الجمعة، 5 نوفمبر 2010

رحلة نرمين إلى البلد الأمين (الحلقة السادسة)

     ذهبنا إلى المسجد النبوى ونزلنا على رغبة خالى ونحن فى حالة إعياء شديدة وإرهاق دون نوم أو راحة من وعثاء السفر وتعب الطريق..كان المسجد النبوى على بعد خطوات من الفندق ولعل تلك هى الميزة الوحيدة به إذ يبدو الفندق فخمًا من الخارج أما الداخل فحدث ولا حرج..وصلنا إلى أعتاب المسجد ، ووجدت ساحة كبيرة جدًا أرضيتها من الرخام اللامع الذى يعكس آشعة الشمس التى تسقط عليه طوال النهار وفى الليل تحتفظ الأرض بالسخونة ، عرفت ذلك وأنا أسجد على بلاط الساحة فى صلاة التراويح حيث شعرت بأن الرخام يلسع جبهتى من شدة السخونة وكان الإمام يطيل فى السجود والركوع وفى الصلاة عامة إلى حد جعلنى أتمنى أن ينهى الصلاة رحمة بجبهتى التى اشتعلت نارًا.

      دخلت لأول مرة فى حياتى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورأيت مشهدًا عجيبًا حيث كانت النسوة نائمات على الأرض وكان علىَّ أن أتخطى رقاب ورؤوس وأجساد النائمات وكان ذلك أمرًا شاقا للغاية فقد ازدحم المسجد ولا يوجد شبر واحد خالى من سيدة نائمة فتعجبت وقلت: الكل نائم !! هل نحن فى فندق أم مسجد ؟ ثم قالت لى خالتى:"انظرى إلى السقف" فنظرت فإذا به قد ازدان بنقوش ورسومات غاية فى الجمال والروعة ناهيك عن الألوان المتناسقة البراقة التى تخطف الأبصار وإذا بالأعمدة مصنوعة من الرخام الفاخر ومحلاة بتاج مذهب ، أما المصابيح فقد تدلت من السقف بألوانها ونقوشها الرائعة وقد كتب عليها لفظ الجلالة واسم محمد والصحابة رضوان الله عليهم ، وكان المسجد مكيفًا فقلت: سبحان الله ماكان المسجد حين بناه الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا بل مبنيًا بطريقة بدائية جدًا من سعف النخيل واعتقد لو أنه رآه الآن سينشرح صدره ومن المؤكد أن الملائكة أخبرته بما جرى لمسجده ففرح..وأخيرًا جلسنا فى مكان إلى جوار النائمات. وكان الوقت عصرًا.
      المهم أننى وسط اندهاشى وتعجبى لما أرى لاحظَت سيدة - كانت لم تنم بعد -  أننى مندهشة فقالت: أنتِ مصرية أليس كذلك ؟ قلت: نعم. قالت: وأنا أيضًا ، أصل المصريين بيعرفوا بعض..قلت: يعنى احنا بلديات. وبدأت أتثاءب فأشفقت علىَّ وقالت:"أراكِ تريدين النوم". قلت: فعلا أنا لم أنم منذ البارحة. فقالت: إذن نامى. فنظرت إليها باستنكار وقلت:أنام هنا فى المسجد ؟ قالت:وما العيب فى ذلك هل تخجلين ؟ قلت: طبعًا أنا لم أتعود أن أنام أمام أحد. فقالت:ألا ترين أن المسجد كله نيام ؟ وبعدين كلنا نساء لا يوجد بيننا رجال فلتأخذى قسطًا من الراحة يا عزيزتى ، أنا عندما جئت لأول مرة كنت مثلك ولكن بعد ذلك تعودت على النوم فى المسجد. ثم أخذت حقيبتى وقالت: ضعى حقيبتك تحت رأسك هكذا كأنها مخدة وتصبحين على خير.

      والحق أنى كنت أشعر بحرج شديد وحياء لكن الإرهاق والتعب دفعانى دفعًا إلى النوم فاستلقيت على الأرض ووضعت رأسى فوق حقيبتى ثم نمت..وكنت أشعر بتخطى الناس فوق عنقى وجسدى وأخيرًا استيقظت قبل أذان المغرب بساعة وقد أثرت الحقيبة فى خدى وظهرت آثار النوم على وجهى ، فأخذت ألتفت حولى وأتفقد الوجوه فإذا بتلك الفتاة تبتسم لى وتقول: صح النوم. وإذا بالسيدات إلى جوارى يبتسمن لى وتقول لى إحداهن: أما أنتِ فقد استيقظتِ وأما أنا فقد جاء دورى لأنام. وأدركت أن نومى على جنبى قد أفسد وضوئى وعلىَّ أن أتوضأ فقلت لخالتى فخافت أن أتوه منها فقالت: سوف آتى معك ، فقالت الفتاة دعيها تذهب وحدها ، المكان هنا أمان فقلت لها: لن أتأخر سوف أعود بعد قليل وذهبت معى خالتى إلى الحمام الذى كان خارج المسجد ووجدته مكتظًا بالنساء وتوضأت بصعوبة وسط هذا الحشد الهائل من السيدات من مختلف الجنسيات. وحين خرجت شعرت بأنى خرجت لتوى من مشاجرة فقد ابتلت ملابسى وساء هندامى ولم نستطع العودة إلى مكاننا لأن المسجد متعدد الأبواب فبقينا فى الساحة ثم قالت لى خالتى: ألم أقل لكِ أنك ستتوهين إن لم أصطحبك !
        ووجدنا فتاة تقول لنا: سفرة حاجة ؟! أى افطرى معنا على سفرتنا يا حاجة.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة ،،،،،
                                                                    نرمين كحيلة  

ليست هناك تعليقات: