هل تعرفون الديناصور؟ ذلك الحيوان المنقرض الذى كان يعيش منذ زمن سحيق أيام الإنسان البدائى الأول!! لقد انقرض الحياء فى عصرنا الحالى تماماً مثل الديناصور..وإذا كانت أسباب انقراض الديناصور أن البيئة لم تعد تلائمه فإن أسباب انقراض الحياء هى أن البيئة الحالية أيضاً لم تعد تلائمه ؛ فالفضائيات بكل ما تعرضه من أفلام إباحية ومشاهد جنسية سافرة والفيديو كليب الذى يعرض أجساد عارية ليل نهار، والإنترنت بكل مواقعه الإباحية الفاضحة حولت الأطفال إلى رجال ونساء يعرفون كل شىء عن عالم الكبار، فإذا قارنا بين الأفلام القديمة والأفلام الحالية نجد أن الأولى كانت تلمح إلى المشهد الجنسى ولا تصرح به أما الآن فأصبحت المشاهد الجنسية صريحة وصارخة ، حتى الشوارع أصبحت تعج بمناظر تخدش الحياء دونما اعتراض من أحد ؛ فمثلا ً المحلات التى تعرض الملابس الداخلية الحريمى على المانيكان فى الفترينات وأحيانا ً تكون المانيكان عارية فى انتظار أن يوضع عليها ملابس.. ورغم أنها مجرد تماثيل إلا أنها تصور النساء فى وضع لا يصح أن يراها عليه أحد ، فأين الحياء ؟ وهناك المصور الذى يعرض صور العرائس والعرسان تارة فى لقطة تصور العروس وهى تحتضن عريسها وتارة أخرة يقبلها العريس وغيرها من مشاهد أخرى لا يصح أن تحدث إلا فى حجرة النوم..انظروا إلى اللقطات التى كانت تصور أجدادنا مثلا ً! هل تتذكرون كيف كانت ؟ إنها كانت تصور الزوج وهو يقف وزوجته إلى جوره تضع يدها على كتفه على استحياء أو العكس وهذا أقصى ما يمكن تصويره ، أما مشاهد القبلات والأحضان حتى بين الأزواج لم يكن أحد يجرؤ على تصويرها ، وقد يقول قائل: إن الزمن تطور والحياة اختلفت ، هذا صحيح ولكن الأخلاق والقيم لايجب أن تتغير ، يعنى مثلا ً لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيا بيننا الآن هل كان سيسمح بهذه المشاهد ؟ بل إن النبى نفسه هو وأصحابه لم يسمحوا لأحد أن يراهم وهم يداعبون زوجاتهم أو يقبلونهن أو...أو...فمثلا ًعثمان بن عفان رضى الله عنه كان مشهورا ً بالحياء لدرجة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم ناصبا ً قدمه فلما دخل عليه عثمان اعتدل فى جلسته ولما سئل عن ذلك قال:"كيف لا أستحى من رجل تستحى منه الملائكة ؟"
حياء الأنبياء:
وقد يقول قائل:"لا حياء فى الدين " وهذا خطأ شائع فالدين كله حياء والأصح أن نقول لا حرج فى العلم.. وإن الحياء للرجال والنساء على حد سواء فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء فى خدرها.. وكان سيدنا موسى عليه السلام حييا ً؛ فعندما ذهب إلى مدين ، وجد امرأتان تذودان يعنى وجد فتاتان لا تستطيعان أن تسقيان أى تملآن دلوهما بماء البئر فدفعته الشهامة إلى أن يسألهما ، فقال لهما ما خطبكما ؟ أى ما حكايتكما ؟ فقالتا له :لا نسقى حتى يصدر الرعاء "وأن أباهما شيخ كبير - أى عجوز-" فلا يستطيع أن يملأ هو نيابة عنهما (وقد اتخذ البعض هذه الواقعة دليلا على عدم جوازعمل المرأة إلا فى الضرورة) وقد تزاحم الرجال على البئر فخجلت الفتاتان من أن تزاحما الرجال فتراجعتا قليلا ً إلى الوراء..فتطوع سيدنا موسى أن يسقى هو لهما ثم "تولى إلى الظل"أى بعد أن أتمم مهمته تركهما ولم يطلب ثمن مساعدته لهما. ، ثم عندما قصَّت الفتاة على أبيها القصة وحكت له شهامة ومروءة الرجل طلب منها أن تدعوه إلى البيت ليشكره فذهبت الفتاة وقالت له :"إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا "(القصص 25) فطلب منها النبى الكريم أن تمشى هى وراءه حتى لا يكشف عورتها أو يرى أى شئ منها ثم طلب منها أن تريه الطريق عن طريق الحصى تلقيه يمنة أو يسرة فيعلم الاتجاه الذى يسير فيه وهذا يدل على شدة حياء موسى عليه السلام فهو لم ينتهز الفرصة ليتعرف بالفتاتين ويصاحبهما ويأخذ منهما ميعادا ًليقابلهما مرة أخرى كما يفعل الشبان فى هذه الأيام ، ثم أن الفتاتين أيضا حييتان حيث أن القرآن نفسه يصفهما بالحياء "فجاءته إحداهما تمشى على استحياء"(القصص 25). إن إحدى الفتاتين أحبت سيدنا موسى وأعجبت به وتمنت أن تتزوجه ولكنها استحت أن تصارحه بحبها له واستحت أيضا ً أن تصارح أباها بهذا الحب واكتفت بأن قالت لأبيها:"يا أبتِ استأجره إن خير من استاجرت القوى الأمين"(القصص 26)..من أين علمت الفتاة أن موسى أمينا ً؟ من تأدبه معها أثناء المشى وعدم التفاته لها والنظر إلى جسدها ، ثم أن مقاييس حكم الفتاة على الشاب هى الأخلاق فهى لم تعجب به بسبب شكله أو وسامته أو تسريحة شعره ولكنها أعجبت به لأخلاقه العالية ، وبذكاء الأب عرف أن ابنته تحب هذا الرجل فلم ينهرها ويقول لها أنه عيب عليها أن تظهر إعجابا ً برجل بل تفهم موقف ابنته واحترم مشاعرها وطلب من سيدنا موسى أن يتزوج ابنته ، ولم يقل له:"إن ابنتى تحبك وتريد أن تتزوجك" بل قال له بطريقة تعلى من شأن ابنته فى نظر موسى وتحفظ لها كرامتها:"إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين" (القصص 27) يعنى جعل الرغبة رغبته هو..هذا هو حياء النبى وحياء الفتاة وحياء الرجل الصالح (الذى هو فى بعض التفاسير سيدنا شعيب). فأين هذا من فتاة اليوم التى تعرض حبها على الشاب دون أى خجل ثم تتزوجه عرفى دون علم أهلها..إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"البكر تستأذن وأذنها صماتها" أى إن سكتت فهذا معناه الموافقة ولذلك قالوا السكوت علامة الرضا. وإذا رفضت نقرت الستر.. وكانت البكر عند العرب لابد أن تكون حيية لدرجة أنها لو صرحت بالموافقة اعتبروها زانية لشدة جرأتها.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة ،،،،
نرمين كحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق