون من لغتهم وحضارتهم ؟ نحن الشعب الوحيد الذى يسخر من لغته ؛ فالشعب الألمانى يرفض أن يتحدث بأية لغة غير اللغة الألمانية ، والشعب الفرنسى يرفض أن يتكلم بأية لغة غير الفرنسية ، وكل شعب يعتز بلغته.
    ولقد عمل الاستعمار وأعداء الأمة الاسلامية فى جميع أنحاء الوطن العربى والإسلامى على هدم اللغة العربية ، وسعوا دائماً إلى القضاء عليها وصولاً إلى تحقيق هدفهم الكبير وهو تقويض أركان ديننا وإضعاف قوميتنا وتفتيت وحدتنا ، كما شجعوا الدخلاء على آدابنا ولغتنا كى يحطموا القواعد والأصول والضوابط لها حتى يختلط الأمر على كثير منا فلا نعرف الخطأ الشائع من الصواب المهجور، وانتشر اللحن ، وظهرت الأخطاء فى النطق والكتابة حتى بين المثقفين والكُتَّاب ومحررى الصحف والمجلات ومقدمى نشرات الإذاعة المسموعة والمرئية. وبهذا يكون الاستعمار قد فشل فى احتلالنا عسكرياً ولكنه نجح فى احتلالنا ثقافياً ؛ ففى الجزائر تم طمس الهوية العربية وإحلال اللغة الفرنسية محلها كما فعل ذلك فى دول إفريقية أخرى مثل أوغندة ودول جنوب إفريقيا ، وفى مصر بدأ الغزو الثقافى واللغوى مع قدوم الحملة الفرنسية عام 1798 ثم الاحتلال الإنجليزى عام 1882 ووجود الجاليات الأجنبية المختلفة.
     والتاريخ يشهد بأن مصر كانت دائماً هى البوتقة التى تنصهر فيها كل الثقافات والحضارات ولم تنصهر فى أحد فمثلاً عندما غزاها الهكسوس تمصَّروا ولم يستطيعوا فرض لغتهم وديانتهم على المصريين وهكذا فعل الفرس والليبيون والبطالمة والرومان..نحن الذين علمنا كليوباترا هى وكل الغزاة كيف يكونوا مصريين ، ولكن الأمر اختلف فى العصر الحديث وأصبح من الصعب بل من المستحيل الاحتفاظ بالهوية العربية مع العولمة التى تفرض نفسها الآن بقوة.

     فمن مظاهر الغزو الثقافى أن كثيراً من المحلات والشوارع تحمل أسماءً أجنبية مكتوبة بلغة إنجليزية أو مكتوبة بحروف عربية ولكن نطقها أجنبياً وهذا أسوأ وأضل سبيلاً ، بل إن بعض الآباء والأمهات يتخاطبون مع أبنائهم باللغة الإنجليزية ويتفاخرون بأن لغتهم العربية ضعيفة وأنهم يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة ويحاولون حشر بعض الكلمات الأجنبية فى كلامهم حتى يقال عنهم أنهم مثقفون ومتحضرون.
    فهل ساهم الإعلام المصرى فى تشويه اللغة العربية وانحدارها ؟ وهل ساهمت المناهج التعليمية فى تخريج جيل جديد من الطلاب لا يعرف شيئاً عن لغته ؟ إن ضعف أبنائنا فى اللغة جعلهم لا يستطيعون فهم القرآن أو حفظه مما نشأ عنه إعوجاجاً فى الألسنة لاتستقيم معه القراءة...إن من يتابع الأفلام القديمة مثل أفلام يوسف وهبى وأمينة رزق وحسين صدقى يلاحظ أن لغة الحوار كانت سليمة وراقية رغم ما بها من ألفاظ أجنبية مثل:"أوتوموبيل"و"فريجيدير"و"منتوفلى" أما الآن فلغة الأفلام والمسلسلات بذيئة ومبتذلة وقد ساهمت السينما والمسرح إلى حد كبير فى تدهور اللغة فمثلاً مسرحية "الواد سيد الشغال" التى قام ببطولتها عادل إمام هناك مشهد فى المسرحية تتم فيه السخرية من اللغة العربية الفصحى بأسلوب يوحى بأنها لغة جافة وقبيحة وذات ألفاظ صعبة وغير مفهومة ، والأمثلة على ذلك كثيرة.

    أيضاً هناك كثير من اللافتات على أبواب المحلات تعلن عن حاجتها لآنسات ذو خبرة وهم لا يعلمون أن كلمة آنسات هى جمع مؤنث سالم وكلمة ذو هى مفرد مذكر ، يعنى أبسط قواعد اللغة لا يعرفونها.. وحتى اللافتات التى تكتب فى الشوارع لإرشاد السائقين والمشاة تكتب بلغة خاطئة. وبسؤال صاحب محل أحذية "برايت شو"(أى الحذاء اللامع) عن سبب تسمية محله بهذا الاسم قال أنه اشترى المحل من سيدة كانت تسميه هذا الاسم وأن السجل التجارى والملف الضريبى يرد بهما هذا الاسم ومن الصعب تغييره لأنه يحتاج لإجراءات طويلة ومعقدة فاضطر لأن يستبقيه كما هو ، وأضاف أن عقدة الخواجة مسيطرة على كل مناحى حياتنا من مأكل وملبس ومشرب وتعليم فلا أحد يشترى منتجات بلده بل يفضلون المستورد ليس لجودته ولكن لمجرد التفاخر بأنه غير مصرى .. ويقسم الرجل أن الصناعة المصرية إذا تم تشجيعها ستتجه نحو الجودة لكن للأسف الثقافة الغربية هى المسيطرة وقال أنه يحب بلده ويتمنى أن تعود لها أصالتها وثقافتها بدلاً من الموضات الغريبة التى انتشرت بين الشباب والملابس الإباحية فالشباب المسلم العربى لم يعد قدوته الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل أصبح قدوته مايكل جاكسون بتسريحة شعره وملابسه وأصبحت أكلته المفضلة هى الهامبورجر الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع.

   سألته:إذا افترضنا أن هناك خواجة اشترى محلاً من شخص مسلم يحمل اسم محمد مثلاً فهل سيترك المحل بهذا الاسم أم سيغيره إلى جورج أو جوزيف مثلاً ؟ قال:طبعاً سيغيره بدون شك. قلت:فلماذا نتمسك نحن بالأسماء الأجنبية ؟ قال:الآمال معقودة على الجيل الجديد من الشباب فهو الذى سيعود بنا لثقافتنا الإسلامية ويبدو أن الشعب عندما يتعرض لتدهور اقتصادى وحضارى فإنه يخضع لثقافة من هو أقوى منه حتى لو كانت خاطئة ويحاول تقليدها وبما أن أمريكا هى أقوى دولة الآن فثقافتها هى المسيطرة على العالم كله فمثلاً فى فترة من الفترات كانت الموضة هى المعطف المرسوم على ظهره الصليب وكانت تلاقى إقبالاً كبيراً من الشباب المسلم دون التفكير هل تناسبه تلك الموضة أم لا ؟ وأيضاً تسريحة "كابوريا" تخالف الإسلام فقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أن يحلق المسلم بعض شعره ويترك بعضه.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة ،،،،،،
                                                         نرمين كحيلة
  


ليست هناك تعليقات: